11 أكتوبر 2024
الجزائر.. صراع تربوي أم معركة هوية؟
لا يمكن لأي مراقب للساحة السياسية والاجتماعية في الجزائر إلا الاهتمام بما يجري على مستوى الصراع لإصلاح المنظومة التربوية، وما يوازي ذلك من أزمات متكرّرة، عامًا بعد عام، بمطالب ترفع تناسب متغيراتٍ ظاهرها الأوضاع الاجتماعية والمهنية للمعلمين، وباطنها صراع هوية محتدم بين فريقين، يدعو كل منهما إلى مشروع مجتمع محدّد المعالم، ويتجه إلى تبني مضمون تعليم معين دون غيره، وبأداة لغوية، مع ما يكتنف ذلك من الانتصار لتوجه ثقافي دون غيره.
تتجه الجزائر، هذه الأيام، إلى حسم صراع نقابي/ سياسي/ هوياتي، أبطاله المعلمون المضربون، منذ أسابيع لبعضهم، وأكثر من شهرين لآخرين، وهو الاتجاه الذي يتم اتخاذ قرارات فيه، من دون اتباع أساليب إدارة الأزمات الاجتماعية في الدول الحديثة، سواء من النقابات أو من وزارة التربية، وصاية القطاع، والتي تتربع على عرشها وزيرة قوية هي نورية بن غبريت.
يعيش القطاع التربوي والتعليمي، منذ سنوات، بل عقود، غليانا لا ينطفئ، فترة، حتى يعاود
الاشتعال، بخلفيات عديدة لمطالب كثيرة أساسها اجتماعي، وبقيادات نقابية قوية تتجه بالصراع، دوما، نحو الانسداد، وبانقطاع عن الدراسة أسابيع إلى حسن تلبية المطالب، أو تدخل وسطاء لفتح هوامش للمفاوضات مع الوصاية أو الحكومة، وهو ديكور هذا القطاع مع الإضرابات، رفقة قطاعات قوية أخرى، أهمها قطاع الصحة.
تشرف على تلك الإضرابات نقابات عديدة في بلدٍ لا يوجد فيه إلا نقابة واحدة رسمية، بفروع تغطي كل القطاعات الاجتماعية والاقتصادية. في هذا الإطار، يمكن الحديث عن قطاع يعد الوحيد الذي لا تسيطر عليه تلك النقابة الرسمية، ويعمل، منذ 1990، العام الذي أقر فيه قانون التعددية النقابية، على الإبقاء على ذلك المكسب، ما مكّنه من تحقيق إنجازات مطلبية عديدة للمنضوين تحت نقاباته العديدة، لكنها المتفقة، دوما، على التصعيد لتحقيق المطالب وإجبار الوصاية/ الحكومة على الإذعان لها.
تتصاعد الأزمة، خصوصا مع اتخاذ وزارة التربية قرارات العزل ضد المعلمين العديدين المضربين، وهو ما ينذر بتفاقم الوضع، مع استمرار الخطاب الرسمي (الوزير الأول، الوزيرة ثم رسالة الرئيس بمناسبة ذكرى تأميم المحروقات في 24 فبراير/شباط الماضي) في وصف الحراك النقابي بأنه فوضى، حينا، وبأنه حراكٌ تحرّكه أهداف مبطنة سياسية، حينا آخر، وهو ما يمكن اعتباره تجاهلا لحقيقة تلك المطالب، أو استسهالا للوضع، مع ما يحتمله من تداعيات على الامتحانات، سواء التي لها صلة بالدورة الثانية، المفروض أن تجري هذه الأيام (قبل العطلة الربيعية المقرّرة منتصف مارس/آذار المقبل) أو تلك المنتظرة في نهاية العام بالنسبة للأطوار التعليمية الثلاثة/ الابتدائي، المتوسط (الإعدادي) والثانوي (الثانوية العامة).
إذن، نحن أمام غليان اجتماعي وانسداد من الطرفين، حيث قررت الوزارة المرور إلى مرحلة التصعيد الكبرى، بالعزل للمضربين (على الرغم من أن قرار العدالة الذي حظر الإضراب لم يضع هذا الإجراء مخرجا لوقف الاحتجاج)، في حين مرت النقابات إلى تصعيد للإضراب باتخاذ إجراءين: الإعلان عن إمكانية مقاطعة الامتحانات (الدورة الثانية)، والإعلان عن الدخول، بعد العودة من العطلة الربيعية، في إضراب عام غير محدود.
لا يمكن أن يتحدد الحديث عن الحسم، هنا، إلا بمعرفة فاعلي الإضراب (الوزارة من ناحية، والنقابات من ناحية أخرى)، وهو الأمر الذي يؤدي إلى التساؤل عن الجهات التي يمكن أن تتدخل لوقف التصعيد، ولإقرار خريطة طريق، للخروج من الأزمة، من خلال التأثير على الجانبين. ومما يعرف عن إدارة الأزمات الاجتماعية في الجزائر، يمكن التوصل إلى سيناريو حسم بمشهدين، لا ثالث لهما. يشير الأول إلى تدخل وسطاء من الجهتين، لفتح هامش تفاوضي بمؤشر مشجع، هو إمكانية إجراء امتحانات الدورة الثانية (عدم تطبيق قرارات العزل، حتى يتمكن التلاميذ من دخول الامتحانات بمرافقة معلميهم)، والحديث عن إضراب عام، لكن، بعد العطلة الربيعية، أي بعد حوالي الشهر، ما يعني استعداد النقابات لوقف التصعيد وانتظار اقتراحات الطرف الآخر، بضماناتٍ مصدرها الرئاسة.
أما المشهد الثاني لسيناريو الإدارة المستقبلية لهذه الأزمة، فهو يشير إلى تصعيد بتداعياتٍ لا يمكن تحمّلها من الطرفين، الوزارة والنقابات، وهو ما أدى إلى تسريب أخبارٍ عن تغيير حكومي وشيك، يشمل وزارتي التربية والمالية (مصدران للتصعيد مع النقابات، ولإقرار التقشف الذي يمنع من تجسيد مطالب النقابات خاصة المالية منها)، بعد رسالة الرئيس المشار إليها أعلاه، إضافة إلى عدم إمكانية قبول سيناريو سنة بيضاء على المستوى التعليمي، خصوصا على بعد عام من الانتخابات الرئاسية في 2019.
وبشأن ما جاءت عليه المقالة، فإن مكامن الصراع في هذا الميدان بالذات، وهي ثلاثة، شكّلت خلفية الصراع المجتمعي الذي انطلق مع حراك أكتوبر/تشرين الأول 1988، والتعددية الحزبية، وانتهى إلى الانسداد الذي كانت العشرية السوداء، بمآسيها، نتيجة له. كان وزير سابق للتربية والتعليم، هو علي بن محمد، قد قال في مقابلة مع قناة الجزيرة، إن الصراع المجتمعي في الجزائر، في ثمانينيات القرن الماضي، انتهى بإقرار توجّهاتٍ، قال عنها إنها معاكسة لمنظومة هوياتية، وبأداة لغة بذاتها، لخصت صراع نخبتين، المعربة والمفرنسة، حيث يشكل الصراع الحالي، وفق تحليلات، اجترارا للإشكاليات نفسها زادها حدة، الآن، توفر وسائل الاتصال الاجتماعي.
هل يعود الأمر، الآن، وفق ذلك المنظور، إلى الإشكاليات نفسها، أم ثمة إشكالات أخرى تبرز، لا يمكن للغة، الهوية أو ما يطلق عليه مشروع مجتمع، أن تكون أسبابا لاستمرار الصراع، أو تجدده، فترة بعد فترة؟ يمكن تقديم الإجابة هنا، من خلال مقاربتين، تتعلق الأولى، منهما، بالأوضاع المالية للبلاد، والتي أثرت على القدرة الشرائية لكل فئات المجتمع، إضافة إلى سياق أزمةٍ يقال إنها ستستمر أعواما مقبلة، مع ما يكتنفها من احتمال رفع الدعم عن حاجيات المجتمع اليومية (الحليب والخبز والبنزين، خصوصا)، من ناحية، واستمرار تدهور قيمة الدينار (فقد قرابة 30% من قيمته منذ ثلاث سنوات)، وهو ما اعتبر تعويما هادئا للعملة الوطنية.
أما المقاربة الثانية فلها صلة بالإشكالات المشار إليها، خصوصاً مع استمرار قطار الإصلاحات وتوجهها نحو إقرار منظومة تربوية في جيلها الثاني، قيل عنها الكثير، وأشيع أنها تمت في
ظروفٍ شكلت، هي نفسها، فارقا كبيرا، في إطلاق شرارة خلفية هذه الإضرابات في قطاعٍ يعتبر مفصليا، حيث هو مصدر التنشئة واكتساب قيم يريدها بعضهم متوجهة نحو العصرنة، وما يضادها، طبعا، من قيم قيل إنها المسؤولة عن العشرية السوداء، في حين، أن ثمة طرفا آخر يريدها، فيما قال عنها إنها منتمية إلى الهوية وتنشئة الأجيال على جزئيات تلك الهوية دون غيرها.
ينظر إلى الصراع، أيضا، من خلال المستوى اللغوي، حيث يحتدم الصراع، لأن ثمّة توجهين لتحميل اللغة (فرنسية أم عربية) قيما يقال عن الأولى تقدمية وعن الأخرى رجعية ومؤدية إلى "أفغنة" الجزائر و/أو إعادة إنتاج الأسباب نفسها لاندلاع صراع العشرية الدموي في البلاد.
ختامًا، تحتاج إدارة الأزمات إلى معرفة حقيقية بأسباب الصراع وخلفياته، كما تحتاج، من ناحية ثانية، إلى نخبة يوثق في صرامتها ومستواها في تقديم خدمات الوساطة من تقييم للمطالب، وإيجاد أرضية تفاهم واقتراح شكل الحل ومضمونه، منعا من الوصول إلى الانسداد وقطع الطريق، في الوقت نفسه، عن الاستقطاب الذي قد يؤدي إلى الانزلاق ومآلاته التي يعرفها الجزائريون، ويخرصون على لفظها ورفضها من البقاء ماثلة في ذاكرتهم الجماعية.
بالنسبة للمنظومة التربوية، الاقتراح الذي راج في السابق وحاليا هو عرض العملية الإصلاحية على لجانٍ يشرف عليها عارفون بالقطاع ورهاناته المعرفية، الهوياتية والاقتصادية، باعتبار أن المدرسة منتجة للكفاءات، من خلال أطوار التعليم المختلفة من الروضة إلى الجامعة.
نتمنّى حلا لهذا الصراع، وإدارته بروح براغماتية من دون تسييس، كما نتمنى أن يكون من خلال قائمة المطالب، مقدمة للانتباه، من السلطة، إلى حيوية التفكير في سياسةٍ عامةٍ، تضمن للبلاد الانطلاق، من الآن، في بناء مشروع دولة حقيقية بحقوق وكرامة للجميع، بخلفيات مصلحة البلاد، وحفاظا على مستقبلها، فقط.
تتجه الجزائر، هذه الأيام، إلى حسم صراع نقابي/ سياسي/ هوياتي، أبطاله المعلمون المضربون، منذ أسابيع لبعضهم، وأكثر من شهرين لآخرين، وهو الاتجاه الذي يتم اتخاذ قرارات فيه، من دون اتباع أساليب إدارة الأزمات الاجتماعية في الدول الحديثة، سواء من النقابات أو من وزارة التربية، وصاية القطاع، والتي تتربع على عرشها وزيرة قوية هي نورية بن غبريت.
يعيش القطاع التربوي والتعليمي، منذ سنوات، بل عقود، غليانا لا ينطفئ، فترة، حتى يعاود
تشرف على تلك الإضرابات نقابات عديدة في بلدٍ لا يوجد فيه إلا نقابة واحدة رسمية، بفروع تغطي كل القطاعات الاجتماعية والاقتصادية. في هذا الإطار، يمكن الحديث عن قطاع يعد الوحيد الذي لا تسيطر عليه تلك النقابة الرسمية، ويعمل، منذ 1990، العام الذي أقر فيه قانون التعددية النقابية، على الإبقاء على ذلك المكسب، ما مكّنه من تحقيق إنجازات مطلبية عديدة للمنضوين تحت نقاباته العديدة، لكنها المتفقة، دوما، على التصعيد لتحقيق المطالب وإجبار الوصاية/ الحكومة على الإذعان لها.
تتصاعد الأزمة، خصوصا مع اتخاذ وزارة التربية قرارات العزل ضد المعلمين العديدين المضربين، وهو ما ينذر بتفاقم الوضع، مع استمرار الخطاب الرسمي (الوزير الأول، الوزيرة ثم رسالة الرئيس بمناسبة ذكرى تأميم المحروقات في 24 فبراير/شباط الماضي) في وصف الحراك النقابي بأنه فوضى، حينا، وبأنه حراكٌ تحرّكه أهداف مبطنة سياسية، حينا آخر، وهو ما يمكن اعتباره تجاهلا لحقيقة تلك المطالب، أو استسهالا للوضع، مع ما يحتمله من تداعيات على الامتحانات، سواء التي لها صلة بالدورة الثانية، المفروض أن تجري هذه الأيام (قبل العطلة الربيعية المقرّرة منتصف مارس/آذار المقبل) أو تلك المنتظرة في نهاية العام بالنسبة للأطوار التعليمية الثلاثة/ الابتدائي، المتوسط (الإعدادي) والثانوي (الثانوية العامة).
إذن، نحن أمام غليان اجتماعي وانسداد من الطرفين، حيث قررت الوزارة المرور إلى مرحلة التصعيد الكبرى، بالعزل للمضربين (على الرغم من أن قرار العدالة الذي حظر الإضراب لم يضع هذا الإجراء مخرجا لوقف الاحتجاج)، في حين مرت النقابات إلى تصعيد للإضراب باتخاذ إجراءين: الإعلان عن إمكانية مقاطعة الامتحانات (الدورة الثانية)، والإعلان عن الدخول، بعد العودة من العطلة الربيعية، في إضراب عام غير محدود.
لا يمكن أن يتحدد الحديث عن الحسم، هنا، إلا بمعرفة فاعلي الإضراب (الوزارة من ناحية، والنقابات من ناحية أخرى)، وهو الأمر الذي يؤدي إلى التساؤل عن الجهات التي يمكن أن تتدخل لوقف التصعيد، ولإقرار خريطة طريق، للخروج من الأزمة، من خلال التأثير على الجانبين. ومما يعرف عن إدارة الأزمات الاجتماعية في الجزائر، يمكن التوصل إلى سيناريو حسم بمشهدين، لا ثالث لهما. يشير الأول إلى تدخل وسطاء من الجهتين، لفتح هامش تفاوضي بمؤشر مشجع، هو إمكانية إجراء امتحانات الدورة الثانية (عدم تطبيق قرارات العزل، حتى يتمكن التلاميذ من دخول الامتحانات بمرافقة معلميهم)، والحديث عن إضراب عام، لكن، بعد العطلة الربيعية، أي بعد حوالي الشهر، ما يعني استعداد النقابات لوقف التصعيد وانتظار اقتراحات الطرف الآخر، بضماناتٍ مصدرها الرئاسة.
أما المشهد الثاني لسيناريو الإدارة المستقبلية لهذه الأزمة، فهو يشير إلى تصعيد بتداعياتٍ لا يمكن تحمّلها من الطرفين، الوزارة والنقابات، وهو ما أدى إلى تسريب أخبارٍ عن تغيير حكومي وشيك، يشمل وزارتي التربية والمالية (مصدران للتصعيد مع النقابات، ولإقرار التقشف الذي يمنع من تجسيد مطالب النقابات خاصة المالية منها)، بعد رسالة الرئيس المشار إليها أعلاه، إضافة إلى عدم إمكانية قبول سيناريو سنة بيضاء على المستوى التعليمي، خصوصا على بعد عام من الانتخابات الرئاسية في 2019.
وبشأن ما جاءت عليه المقالة، فإن مكامن الصراع في هذا الميدان بالذات، وهي ثلاثة، شكّلت خلفية الصراع المجتمعي الذي انطلق مع حراك أكتوبر/تشرين الأول 1988، والتعددية الحزبية، وانتهى إلى الانسداد الذي كانت العشرية السوداء، بمآسيها، نتيجة له. كان وزير سابق للتربية والتعليم، هو علي بن محمد، قد قال في مقابلة مع قناة الجزيرة، إن الصراع المجتمعي في الجزائر، في ثمانينيات القرن الماضي، انتهى بإقرار توجّهاتٍ، قال عنها إنها معاكسة لمنظومة هوياتية، وبأداة لغة بذاتها، لخصت صراع نخبتين، المعربة والمفرنسة، حيث يشكل الصراع الحالي، وفق تحليلات، اجترارا للإشكاليات نفسها زادها حدة، الآن، توفر وسائل الاتصال الاجتماعي.
هل يعود الأمر، الآن، وفق ذلك المنظور، إلى الإشكاليات نفسها، أم ثمة إشكالات أخرى تبرز، لا يمكن للغة، الهوية أو ما يطلق عليه مشروع مجتمع، أن تكون أسبابا لاستمرار الصراع، أو تجدده، فترة بعد فترة؟ يمكن تقديم الإجابة هنا، من خلال مقاربتين، تتعلق الأولى، منهما، بالأوضاع المالية للبلاد، والتي أثرت على القدرة الشرائية لكل فئات المجتمع، إضافة إلى سياق أزمةٍ يقال إنها ستستمر أعواما مقبلة، مع ما يكتنفها من احتمال رفع الدعم عن حاجيات المجتمع اليومية (الحليب والخبز والبنزين، خصوصا)، من ناحية، واستمرار تدهور قيمة الدينار (فقد قرابة 30% من قيمته منذ ثلاث سنوات)، وهو ما اعتبر تعويما هادئا للعملة الوطنية.
أما المقاربة الثانية فلها صلة بالإشكالات المشار إليها، خصوصاً مع استمرار قطار الإصلاحات وتوجهها نحو إقرار منظومة تربوية في جيلها الثاني، قيل عنها الكثير، وأشيع أنها تمت في
ينظر إلى الصراع، أيضا، من خلال المستوى اللغوي، حيث يحتدم الصراع، لأن ثمّة توجهين لتحميل اللغة (فرنسية أم عربية) قيما يقال عن الأولى تقدمية وعن الأخرى رجعية ومؤدية إلى "أفغنة" الجزائر و/أو إعادة إنتاج الأسباب نفسها لاندلاع صراع العشرية الدموي في البلاد.
ختامًا، تحتاج إدارة الأزمات إلى معرفة حقيقية بأسباب الصراع وخلفياته، كما تحتاج، من ناحية ثانية، إلى نخبة يوثق في صرامتها ومستواها في تقديم خدمات الوساطة من تقييم للمطالب، وإيجاد أرضية تفاهم واقتراح شكل الحل ومضمونه، منعا من الوصول إلى الانسداد وقطع الطريق، في الوقت نفسه، عن الاستقطاب الذي قد يؤدي إلى الانزلاق ومآلاته التي يعرفها الجزائريون، ويخرصون على لفظها ورفضها من البقاء ماثلة في ذاكرتهم الجماعية.
بالنسبة للمنظومة التربوية، الاقتراح الذي راج في السابق وحاليا هو عرض العملية الإصلاحية على لجانٍ يشرف عليها عارفون بالقطاع ورهاناته المعرفية، الهوياتية والاقتصادية، باعتبار أن المدرسة منتجة للكفاءات، من خلال أطوار التعليم المختلفة من الروضة إلى الجامعة.
نتمنّى حلا لهذا الصراع، وإدارته بروح براغماتية من دون تسييس، كما نتمنى أن يكون من خلال قائمة المطالب، مقدمة للانتباه، من السلطة، إلى حيوية التفكير في سياسةٍ عامةٍ، تضمن للبلاد الانطلاق، من الآن، في بناء مشروع دولة حقيقية بحقوق وكرامة للجميع، بخلفيات مصلحة البلاد، وحفاظا على مستقبلها، فقط.