01 نوفمبر 2024
مصر.. الجماعة الوطنية في خطر
في ختام المقالات التي تتعلق بالزلازل التي أصابت مصر، زلزال الثورة، وزلزال الانقلاب وزلزال "رابعة العدوية"، مازالت التوابع تأتي من هنا أو هناك، في ظل المنظومة الانقلابية التي تبنت استراتيجيات تضرّ بالوطن والجماعة الوطنية وتضربها في مقتل، من نظام "3 يوليو" الذي يفعل كل شيء باسم الوطنية، وهو يهدم الوطن في الصميم، ويحرّك كل عناصر الفرقة فيه، ويمهد الطريق إلى اقتتال أهلي، لا يعرف مداه ولا تتوقع مآلاته. يتحرّك هذا النظام فاعلا ذلك كله، تحت عناوين شتى من محاربة الإرهاب المحتمل، ومن صناعة الكراهية، ومن عمليات تحريضٍ شاملةٍ من جانب إعلام الإفك الذي يحاول، من كل طريق، أن يصدر كل أشكال الانتقام من بعض الشعب الذي يمثل مقاومةً حقيقيةً لهذا النظام الاستبدادي الفاشي الذي يعد أهم وجوه الدولة البوليسية، في ظل حكم العسكر وهيمنتهم.
تأتي تلك الحوادث التي مرت على مصر، في يوم الأحد الدامي 9/4/2017، لتعبّر عن حالة شديدة الخطورة في إطار هذه التفجيرات التي حدثت في كنيستين مصريتين في محافظتي الغربية والإسكندرية، وزادت الصور المتداولة للجثث والأشلاء والدماء داخل الكنيستين المستهدفتين، وخارجهما لتعبر عن حالةٍ، مع استمرارها، تشكل جرس إنذار من أن الوطن وجماعته الوطنية في خطر، وأن صناعة الكراهية التي احترفها نظام "3 يوليو" ليبرّر القتل والقنص والاختطاف القسري والتعذيب حتى الموت والموت البطيء، وكل هذه الصنوف من القتل، وما صاحبها من اعتقالاتٍ واسعةٍ ومطارداتٍ أوسع، فشكل ذلك صدعا كبيرا في الجماعة الوطنية، وشرخا كبيرا من الصعب التئامه، وبدت هذه الأمور كلها في ممارساتٍ استبداديةٍ فاشيةٍ، حتى تصل إلى حصار قرى وهدم منازل وتصفيات جسدية واختطافات قسرية. ويشكل مشهد قرية البصارطة، على سبيل المثال، حالة لا يمكن السكوت عليها، حينما يمارس هذا النظام إرهابا ممنهجا لكل معارضيه، وبأشكالٍ تفوق حتى الوسائل والأساليب التي يتبعها المحتل الغاصب، متمثلا في الكيان الصهيوني.
وقبل ذلك، تأتي أخبار بقتل جنود واستهداف مدنيين في سيناء التي أصبحت مسرحا للقتل
اليومي المستمر، وردود أفعالٍ تجعل من أهالي سيناء الضحية الكبرى في هذا المقام، وتحدث تصفيات جسدية من غير حساب، وتهديم منازل وتهجير قسري، ويؤدي ذلك كله إلى حنق الأهالي وغضبهم، وتتواصل العمليات في قنص الجنود، وبيان مدى عجزهم وهوانهم. كل تلك المشاهد التي تأتي من سيناء إنما تعبّر عن "مَقتَلةٍ" لا يعرف بأي حال لماذا يسقط هؤلاء قتلى؟!، ولماذا تصير سيناء مستباحةً من تنظيم داعش، ومن طائرات إسرائيل الزنانة (بدون طيار) التي تدخل لتقتل من غير أي رادع وتحركات ضد أهل سيناء في أشكال عقاب جماعية، تستهدف حياتهم، وتستخف بمعاشهم، ويصل الأمر إلى استهداف أرواحهم، فيجعل من سيناء واحدةً من مناطق الغضب والاشتعال، تتحوّل فيه إلى مَقتَلةٍ لا يعرف لها من نهاية.
يأتي المنقلب، على الرغم من كل هذه المشاهد، ليخرج علينا بخطاباته التافهة المكرّرة، يحاول فيها أن يصنع إنجازا زائفا وانتصارا كاذبا، ويشير إلى أنه ماضٍ في مقاومة الإرهاب، وعلى الجميع أن يضحّي ويتحمل. وفي حقيقة الأمر، من يتحمل كل هذا الثمن وهذه الأعباء ليسوا إلا أهل مصر "الغلابة" الذين يقعون صرعى بين شقي رحى، استهداف "داعش" واستهداف المستبد، كلاهما يتغذيان من بعضهما بعضا، الاستبداد يغذّي العنف، والعنف يغذّي الاستبداد، تلك المعادلة التي اصطنعها هذا النظام إنما تشكل، في غاية الأمر، أخطر حالةٍ تستهدف الوطن بأسره، كما تستهدف جماعته الوطنية.
في حقيقة الأمر، لا تزال الزلازل والتوابع التي أشرنا إليها تعبث بشأن الجماعة الوطنية وقدراتها، وتحاول من كل طريق أن تشتت عناصرها، وأن تزرع الشقاق بين مكوناتها. يبدأ الأمر بصناعة كراهية، ويمر بمحاولات إثارة الملف الطائفي فيما تسمى الفتنة الطائفية، وينتهي إلى حالة الفرقة التي يصطنعها بين كل هؤلاء الذين يشكلون المواطنة على امتداد هذا الوطن، يشن حملات تأديبية على صعيد مصر، ويستهدف كل هذه المحافظات مرة بمحاصرتها، وتارة أخرى بوضعها موضع الاتهام. ويشكل بيان وزارة الداخلية المصرية أخيرا استهدافا لصعيد مصر في هذا المقام.
ومن صور هنا وهناك تجعل من خطابٍ يقوم على التخوين وعلى التكفير، ويقوم على اتهاماتٍ ظالمةٍ وملفقة، تبدو الجماعة الوطنية مفترسةً من فيروس الاستقطاب الذي تمكّن منها، ويحقق هدفه في متوالية تفكيكها. يقوم بذلك النظام المستبد من خلال إعلام إفكه وزيف خطابه وسوء عمله وسياسات استبداده وطغيانه. ومن هنا، من الضروري أن أذكر أن صمت بعضنا عن مظالم بعض المصريين أتى في النهاية بمظالم للجميع. صار الشعب هو الضحية، وصار الوطن في خطر، وصارت الجماعة الوطنية مستهدفةً في الصميم. يجري ذلك كله، ولم نقدم عملا يحقق ذلك التماسك في مواجهة المستبد الفاشي، بل من المؤسف أن ينصرف كل هؤلاء إلى تحطيم ما تبقى من شبكة العلاقات الاجتماعية في الوطن، فيسب هؤلاء بعضهم بعضا، ولا يبقون من نقيصةٍ أو هجاء، إلا ورموا بعضهم بعضاً به، وبدت تلك اللغة الاتهامية المتبادلة طريقا إلى زراعة الكراهية وصناعة الانتقام، وبدت الذاكرة تتحرّك ضمن هذه الأمراض الجماعية المزمنة التي تتحول فيها الهواجس إلى وساوس وهلاوس مجتمعية، تؤدي إلى مسائل خطيرة في علاقات الجميع، وفي تماسك المجتمع.
تبدو كل هذه الأمور، ومن توابع زلزالية، يقترن بعضها بمنظومة الاستبداد التي أعلنت في
نهاية كتابها الاستبدادي الفاشي حالة الطوارئ من جديد. صحيح أن حالة الطوارئ كانت تمارس يومياً من اعتقالات تلفيقية، ومن اختطافات قسرية، ومن تصفيات جسدية، إلا أن أخطر الأشياء أن يتحول ذلك إلى قانون، فيلغي كل قانون، وأن تتحول حياة الناس إلى أن تكون رهنا بتجريم مهما كانت الأفعال قليلة، ومهما أدى ذلك إلى استهداف أغلبية المجتمع، وتتحول مصر، في النهاية، إلى مجرد سجن كبير، ويطارد ويذهب إلى منفاه من يذهب.
وتظل كل هذه الأمور تعبر عن حالة الخطر الشديد التي طاولت المجتمع والوطن، والشعب بكل تكويناته وبكل تياراته وبكل تصنيفاته، وتحولت أدوات الحماية لهذا الشعب إلى أدوات تطعن فيه، وتمارس أقسى ما عندها في النيل من هذا الشعب، ترويعا وتفزيعا. ويقوم هذا النظام الفاشي بما يهوى من بيع بعض أراضي الوطن وثرواته ومقدراته وموارده. ولسان حال المنقلب يقول تصريحا وتلميحا "محدش يتكلم في المواضيع دي تاني". هكذا تأتي الطوارئ لتتوج أعمال هذا النظام بكل صوره وبكل أشكاله، ليؤسس لكل ما يؤدي إلى إفشال تماسك الجماعة الوطنية وتهديده، لا يقتصر في ذلك على ملف طائفي، بل هو يستهدف الشعب بأسره، ويستغل في كل هذه الملفات كلمته الشفرية "محاربة الإرهاب"، وتسانده وتدعمه في ذلك قوى دولية وإقليمية.
إذا كانت كل هذه التوابع تأتي من هذا النظام الفاشي، وصار الوطن والشعب في خطر في أرضه وناسه، فماذا يمكن أن نفعل؟ إذا استهدفت الجماعة الوطنية في كل عقدها ومفاصلها التي تقوّي من تماسكها، فماذا يمكن أن نفعل؟ إذا بيعت أرض الوطن، وكل ما يتعلق بموارده وأهم أسباب حياته التي تتمثل في المياه والغاز، فماذا يمكن أن نفعل؟ إذا كان إعدام المعدومين، وهذا العمل الممنهج في عملية إفقار ممتدة ومتعمدة، فماذا يمكن أن نفعل؟ أيكون فعلنا بعد ذلك تخوين بعضنا بعضا، واستخدام أسوأ ما في الذاكرة لإحداث تفرقةٍ قاهرة؟ أم علينا أن نصطف اصطفافا نتداعى به وفيه لإنقاذ الوطن، هذه هي القوانين الأساسية لمواجهة التحديات، وكل مكامن الخطر.
تأتي تلك الحوادث التي مرت على مصر، في يوم الأحد الدامي 9/4/2017، لتعبّر عن حالة شديدة الخطورة في إطار هذه التفجيرات التي حدثت في كنيستين مصريتين في محافظتي الغربية والإسكندرية، وزادت الصور المتداولة للجثث والأشلاء والدماء داخل الكنيستين المستهدفتين، وخارجهما لتعبر عن حالةٍ، مع استمرارها، تشكل جرس إنذار من أن الوطن وجماعته الوطنية في خطر، وأن صناعة الكراهية التي احترفها نظام "3 يوليو" ليبرّر القتل والقنص والاختطاف القسري والتعذيب حتى الموت والموت البطيء، وكل هذه الصنوف من القتل، وما صاحبها من اعتقالاتٍ واسعةٍ ومطارداتٍ أوسع، فشكل ذلك صدعا كبيرا في الجماعة الوطنية، وشرخا كبيرا من الصعب التئامه، وبدت هذه الأمور كلها في ممارساتٍ استبداديةٍ فاشيةٍ، حتى تصل إلى حصار قرى وهدم منازل وتصفيات جسدية واختطافات قسرية. ويشكل مشهد قرية البصارطة، على سبيل المثال، حالة لا يمكن السكوت عليها، حينما يمارس هذا النظام إرهابا ممنهجا لكل معارضيه، وبأشكالٍ تفوق حتى الوسائل والأساليب التي يتبعها المحتل الغاصب، متمثلا في الكيان الصهيوني.
وقبل ذلك، تأتي أخبار بقتل جنود واستهداف مدنيين في سيناء التي أصبحت مسرحا للقتل
يأتي المنقلب، على الرغم من كل هذه المشاهد، ليخرج علينا بخطاباته التافهة المكرّرة، يحاول فيها أن يصنع إنجازا زائفا وانتصارا كاذبا، ويشير إلى أنه ماضٍ في مقاومة الإرهاب، وعلى الجميع أن يضحّي ويتحمل. وفي حقيقة الأمر، من يتحمل كل هذا الثمن وهذه الأعباء ليسوا إلا أهل مصر "الغلابة" الذين يقعون صرعى بين شقي رحى، استهداف "داعش" واستهداف المستبد، كلاهما يتغذيان من بعضهما بعضا، الاستبداد يغذّي العنف، والعنف يغذّي الاستبداد، تلك المعادلة التي اصطنعها هذا النظام إنما تشكل، في غاية الأمر، أخطر حالةٍ تستهدف الوطن بأسره، كما تستهدف جماعته الوطنية.
في حقيقة الأمر، لا تزال الزلازل والتوابع التي أشرنا إليها تعبث بشأن الجماعة الوطنية وقدراتها، وتحاول من كل طريق أن تشتت عناصرها، وأن تزرع الشقاق بين مكوناتها. يبدأ الأمر بصناعة كراهية، ويمر بمحاولات إثارة الملف الطائفي فيما تسمى الفتنة الطائفية، وينتهي إلى حالة الفرقة التي يصطنعها بين كل هؤلاء الذين يشكلون المواطنة على امتداد هذا الوطن، يشن حملات تأديبية على صعيد مصر، ويستهدف كل هذه المحافظات مرة بمحاصرتها، وتارة أخرى بوضعها موضع الاتهام. ويشكل بيان وزارة الداخلية المصرية أخيرا استهدافا لصعيد مصر في هذا المقام.
ومن صور هنا وهناك تجعل من خطابٍ يقوم على التخوين وعلى التكفير، ويقوم على اتهاماتٍ ظالمةٍ وملفقة، تبدو الجماعة الوطنية مفترسةً من فيروس الاستقطاب الذي تمكّن منها، ويحقق هدفه في متوالية تفكيكها. يقوم بذلك النظام المستبد من خلال إعلام إفكه وزيف خطابه وسوء عمله وسياسات استبداده وطغيانه. ومن هنا، من الضروري أن أذكر أن صمت بعضنا عن مظالم بعض المصريين أتى في النهاية بمظالم للجميع. صار الشعب هو الضحية، وصار الوطن في خطر، وصارت الجماعة الوطنية مستهدفةً في الصميم. يجري ذلك كله، ولم نقدم عملا يحقق ذلك التماسك في مواجهة المستبد الفاشي، بل من المؤسف أن ينصرف كل هؤلاء إلى تحطيم ما تبقى من شبكة العلاقات الاجتماعية في الوطن، فيسب هؤلاء بعضهم بعضا، ولا يبقون من نقيصةٍ أو هجاء، إلا ورموا بعضهم بعضاً به، وبدت تلك اللغة الاتهامية المتبادلة طريقا إلى زراعة الكراهية وصناعة الانتقام، وبدت الذاكرة تتحرّك ضمن هذه الأمراض الجماعية المزمنة التي تتحول فيها الهواجس إلى وساوس وهلاوس مجتمعية، تؤدي إلى مسائل خطيرة في علاقات الجميع، وفي تماسك المجتمع.
تبدو كل هذه الأمور، ومن توابع زلزالية، يقترن بعضها بمنظومة الاستبداد التي أعلنت في
وتظل كل هذه الأمور تعبر عن حالة الخطر الشديد التي طاولت المجتمع والوطن، والشعب بكل تكويناته وبكل تياراته وبكل تصنيفاته، وتحولت أدوات الحماية لهذا الشعب إلى أدوات تطعن فيه، وتمارس أقسى ما عندها في النيل من هذا الشعب، ترويعا وتفزيعا. ويقوم هذا النظام الفاشي بما يهوى من بيع بعض أراضي الوطن وثرواته ومقدراته وموارده. ولسان حال المنقلب يقول تصريحا وتلميحا "محدش يتكلم في المواضيع دي تاني". هكذا تأتي الطوارئ لتتوج أعمال هذا النظام بكل صوره وبكل أشكاله، ليؤسس لكل ما يؤدي إلى إفشال تماسك الجماعة الوطنية وتهديده، لا يقتصر في ذلك على ملف طائفي، بل هو يستهدف الشعب بأسره، ويستغل في كل هذه الملفات كلمته الشفرية "محاربة الإرهاب"، وتسانده وتدعمه في ذلك قوى دولية وإقليمية.
إذا كانت كل هذه التوابع تأتي من هذا النظام الفاشي، وصار الوطن والشعب في خطر في أرضه وناسه، فماذا يمكن أن نفعل؟ إذا استهدفت الجماعة الوطنية في كل عقدها ومفاصلها التي تقوّي من تماسكها، فماذا يمكن أن نفعل؟ إذا بيعت أرض الوطن، وكل ما يتعلق بموارده وأهم أسباب حياته التي تتمثل في المياه والغاز، فماذا يمكن أن نفعل؟ إذا كان إعدام المعدومين، وهذا العمل الممنهج في عملية إفقار ممتدة ومتعمدة، فماذا يمكن أن نفعل؟ أيكون فعلنا بعد ذلك تخوين بعضنا بعضا، واستخدام أسوأ ما في الذاكرة لإحداث تفرقةٍ قاهرة؟ أم علينا أن نصطف اصطفافا نتداعى به وفيه لإنقاذ الوطن، هذه هي القوانين الأساسية لمواجهة التحديات، وكل مكامن الخطر.