27 سبتمبر 2018
فلسطينيو سورية.. وحدة المصير والحال
أصبح وضع فلسطينيي سورية واضحاً، بعد ست سنوات من الثورة، حيث تشرّد كثيرون منهم كما الشعب السوري، وعانوا من الاعتقال والقتل والتدمير، مثل كل الشعب السوري، ليبدو أن لا فرق بينهم وبين الشعب السوري، فقد جرى اتهامهم، منذ بدء الثورة في درعا، أنهم وراء ما يجري، وتعرّضت المخيمات للقصف والتدمير. وفي كل ذلك عاملان:
الأول، يتمثل في أن الشباب الفلسطيني الذي ولد في سورية، ودرس في مدارسها وعانى من الاستبداد والاعتقال، ومن ضيق الحال، بعد انهيار الوضع الاقتصادي السوري، هذا الشباب كان ينطلق من أنه معني بالتغيير ككل الشباب السوري، فهو يعيش الظروف نفسها، ويعاني من الاستبداد نفسه. ولقد ولد وعاش هنا، وأصبح جزءاً من التكوين الاجتماعي القائم، ويتأثر به بشكل شديد. لهذا، كان من الطبيعي أن يكون مع الثورة، وأن يشارك فيها منذ البدء بلا تردّد. فهو، وإن كان يُحسب فلسطينياً انتماءً، ومعني بالعودة الى فلسطين، يعيش الظرف نفسه الذي فرض عليه كما كل الشعب السوري. يعاني من التدخلات الأمنية ومن الحصار والاعتقال، وكذلك من غياب فرص العمل، أي البطالة، ومن ضعف الدخل، وكل المشكلات التي أنتجها نمط اقتصادي ريعي مافياوي، تشكّل خلال ثلاثة عقود. وهو الوضع الذي جعله في مواجهة النظام، نتيجة وضعه المعيش. ولا شك أنه كان أكثر من يتلمس زيف خطاب النظام عن فلسطين، وقمعه كل تفكير يريد السعي إلى تحريرها، وكيف أنه فكك المقاومة الفلسطينية، وأخضع جزءاً كبيراً منها، ومنعها من ممارسة دورها التحريري. وبالتالي، لم يتأثر بالخطاب "القومجي" الذي كان يتكرّر حين الحاجة فقط.
لهذا كان الانخراط في الثورة أمراً "طبيعياً"، من دون التفات إلى خطاب زائف، يتكرّر حول
النظام "الممانع". كان وضعه المعيش يدفعه إلى الثورة، ككل السوريين، بلا تردّد، ولا تذكُّر أنه "من خارج البنية"، بالضبط لأنه جزءٌ من البنية التي تحكم المجتمع السوري. ولأنه أكثر من كشف خطاب النظام حول فلسطين، لأنه عانى نتيجة حلمه بفلسطين، فتعرّض شبابٌ كثيرون للاعتقال خلال العقود السابقة، بسبب فلسطين تحديداً. بالتالي، عانى بعد الثورة كل ما عاناه السوريون، الاعتقال وهناك آلاف الشباب في سجون النظام، والقتل في السجون كذلك، والحصار الشديد كما حدث لمخيم اليرموك، والتشريد بعد تدمير المخيمات.
العامل الثاني، اتهم النظام الفلسطينيين، منذ بدء الثورة في درعا، وفعل ذلك في اللاذقية، على أساس أن ما يجري هو "أفعال تخريب"، يقوم بها الفلسطينيون. لكن توضّح، خلال الثورة، أن النظام يعمل على تدمير المخيمات، واحداً تلو الآخر. بدأ بمخيم درعا، ثم ركّز على مخيم الرمل الجنوبي في اللاذقية، ثم مخيم حمص، وظهر الأمر بوضوح شديد في مخيم اليرموك، حيث حوصر وما زال، وجرى تهديم أجزاء مهمة منه، وما زال الأمر جارياً. لكن، ربما كان الأمر الذي يكشف أسباب ذلك هو حصار مخيم خان الشيح الذي لم يكن فيه مسلح واحد، ولا كان "متمرداً"، لكنه حوصر وجرى قصفه بالطائرات (السورية والروسية) والصواريخ.
بالتالي، إذا كان النظام قد منع فلسطينيي العراق من دخول سورية، وأبقاهم سنوات في صحراء التنف، إلى أن رُحّلوا إلى أميركا الجنوبية وكندا، على الرغم من أنه سمح بدخول أكثر من مليوني عراقي، فلا يمكن أن نفهم تركيزه على المخيمات، إلا انطلاقاً من التزامه بـ "القرار" الأميركي الصهيوني بترحيل كل اللاجئين الفلسطينيين القاطنين بلدان الطوق، بعيداً عنها. بمعنى أن النظام ينفّذ سياسة أميركية صهيونية، تريد ترحيل اللاجئين بعيداً. لهذا، قام بتدمير المخيمات، وفرض تهجير سكانها، ودفعهم إلى المغادرة خارج سورية، كي يموت كثيرون منهم في البحر.
لقد أدخل النظام عصاباتٍ تابعة له إلى مخيم اليرموك، تحت مسمى "الجيش الحر"، لكي
يحاصر المخيم الذي كان شبابه قد عملوا على تحييده، خصوصاً أنه بات يضم سوريين كثيرين من المناطق المحيطة التي تعرضت للقصف والتدمير، وقام بتسليح عصاباته الفلسطينية منذ بدء الثورة، وأوصل الأمر إلى إدخال جبهة النصرة و"داعش"، لنصل إلى تدمير واسع للمخيم، وتهجير معظم قاطنيه.
وإذا كانت تنظيمات فلسطينية قد دعمت النظام، وقاتلت معه وما تزال، فلأنها تابعة له، أو لأنها تخاف على مصالحها. ولهذا زجّت مئات الشباب الفلسطيني في حربٍ قذرة ضد الشعب السوري. وكان واضحاً الفراق بين الشباب الفلسطيني وكل التنظيمات الفلسطينية منذ بدء الثورة، ما دفع كثيرين منهم إلى ترك تنظيماتهم والانخراط في الثورة، فهذه التنظيمات تؤسس على مصالحها، وليس على مواقف مبدئية، وقد تنازلت عن معظم فلسطين نتيجة ذلك. ولا شك أن مواقفها انعكست بشكل سيئ على فهم ما يجري في سورية لدى قطاع من الشعب الفلسطيني الذي توهم أن المعركة هي ضد الأصولية والإرهاب، كما يكرّر خطاب النظام، أو أنها مؤامرة إمبريالية، كما يكرّر أتباعه، على الرغم من أن الصراع الواقعي يوضّح أن الأمر يتعلق بثورة شعبٍ ضد نظام نهّاب واستبدادي و"بيّاع"، فيما يتعلق بالمسألة الوطنية.
كل ذلك يعرفه شباب المخيمات، ولهذا كانوا مع الثورة. وهم يعرفون أن تحرير فلسطين يبدأ بتغيير النظم التي تكيفت مع الوجود الصهيوني، وباتت في تصالح أو تريد التصالح معه. ولسورية موقع حاسم في هذا السياق، حيث من أجل تحرير فلسطين نريد إسقاط النظام.
الأول، يتمثل في أن الشباب الفلسطيني الذي ولد في سورية، ودرس في مدارسها وعانى من الاستبداد والاعتقال، ومن ضيق الحال، بعد انهيار الوضع الاقتصادي السوري، هذا الشباب كان ينطلق من أنه معني بالتغيير ككل الشباب السوري، فهو يعيش الظروف نفسها، ويعاني من الاستبداد نفسه. ولقد ولد وعاش هنا، وأصبح جزءاً من التكوين الاجتماعي القائم، ويتأثر به بشكل شديد. لهذا، كان من الطبيعي أن يكون مع الثورة، وأن يشارك فيها منذ البدء بلا تردّد. فهو، وإن كان يُحسب فلسطينياً انتماءً، ومعني بالعودة الى فلسطين، يعيش الظرف نفسه الذي فرض عليه كما كل الشعب السوري. يعاني من التدخلات الأمنية ومن الحصار والاعتقال، وكذلك من غياب فرص العمل، أي البطالة، ومن ضعف الدخل، وكل المشكلات التي أنتجها نمط اقتصادي ريعي مافياوي، تشكّل خلال ثلاثة عقود. وهو الوضع الذي جعله في مواجهة النظام، نتيجة وضعه المعيش. ولا شك أنه كان أكثر من يتلمس زيف خطاب النظام عن فلسطين، وقمعه كل تفكير يريد السعي إلى تحريرها، وكيف أنه فكك المقاومة الفلسطينية، وأخضع جزءاً كبيراً منها، ومنعها من ممارسة دورها التحريري. وبالتالي، لم يتأثر بالخطاب "القومجي" الذي كان يتكرّر حين الحاجة فقط.
لهذا كان الانخراط في الثورة أمراً "طبيعياً"، من دون التفات إلى خطاب زائف، يتكرّر حول
العامل الثاني، اتهم النظام الفلسطينيين، منذ بدء الثورة في درعا، وفعل ذلك في اللاذقية، على أساس أن ما يجري هو "أفعال تخريب"، يقوم بها الفلسطينيون. لكن توضّح، خلال الثورة، أن النظام يعمل على تدمير المخيمات، واحداً تلو الآخر. بدأ بمخيم درعا، ثم ركّز على مخيم الرمل الجنوبي في اللاذقية، ثم مخيم حمص، وظهر الأمر بوضوح شديد في مخيم اليرموك، حيث حوصر وما زال، وجرى تهديم أجزاء مهمة منه، وما زال الأمر جارياً. لكن، ربما كان الأمر الذي يكشف أسباب ذلك هو حصار مخيم خان الشيح الذي لم يكن فيه مسلح واحد، ولا كان "متمرداً"، لكنه حوصر وجرى قصفه بالطائرات (السورية والروسية) والصواريخ.
بالتالي، إذا كان النظام قد منع فلسطينيي العراق من دخول سورية، وأبقاهم سنوات في صحراء التنف، إلى أن رُحّلوا إلى أميركا الجنوبية وكندا، على الرغم من أنه سمح بدخول أكثر من مليوني عراقي، فلا يمكن أن نفهم تركيزه على المخيمات، إلا انطلاقاً من التزامه بـ "القرار" الأميركي الصهيوني بترحيل كل اللاجئين الفلسطينيين القاطنين بلدان الطوق، بعيداً عنها. بمعنى أن النظام ينفّذ سياسة أميركية صهيونية، تريد ترحيل اللاجئين بعيداً. لهذا، قام بتدمير المخيمات، وفرض تهجير سكانها، ودفعهم إلى المغادرة خارج سورية، كي يموت كثيرون منهم في البحر.
لقد أدخل النظام عصاباتٍ تابعة له إلى مخيم اليرموك، تحت مسمى "الجيش الحر"، لكي
وإذا كانت تنظيمات فلسطينية قد دعمت النظام، وقاتلت معه وما تزال، فلأنها تابعة له، أو لأنها تخاف على مصالحها. ولهذا زجّت مئات الشباب الفلسطيني في حربٍ قذرة ضد الشعب السوري. وكان واضحاً الفراق بين الشباب الفلسطيني وكل التنظيمات الفلسطينية منذ بدء الثورة، ما دفع كثيرين منهم إلى ترك تنظيماتهم والانخراط في الثورة، فهذه التنظيمات تؤسس على مصالحها، وليس على مواقف مبدئية، وقد تنازلت عن معظم فلسطين نتيجة ذلك. ولا شك أن مواقفها انعكست بشكل سيئ على فهم ما يجري في سورية لدى قطاع من الشعب الفلسطيني الذي توهم أن المعركة هي ضد الأصولية والإرهاب، كما يكرّر خطاب النظام، أو أنها مؤامرة إمبريالية، كما يكرّر أتباعه، على الرغم من أن الصراع الواقعي يوضّح أن الأمر يتعلق بثورة شعبٍ ضد نظام نهّاب واستبدادي و"بيّاع"، فيما يتعلق بالمسألة الوطنية.
كل ذلك يعرفه شباب المخيمات، ولهذا كانوا مع الثورة. وهم يعرفون أن تحرير فلسطين يبدأ بتغيير النظم التي تكيفت مع الوجود الصهيوني، وباتت في تصالح أو تريد التصالح معه. ولسورية موقع حاسم في هذا السياق، حيث من أجل تحرير فلسطين نريد إسقاط النظام.