معاذ الخطيب وعصا الحل السحرية

20 اغسطس 2016
+ الخط -
ما إن تناقلت وسائل الإعلام الدولية إعلان خبر توّجه ميخائيل بوغدانوف، نائب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى الدوحة للقاء وفدٍ سوريٍ معارض، حتى تدفّق سيلٌ من التنبؤات والتوقعات حول هوية هذا الوفد المعارض وهوية أعضائه.
وأبدت الهيئة العليا للمفاوضات استغراباً على لسان المتحدث باسمها، رياض نعسان آغا، الذي نفى علم الهيئة بالمعارضة التي سيلتقيها بوغدانوف، لا بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين صرح إنّ الهيئة التي تعتبر طرفاً رئيسياً في التفاهمات الأميركية الروسية حول سورية لا علم لها بهذا اللقاء أصلاً، وغير معنية به!
ونفى الائتلاف الوطني إجراء أيّ ترتيباتٍ أو اتصالاتٍ للقاء مبعوث موسكو. إذن، إنّه الرجل صاحب الأفكار والمبادرات الفردية نوعاً ما، والتي لا تروق لقادة المعارضة السياسية وأطيافها في الخارج، غالباً، أحمد معاذ الخطيب.. قالها نُقّاد الخطيب ومعارضوه العتاة في الخارج، ورافق قولهم عُبابٌ من الذم والسبُاب له على ما اقترفت (وتستمر) يداه من خطواتٍ سياسية يرون فيها مجرد إذعانٍ أو استسلام للسياسة الإجرامية التي يتبعها النظام وحلفاؤه على أرض سورية، في سبيل إركاع السوريين وإجهاض ثورتهم، وتجنّب مطالبها.
يسأل المنتقدون الغاضبون عن الجهة التي خوّلت الخطيب التحدث والتفاوض باسم السوريين، وعن أحقيته بالسعي لإيقاف نزيف الدماء، معتبرين أنّ كلّ ما يفعله نفخ في إناء فارغ، ولا يتعدى أن يكون بيعاً للوهم، وأنّ أيّة لقاءات مع الروس هي عبثية، ولن يغيروا مواقفهم من النظام والثورة على السواء، مهما عقدت معهم من اجتماعات، أو نالوا من تطمينات تحفظ مصالحهم العسكرية والإستراتيجية في سورية.
هذه الأصوات بتقديري 80 % منها مقيمة في عواصم مختلفة من هذا العالم الآمن، قياساً على ما يشهده السوريون ليل نهار من هجمات صاروخية جوية ومعارك برية واقتتال بين النظام والمعارضة من جهة، وبين المعارضة والتنظيمات الإرهابية من جهة أخرى، كداعش وحزب الاتحاد الديمقراطي المدعوم أميركياً ليسقط ضحيتها يومياً عشرات، وربما مئات من الشهداء والجرحى، من دون أيّ مبادرات جادة توقف هذه الفاجعة التي يكيد أن يشيب السوريون بأكملهم لهولها، إن لم ينقرضوا، إذا استمر الحال على ما هو عليه لعشر سنوات قادمة، ربما..
على النقيض تماماً من هذه الهجمات التي يشنها خصوم الخطيب ومعارضوه، خرجت أصواتٌ عديدة تُقصف وتُحرق وتُباد في الداخل السوري على وسائل التواصل الاجتماعي، كونها المتنفس الأسرع لهم، ورحبّوا بمساعي الخطيب التي رأوا فيها بارقة أمل أو إشعاعة نورٍ تضيء دروب الحل القاتمة إلى حدٍ ما، وذلك لما يحظى به الرجل من قاعدةٍ شعبيةٍ، لا بأس بها في الداخل السوري، على الرغم من بعض كبواته (كونه بشر يخطئ ويصيب)، فضلاً عن التوافق الدولي الذي يحظى به منذ وقتٍ سابق بين زعماء الغرب، حينما برز أوّل رئيس للائتلاف الوطني، قبل أن يعلن استقالته وبعده عن التكتلات السورية المعارضة بمجملها، نظراً لاتساع الهوة بين رؤيته للحل التي يعتبرها الكثيرون رؤية فردية ورؤية معظم الأعضاء في تلك التكتلات.
هل يمسك الخطيب بعصا الحل السحرية، ويتجه بها إلى الداخل السوري المعذّب، بعد أن سُدت كل طرق الحل الذي يسلكها السوريون الذين يصبحون ويمسون على أمل إيجاد حلٍ يضمن مطالبهم، ويصون دماء من سبقوهم إلى الدار الآخرة في هذا الدرب المضني والطويل؟ أم ستستمر مبادرات ومساعي الخطيب وغيره إلى ما لا نهاية ويزداد الوضع تعقيداً وتشابكاً؟
سؤال يعجز عمالقة السياسة الإجابة عنه فعلاً.
ED428CB2-AF6C-432E-9317-87EBA42187BA
ED428CB2-AF6C-432E-9317-87EBA42187BA
لؤي عبد الهادي (سورية)
لؤي عبد الهادي (سورية)