الخليج وحشد إيران

22 يونيو 2016
+ الخط -
يواصل قادة مليشيات الحشد الشعبي العراقية، تهديداتهم للخليج، خصوصاً السعودية والبحرين. فبعد واثق البطاط، وأبو مهدي المهندس، وهادي العامري، وأوس الخفاجي، هذا هو أمين عام مليشيا عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، يدعو إلى استخدام العنف في البحرين والقطيف والإحساء، ويذكر بصريح العبارة أن مليشيات الحشد الشعبي مستعدة للمساعدة، وتضع التدخل في الخليج ضمن أولوياتها.
وهنا، لن نتحدث عن تصريحات قاسم سليماني، الداعية إلى ثورةٍ مسلحة في البحرين، وإنما عن تصريح لقائد الحرس الثوري السابق، العميد محسن رفيق دوست، الداعي إلى تحويل مليشيات الحشد الشعبي إلى حرس ثوري عراقي، على غرار الحرس الثوري الإيراني. وهنا، النسبة إلى ثورة الخميني، فلا ثورة في العراق بحاجة إلى حرس. وهنا يطرح تساؤل عن أجندة هذه المليشيات، والجواب يأتي مباشرةً من تصريحات قادته، أن دول الخليج أولوية، بعد صفاء الأجواء لهم في العراق.
ليست تهديدات إيران وحلفائها لدول الخليج العربي أمراً جديداً، فطهران تهدّد دول الخليج منذ بدايات ثورة الخميني، ولن تغفر لهذه الدول دعمها الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، لمواجهة مد ثورة الخميني الذي كان من المنتظر لها أن تجتاح المنطقة، لتفرض رؤيةً جديدةً على العالم الإسلامي، محورها ولاية الفقيه، الحاكم في طهران.
المخيف في التهديدات الإيرانية أنها تحولت إلى استراتيجية طويلة الأمد، وحققت طهران نجاحات في سبيلها، بينما لا يبدو أن دول الخليج تملك استراتيجيةً ممتدةً لمواجهة طهران، فكل ما يظهر على السطح هو ردود فعل، بالإضافة إلى ضماناتٍ أميركيةٍ بكبح جماح أي تهديداتٍ إيرانية مباشرة للخليج، من دون الحديث عن تهديدات أدوات إيران في المنطقة، كما قال الرئيس الأميركي، باراك أوباما، للقادة الخليجيين، في قمة كامب ديفيد، العام الماضي، لتسويق الاتفاق النووي مع إيران.
مدّت إيران نفوذها في المنطقة، عبر ثلاثة محاور رئيسية، فهي أولاً تبنت القضية الفلسطينية، ورفعت شعار دعمها، ومارسته في الحدود التي تخدم سياساتها ودعايتها. كما أنها رفعت راية "المظلومية" الشيعية في المنطقة، ونصبت نفسها ممثلاً للشيعة في العالم الإسلامي. وأخيراً، أنشأت مليشياتٍ تابعة لها في المنطقة، تحمل هموم إيران العقائدية والسياسية، وتفرض نفوذ "ولي الفقيه" بقوة السلاح، في العراق وسورية ولبنان، وكادت أن تفعل هذا في اليمن.
لا يبدو أن دول الخليج وضعت استراتيجيةً لمواجهة هذا المد الإيراني. فهي تأخرت في الدخول إلى العراق، بل دعمت الحكومة العراقية التي وفرت غطاء سياسياً لجرائم ارتكبتها مليشيات الحشد الشعبي الطائفية، كما يحدث، هذه الأيام، في الفلوجة. كما أنها تردّدت كثيراً في دعم الثورة السورية المسلحة، فالدعم جاء متردّداً، ومشتتاً، وخاضعا للفيتو الأميركي، من ناحية نوعية السلاح، وحجمه، والفصائل التي يمكن تزويدها به. ودعم الخليج سياساتٍ هشّة في لبنان واليمن، لم تؤدّ إلى أي نتيجةٍ تذكر في إبعاد الأول عن طهران، أو حفظ الثاني منها.
الأهم من هذا كله، أن بعض دول الخليج، ساعد إيران على تجاوز العقوبات الاقتصادية الدولية، قبل إقرار الاتفاقية النووية. وعندما تم اتخاذ موقف سياسي موحد وحاسم ضد إيران، مع قطع السعودية علاقتها الدبلوماسية مع طهران، بدا وكأن هذا القرار جاء متأخراً، بعد أن بدأ السياسيين الغربيين بالتوافد على طهران، لقطف ثمار الاتفاق النووي، وبعد أن فتحت إيران صفحة جديدة مع "الشيطان الأكبر".
لمواجهة النفوذ الإيراني، تحتاج دول الخليج إلى العمل على المحاور الثلاثة التي استخدمتها طهران لمد نفوذها في المنطقة، فهي بحاجة إلى توحيد الفلسطينيين، ودعم القضية الفلسطينية، باعتبارها قضيةً عربيةً محقة. كما أنها بحاجة لترسيخ إصلاحاتٍ سياسيةٍ ديمقراطية، ونظام يحفظ المساواة بين المواطنين، بحيث تحافظ دول الخليج على مكتسباتها التنموية. أما المحور الأخير، العسكري، فهو دعم الثورة السورية عسكرياً، والعمل على تصفية الأسد ونظامه، لضمان خروج دمشق من محور طهران – بغداد – بيروت، كبداية لمواجهة طهران ومليشياتها في المنطقة.
424F7B7C-113B-40E9-B0BD-EFA3B6791EB5
بدر الراشد

كاتب وصحافي سعودي