المغاربيون في المجتمع الفرنسي
جوزيف مولان (سورية)
وأنت في فرنسا، لا تحتاج دهاء كثيراً لتلاحظ النمط الغريب للعلاقة بين الجالية الجزائرية والفرنسيين. ليست تلك العداوة المبيتة، ولا ذاك الودّ المشترك، هي شيء آخر، مزيج من التحدي والتعايش، النقمة الممزوجة بالاندماج.
على الرغم من امتلاكهم الجنسية الفرنسية، يفتخر الجزائريون بامتلاكهم الجنسية الجزائرية فقط، فهم قلباً وروحاً ووجداناً جزائريون، أما الجنسية الفرنسية فلا تشكل بالنسبة لهم أكثر من وسيلة لقضاء حاجات. الحجة التي يقدمها الجيل الذي عاش تحت سطوة الاحتلال الفرنسي، وعانى الظلم، أنّه من حق الشعب الجزائري أن ينعم بخيرات فرنسا، كما سلبت خيراته، وتنعمت فيه 132عاماً، حيث كان الفرنسي يريد البقاء إلى الأبد في بلادهم، أما الجزائري فهو يريد العمل، والاستفادة من الخدمات بضعة سنين.
قد تكون هذه الحجة معقولة لأشخاصٍ، عايشوا مقاومة الاحتلال في الجزائر، لكنها لا تبدو معقولةً بشكل كافٍ للجيل الجديد الذي تربّى في فرنسا، وكانت الفرنسية لغته الأم، بل ولا يتحدث من العربية إلا بضع كلماتٍ، لها صلة بالدين والصلاة، لكنه، في الوقت نفسه، وارث للإرث نفسه من الشعور بالظلم والقهر تجاه الاستعمار الذي احتل بلاده، ولا يستطيع الاندماج والشعور بالمواطنة مع الشعب الفرنسي الذي تربّى ونشأ وتعلّم جنباً إلى جنب مع أبنائه.
تتعاظم المعضلةمن وجهة النظر الأخرى، حيث يخشى المجتمع الفرنسي، في غالبيته، من ظاهرة "الجاليات الأقلية" المنغلقة على نفسها، والتي ترفض الاندماج والذوبان في النسيج الفرنسي. وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ التيار الذي يرى من حالة التنوع الثقافي والاجتماعي حالة صحية في المجتمع أصبح ضعيفاً جداً، خصوصاً بعد ما شهدته مدن أوروبية من عمليات إرهابية، تبنتها جماعاتٌ تقدم نفسها على أنها إسلامية، ونفذها عرب مسلمون.
في كل مدينة فرنسية، هناك حي عربي يغلب عليه الطابع المغاربي. بالطبع، لم يحدث الأمر مصادفة، هو تخطيط مسبق من السياسة الفرنسية لمساعدة أولئك المغاربة على العزلة أكثر وأكثر، لن يكون الأمر مثيراً للاستهجان كثيراً، فالجاليات الكبيرة غالباً ما يكون لها حي خاص في البلاد الأجنبية التي تقطنها، لكن لو علمنا أنّ هذه الأحياء غير محمية تماماً من الشرطة الفرنسية، كأنها فعلياً واقعة على أرض غير فرنسية، هذا بالطبع ما يثير القلق من الجانب الفرنسي الشعبي.
من الصعب جداً الحصول على إحصائيات تتعلّق بالعرق أو الدين في فرنسا لأنّها بلد علماني ويحظر فيها تصنيف الناس حسب اثنيتهم أو معتقداتهم الروحانية، لكن من السهل أن نكتشف أنّ الغالبية العظمى من الفرنسيين ذوي الأصول المغاربية بالعموم يمتنعون عن التصويت في الانتخابات، لاعتقادهم أنّ هذا البلد لا يمت لهم بصلة من ناحية اختيار مرشح لن يمثلهم ولن يمثل دينهم ومعتقداتهم.
هناك قلّة من المغاربيين تشارك في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية، بل وتصل إلى مراتب عليا في وظائفها وأعمالها، وذلك بجهدها وموهبتها. ويحقق هؤلاء أجمل شكل للتنوع الثقافي داخل المجتمع الأوربي، لكنهم أقليةٌ، لا تشكل فرقاً أمام أكثرية ترفض أبسط مشاركة في الحياة العامة الفرنسية.
في السياسة، يخسر اليسار أصواتاً كثيرة قد ترفعه أمام اليمين العنصري، بسبب امتناع الغالبية العظمى من المغاربيين، وخصوصاً الجزائريين، عن التصويت، وكلنا يعلم عن صعود نجم اليمين في الآونة الأخيرة، باعتباره منقذ أوروبا من التطرف وتوطين الأجانب.
على الرغم مما سلف ذكره، هناك نوعٌ من "التوتر المستقر" بين الطرفين، في ظلّ السياسات الحالية في فرنسا. لكن، متى سيخرج هذا التوتر عن استقراره ويدخل في مرحلة القلق، لا أحد يعلم.
كما ولا يمكن التكهن بالموقف الذي سيتخذه اليمين المتطرف (لو قدّر له دخول الإليزيه) تجاه من يرفض الذوبان في المجتمع الفرنسي؟ وإلى أيّ شكل ستنتهي تلك العلاقة الغريبة المثيرة للقلق؟
على الرغم من امتلاكهم الجنسية الفرنسية، يفتخر الجزائريون بامتلاكهم الجنسية الجزائرية فقط، فهم قلباً وروحاً ووجداناً جزائريون، أما الجنسية الفرنسية فلا تشكل بالنسبة لهم أكثر من وسيلة لقضاء حاجات. الحجة التي يقدمها الجيل الذي عاش تحت سطوة الاحتلال الفرنسي، وعانى الظلم، أنّه من حق الشعب الجزائري أن ينعم بخيرات فرنسا، كما سلبت خيراته، وتنعمت فيه 132عاماً، حيث كان الفرنسي يريد البقاء إلى الأبد في بلادهم، أما الجزائري فهو يريد العمل، والاستفادة من الخدمات بضعة سنين.
قد تكون هذه الحجة معقولة لأشخاصٍ، عايشوا مقاومة الاحتلال في الجزائر، لكنها لا تبدو معقولةً بشكل كافٍ للجيل الجديد الذي تربّى في فرنسا، وكانت الفرنسية لغته الأم، بل ولا يتحدث من العربية إلا بضع كلماتٍ، لها صلة بالدين والصلاة، لكنه، في الوقت نفسه، وارث للإرث نفسه من الشعور بالظلم والقهر تجاه الاستعمار الذي احتل بلاده، ولا يستطيع الاندماج والشعور بالمواطنة مع الشعب الفرنسي الذي تربّى ونشأ وتعلّم جنباً إلى جنب مع أبنائه.
تتعاظم المعضلةمن وجهة النظر الأخرى، حيث يخشى المجتمع الفرنسي، في غالبيته، من ظاهرة "الجاليات الأقلية" المنغلقة على نفسها، والتي ترفض الاندماج والذوبان في النسيج الفرنسي. وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ التيار الذي يرى من حالة التنوع الثقافي والاجتماعي حالة صحية في المجتمع أصبح ضعيفاً جداً، خصوصاً بعد ما شهدته مدن أوروبية من عمليات إرهابية، تبنتها جماعاتٌ تقدم نفسها على أنها إسلامية، ونفذها عرب مسلمون.
في كل مدينة فرنسية، هناك حي عربي يغلب عليه الطابع المغاربي. بالطبع، لم يحدث الأمر مصادفة، هو تخطيط مسبق من السياسة الفرنسية لمساعدة أولئك المغاربة على العزلة أكثر وأكثر، لن يكون الأمر مثيراً للاستهجان كثيراً، فالجاليات الكبيرة غالباً ما يكون لها حي خاص في البلاد الأجنبية التي تقطنها، لكن لو علمنا أنّ هذه الأحياء غير محمية تماماً من الشرطة الفرنسية، كأنها فعلياً واقعة على أرض غير فرنسية، هذا بالطبع ما يثير القلق من الجانب الفرنسي الشعبي.
من الصعب جداً الحصول على إحصائيات تتعلّق بالعرق أو الدين في فرنسا لأنّها بلد علماني ويحظر فيها تصنيف الناس حسب اثنيتهم أو معتقداتهم الروحانية، لكن من السهل أن نكتشف أنّ الغالبية العظمى من الفرنسيين ذوي الأصول المغاربية بالعموم يمتنعون عن التصويت في الانتخابات، لاعتقادهم أنّ هذا البلد لا يمت لهم بصلة من ناحية اختيار مرشح لن يمثلهم ولن يمثل دينهم ومعتقداتهم.
هناك قلّة من المغاربيين تشارك في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية، بل وتصل إلى مراتب عليا في وظائفها وأعمالها، وذلك بجهدها وموهبتها. ويحقق هؤلاء أجمل شكل للتنوع الثقافي داخل المجتمع الأوربي، لكنهم أقليةٌ، لا تشكل فرقاً أمام أكثرية ترفض أبسط مشاركة في الحياة العامة الفرنسية.
في السياسة، يخسر اليسار أصواتاً كثيرة قد ترفعه أمام اليمين العنصري، بسبب امتناع الغالبية العظمى من المغاربيين، وخصوصاً الجزائريين، عن التصويت، وكلنا يعلم عن صعود نجم اليمين في الآونة الأخيرة، باعتباره منقذ أوروبا من التطرف وتوطين الأجانب.
على الرغم مما سلف ذكره، هناك نوعٌ من "التوتر المستقر" بين الطرفين، في ظلّ السياسات الحالية في فرنسا. لكن، متى سيخرج هذا التوتر عن استقراره ويدخل في مرحلة القلق، لا أحد يعلم.
كما ولا يمكن التكهن بالموقف الذي سيتخذه اليمين المتطرف (لو قدّر له دخول الإليزيه) تجاه من يرفض الذوبان في المجتمع الفرنسي؟ وإلى أيّ شكل ستنتهي تلك العلاقة الغريبة المثيرة للقلق؟