روسيا ومستنقع الموت الشيشاني

13 ديسمبر 2014
+ الخط -

يشن الأمن والإعلام الروسيين يوميا هجوما ضد المقاتلين الشيشان والقوقازيين الذاهبين إلى سورية وأفغانستان، خوفا من انتشار ظاهرة التطرف في دول روسيا الإسلامية، على غرار ما يجري في الدول العربية، وهنا مبعث سياستها العدائية للإسلام والثورات العربية.

حال الإعلام الروسي، بالأساس، كحال وزارة الخارجية الروسية التي تكن العداء لهؤلاء المقاتلين، وللمسلمين عامة لأنهم، حسب قولها، من صنع الغرب، وتحديداً بريطانيا وأميركا، وعندما ضرب الأميركيون "داعش" في العراق كان الإعلام الروسي يربط علاقة هؤلاء الإرهابيين الذين يقاتلون نظام بشار الأسد، بدعم أميركي وغربي، وتصوير الثورة السورية على أنها حالة إرهابية كلها "داعش"، متغافلاً عن دور حليف روسيا، نظام الأسد في خلق هذه الظاهرة.

يحاول الروس أن يؤكدوا للعالم كله أن سياستهم هي الصحيحة في التعامل مع الإرهاب الذي اجتاح الدول العربية، بدعم أميركا، وتحاول روسيا مقاتلته من بداية حرب الشيشان، واليوم تساعد نظام الأسد، وتتمسك بنظامه والنظام العراقي، خوفا من هذا المرض الخبيث، كما تصفه وسائل الإعلام الروسية. الغرب اليوم يخشى تفاعل هؤلاء الإرهابيين على أرضهم. لذلك شكل التحالف الدولي لضرب "داعش" في العراق وسورية، من خلال تحالف لا يزعج روسيا، بل تحاول تسجيل النقاط لمصلحتها في ظل الصراع الجيوسياسي القائم بينها وبين أميركا.

يحاول الروس تبرير مجازرهم الفعلية في الشيشان والمناطق الإسلامية الأخرى من خلال تشويه صورة الشعب الشيشاني، بعد صعود الإسلام السياسي في الدول العربية، ووصوله إلى مراكز الحدث. لكن، بعد اغتيال روسيا كل الزعماء الشيشانيين وملاحقتهم في أنحاء العالم، لكن بؤر التوتر في مناطق كأفغانستان وسورية والعراق لم تبعدهم عن مقارعة الروس في مناطق نفوذها، وهذا مؤشر على نمو جيل جديد من المقاتلين الذين سيُشكلون خطراً فعليا على أمنها؟ فالمقاتلون الشيشان يعيشون على حدود روسيا في جورجيا، ولا يشكلون خطرا على جورجيا لأنها أمّنت لهم مكانا آمنا للتحرك ضد روسيا. وأعداد المشاركين الشيشان في القتال في بلاد الشام قليلة، ولا تشكل نسبة كبيرة، بسبب شدة المعارك اليومية مع روسيا. وبالتالي، لا يقل هؤلاء المقاتلين عن المقاتلين الأجانب الذين يتدفقون إلى شرق أوكرانيا، وبالتالي، لا يمكن للغرب والشرق منع تدفق هؤلاء إلى إي منطقة، لأنهم يأتون بطرق السياحة الفردية.
وينتشر في سورية نوعان من المقاتلين الشيشان، الأول من لهم علاقة بالمخابرات الروسية، والآخر من له علاقات بالقاعدة.

فعدد الشيشانيين المهاجرين إلى بلاد الشام ليس كبيراً مقارنة مع الجنسيات الأخرى، كالفرنسيين مثلا. وبحسب تقارير إعلامية هم نحو كتيبة منقسمة بين المعارضة والمخابرات، وهم أيضا من خطفوا المطرانين في حلب.

تخاف روسيا النوع الذي يرتبط بالقاعدة بحيث يمكن له أن ينشط في المناطق الروسية الإسلامية، ويعمل على تشكيل خلايا نائمة داخل الجسم الإسلامي الروسي، وبالتالي، عودة هؤلاء إلى بلادهم سيكون لها تأثير سلبي على الأمن الروسي، كما تدعي موسكو، وذلك لما لهم من قدرة على التنظيم والتجنيد والتخطيط في الوسط الروسي، بسبب التجربة والخبرة التي اكتسبوها، ما يشكل على الأمن الروسي خطرا كبيرا.

avata
avata
خالد ممدوح العزي (لبنان)
خالد ممدوح العزي (لبنان)