03 نوفمبر 2024
مؤتمر السلام في سوتشي
مؤتمر سوتشي عنوان متداول منذ أشهر على الساحة السورية، لكن يبدو أن السوريين الكثر الموجودين هناك قد جُمِّعوا على عجل، ونقلوا إلى المدينة الروسية عشية انطلاق المؤتمر الذي خُصص، كما يقول القائمون عليه، لإيجاد حل للكارثة السورية.
أطلقت الولايات المتحدة حزمة عقوباتٍ جديدةٍ نحو روسيا راعية مؤتمر السلام السوري والمستضيفة له. ومن هنا يمكن قراءة رسالة سياسية، كما يمكن تجاهلها، لأن المؤتمر عملياً قد عقد، وخرج بالمطلوب من مثل هذه التجمعات، وهو إضافة وثيقة قانونية جديدة، وقد أصبح الملف السوري مثقلا بأشباهها، إذا احتسبنا قرارات مجلس الأمن العديدة، وإعلانات الأمين العام للأمم المتحدة، واتفاقات الدول الكبرى ودول الجوار. يمكن أيضاً اعتبار العقوبات، من قبيل الكيد السياسي، وهي تقاليد دبلوماسية تلجأ إليها أميركا، وروسيا كذلك، ليس لتوقِف ولكن لتؤخر ما يمكن أن يكون مقبولاً لديها، لكنه جاء تحت رعاية الغريم المنافس. والغريمان هنا أصبحا يلعبان بأوراق شبه مكشوفةٍ ليس لبعضهما بعضا فحسب، بل للجميع، والشاهد هنا هو نهر الفرات، فقد تمركزت الولايات المتحدة شرق النهر وبعتادٍ كامل. وهذه الوضعية العسكرية لم تجر مناقشتها بالطبع في سوتشي، ولا في أي مؤتمر آخر.
أصبح الميدان السوري، منذ زمن، ملعباً مفتوحاً. وبعد أن تم التخلص من تنظيم الدولة الإسلامية، أصبح اللاعبون معروفين والجبهات محدّدة، وما يجري في عفرين نوع من عمليات الإخلاء للحفاظ على وجود صفري للولايات المتحدة غرب النهر. ومن المرجح أن تتبع عملية عفرين عملية مشابهة في منبج لتصبح الضفة الغربية للفرات خاليةً من الوجود الأميركي، وبالطبع من الكرد، ويمكن أن تضاف المساحات الجغرافية الجديدة إلى المثلث الذي تشغله تركيا بين جرابلس وإعزاز ومنبج، لتشكل مظلة حامية للعمق التركي، وجبهة يمكن أن تصد أي هجوم كردي محتمل، أو أي عملية عسكرية صغيرة داخل الحدود التركية.
الملفات الموجودة بين أيادي مفاوضي سوتشي هي حول الدستور وصيغة الدولة السورية الجديدة، ولا يوجد أي نقطةٍ تشير إلى ما يحصل فعلاً فوق الأرض، وقد رغبت روسيا بحشد عدد هائل من السوريين في هذا المؤتمر، لتعكس ما تظنه مطابقا لما جاء في قرارات مجلس الأمن، وهو توفر عدد كبير من السوريين ليوافقوا، فقرّرت جلب العدد الأكبر منهم. وكانت قد فشلت في مسعىً سابق لتسويق اقتراح دستور على السوريين، سرعان ما رفض. والدستور هو بالفعل الوثيقة القانونية المهمة التي يبحث السوري عنها، بدل العدد الكبير من قرارات مجلس الأمن، والعدد الأكبر من القرارات الملغية بفضل "الفيتو". وفي النهاية، خرج المؤتمر بقرارات شبيهة بقرار مجلس الأمن ذي الرقم 2254، من حيث ذكره الدستور ومشاركة السوريين في صياغته، وهي مهمة يفترض بمؤتمر سوتشي أن تبدأ بها، لا أن تعيد صياغتها.
الحال هو وجود انفصام ضخم بين ما يحصل على الأرض وما يتم تداوله في غرف المؤتمرات والاجتماعات، وهي حالةٌ ظهرت مع بدء ظهور التجمعات السياسية في سورية بعد الثورة. وفي هذه المرحلة، تترسّخ بشكل كبير، ففي وقتٍ يتم تقاسم الأرض بين روسيا وأميركا وتركيا، وهو تقاسم لا يبدو فيه وجودٌ سوريٌ فعَّال، ما ينذر بمزيدٍ من التورّط العسكري، وترسيخ خطوط المحميات، قد يكون معها عقد مؤتمرات جديدة مجرّد عبث أو مجرد تسجيل نقاط سياسية، ولا يسفر عنها تحرك حقيقي نحو حل نهائي. ومن المفيد الإشارة إلى أن حضور هذه المؤتمرات لا يثبت وطنيةً، ولا يساهم في حل، ولا في إصدار قرار فعَّال. أما الغياب فهو أشبه بالنكايات، والنأي بالنفس عن كل شيء، فلا الحاضر ساهم بحل، ولم يساهم الغائب ببدائل، ولكن كلا من الطرفين خرج وفي جعبته نقطة.
أطلقت الولايات المتحدة حزمة عقوباتٍ جديدةٍ نحو روسيا راعية مؤتمر السلام السوري والمستضيفة له. ومن هنا يمكن قراءة رسالة سياسية، كما يمكن تجاهلها، لأن المؤتمر عملياً قد عقد، وخرج بالمطلوب من مثل هذه التجمعات، وهو إضافة وثيقة قانونية جديدة، وقد أصبح الملف السوري مثقلا بأشباهها، إذا احتسبنا قرارات مجلس الأمن العديدة، وإعلانات الأمين العام للأمم المتحدة، واتفاقات الدول الكبرى ودول الجوار. يمكن أيضاً اعتبار العقوبات، من قبيل الكيد السياسي، وهي تقاليد دبلوماسية تلجأ إليها أميركا، وروسيا كذلك، ليس لتوقِف ولكن لتؤخر ما يمكن أن يكون مقبولاً لديها، لكنه جاء تحت رعاية الغريم المنافس. والغريمان هنا أصبحا يلعبان بأوراق شبه مكشوفةٍ ليس لبعضهما بعضا فحسب، بل للجميع، والشاهد هنا هو نهر الفرات، فقد تمركزت الولايات المتحدة شرق النهر وبعتادٍ كامل. وهذه الوضعية العسكرية لم تجر مناقشتها بالطبع في سوتشي، ولا في أي مؤتمر آخر.
أصبح الميدان السوري، منذ زمن، ملعباً مفتوحاً. وبعد أن تم التخلص من تنظيم الدولة الإسلامية، أصبح اللاعبون معروفين والجبهات محدّدة، وما يجري في عفرين نوع من عمليات الإخلاء للحفاظ على وجود صفري للولايات المتحدة غرب النهر. ومن المرجح أن تتبع عملية عفرين عملية مشابهة في منبج لتصبح الضفة الغربية للفرات خاليةً من الوجود الأميركي، وبالطبع من الكرد، ويمكن أن تضاف المساحات الجغرافية الجديدة إلى المثلث الذي تشغله تركيا بين جرابلس وإعزاز ومنبج، لتشكل مظلة حامية للعمق التركي، وجبهة يمكن أن تصد أي هجوم كردي محتمل، أو أي عملية عسكرية صغيرة داخل الحدود التركية.
الملفات الموجودة بين أيادي مفاوضي سوتشي هي حول الدستور وصيغة الدولة السورية الجديدة، ولا يوجد أي نقطةٍ تشير إلى ما يحصل فعلاً فوق الأرض، وقد رغبت روسيا بحشد عدد هائل من السوريين في هذا المؤتمر، لتعكس ما تظنه مطابقا لما جاء في قرارات مجلس الأمن، وهو توفر عدد كبير من السوريين ليوافقوا، فقرّرت جلب العدد الأكبر منهم. وكانت قد فشلت في مسعىً سابق لتسويق اقتراح دستور على السوريين، سرعان ما رفض. والدستور هو بالفعل الوثيقة القانونية المهمة التي يبحث السوري عنها، بدل العدد الكبير من قرارات مجلس الأمن، والعدد الأكبر من القرارات الملغية بفضل "الفيتو". وفي النهاية، خرج المؤتمر بقرارات شبيهة بقرار مجلس الأمن ذي الرقم 2254، من حيث ذكره الدستور ومشاركة السوريين في صياغته، وهي مهمة يفترض بمؤتمر سوتشي أن تبدأ بها، لا أن تعيد صياغتها.
الحال هو وجود انفصام ضخم بين ما يحصل على الأرض وما يتم تداوله في غرف المؤتمرات والاجتماعات، وهي حالةٌ ظهرت مع بدء ظهور التجمعات السياسية في سورية بعد الثورة. وفي هذه المرحلة، تترسّخ بشكل كبير، ففي وقتٍ يتم تقاسم الأرض بين روسيا وأميركا وتركيا، وهو تقاسم لا يبدو فيه وجودٌ سوريٌ فعَّال، ما ينذر بمزيدٍ من التورّط العسكري، وترسيخ خطوط المحميات، قد يكون معها عقد مؤتمرات جديدة مجرّد عبث أو مجرد تسجيل نقاط سياسية، ولا يسفر عنها تحرك حقيقي نحو حل نهائي. ومن المفيد الإشارة إلى أن حضور هذه المؤتمرات لا يثبت وطنيةً، ولا يساهم في حل، ولا في إصدار قرار فعَّال. أما الغياب فهو أشبه بالنكايات، والنأي بالنفس عن كل شيء، فلا الحاضر ساهم بحل، ولم يساهم الغائب ببدائل، ولكن كلا من الطرفين خرج وفي جعبته نقطة.