12 يوليو 2024
شرعية يمنية مهترئة
تأبى الشرعية اليمنية إلا أن تكون في موقع الضعيف. تتلقى الضربات العسكرية والسياسية، الواحدة تلو الأخرى، وتكتفي بمراقبة ما يجري وكأنها من كوكب آخر. تسمع انتقادات المواطنين الذين يتمسكون بشرعيتها، لا حباً بها بل لأنها خيارهم الوحيد والمنطقي في وجه الحوثيين، ولا تكترث. يدرك اليمنيون ممن يؤيدون الشرعية أن رئيسهم واهن، ولا يملك قراره، ولا يستطيع مغادرة مقر إقامته إلا بإذن. كما يعرف هؤلاء أن حال الحكومة ورئيسها، معين عبد الملك، ليست أفضل. مكث الأخير في قصر المعاشيق في عدن، المفترض أنها العاصمة المؤقتة للشرعية، أسابيع فقط لإثبات الوجود، ومحاولة الإيحاء بأنه يوجد أمل بتطبيق اتفاق الرياض (الموقّع بين الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي) قبل أن يغادر عدن، لينضم إلى هادي في الرياض.
آخر ملاذات اليمنيين كان الجيش. لكن الأخير، العاجز عن التخلص من إرثٍ ثقيل من اللامهنية والتضخم بلا طائل والفساد، يخذلهم أيضاً. على مدى سنوات الحرب الطويلة التي فجرها الحوثيون، لم يتمكن من تحقيق انتصارات مهمة. وبدلاً عن ذلك، تقلصت المساحات التي يسيطر عليها لصالح المليشيات، وفي كل مرة هناك حجّة مختلفة لتبرير الهزيمة.
تبدو الأوضاع مقلوبة رأساً على عقب في اليمن. عوض أن تضعف المليشيات، تُحاصر، تتوسل المخرج، تضع الشرعية اليمنية نفسها في هذا الموقع. وتبدو هذه النتيجة حتمية ومتماشية مع حقيقة الوضع.
يدرك الحوثيون جيداً ما يريدون ويسعون إلى تحقيقه. هدفهم حكم البلاد من شمالها إلى جنوبها. وهم لا يتورّعون عن بذل ما لديهم من إمكانات في سبيل ذلك. معظم الشمال واقع في أيديهم، تمدّدهم لا يتوقف. هم مستعدون لزج آلاف في معركة واحدة. لا قيمة لديهم للخسائر البشرية. جميعهم أرقام وصور ستعلق على الحيطان كـ"شهداء" وتستثمر لاحقاً.
لكن ما الذي تريده الشرعية حقاً؟ تتحدّث دوماً عن تحرير صنعاء، لكنها في كل شهر منذ 2015 تصبح بعيدة عنها أكثر. واحتمال أن يواصل الحوثيون تقدّمهم إلى ما بعد مدينة الحزم، مركز محافظة الجوف التي سيطروا عليها أخيراً، وارد جداً، بل الأكثر ترجيحاً، خصوصاً أن عين الحوثيين على مأرب أيضاً. وبالتأكيد، لن يحول دون تنفيذ مخططاتهم إرسال وفد حكومي لتفقد أوضاع المنطقة، أو بضعة اتصالات روتينية، تعلن وكالة سبأ بنسختها التي تديرها الشرعية، أن الرئيس اليمني، أو رئيس الوزراء، أجرياها مع القيادات العسكرية للاطلاع على الأوضاع العسكرية.
شرعية الفنادق، كما يطلق عليها في أوساط اليمنيين، تحتاج إلى أكثر من بيانات شجب لغزوات الحوثيين وأكثر من بكائيات لدى التحالف بقيادة السعودية. .. يخوض الحوثيون معاركهم العسكرية متبنين استراتيجية هجومية وحرب شوارع، بينما يضع الجيش اليمني نفسه دائماً في موقع دفاعي يتصدّى للضربات فقط، وكلما حرّك رتلاً عسكرياً بضعة أمتار يحتاج إلى من يأذن له بذلك. ولم تعد عملياً هناك أي محافظة يمنية، إلا ويوجد من ينافس أو يتقاسم النفوذ فيها مع الحكومة.
تستثمر الجماعة جيداً في العلاقات الخارجية، وتوظّف كل أخطاء الشرعية والتحالف في المحافل الدولية، سواء مباشرة أو عن طريق أذرع لها أو حلفاء، بينما لا تظهر الدبلوماسية اليمنية أي فاعلية في الخارج، على الرغم من أنها الممثل الشرعي والمعترف به دولياً.
الحرب اليمنية، مهما طالت، سيأتي يوم يجلس فيه جميع أطرافها إلى الطاولة نفسها للتفاوض والتوقيع على حل. لكن الخشية الأكثر، أو ما هو حتمي، في حال استمرت الأوضاع العسكرية على هذا المنوال، أنه عندما يحين الوقت لذلك ستكون الشرعية هي التي تتوسّل من أجل إعطائها كرسيا بين المتحاورين.
تبدو الأوضاع مقلوبة رأساً على عقب في اليمن. عوض أن تضعف المليشيات، تُحاصر، تتوسل المخرج، تضع الشرعية اليمنية نفسها في هذا الموقع. وتبدو هذه النتيجة حتمية ومتماشية مع حقيقة الوضع.
يدرك الحوثيون جيداً ما يريدون ويسعون إلى تحقيقه. هدفهم حكم البلاد من شمالها إلى جنوبها. وهم لا يتورّعون عن بذل ما لديهم من إمكانات في سبيل ذلك. معظم الشمال واقع في أيديهم، تمدّدهم لا يتوقف. هم مستعدون لزج آلاف في معركة واحدة. لا قيمة لديهم للخسائر البشرية. جميعهم أرقام وصور ستعلق على الحيطان كـ"شهداء" وتستثمر لاحقاً.
لكن ما الذي تريده الشرعية حقاً؟ تتحدّث دوماً عن تحرير صنعاء، لكنها في كل شهر منذ 2015 تصبح بعيدة عنها أكثر. واحتمال أن يواصل الحوثيون تقدّمهم إلى ما بعد مدينة الحزم، مركز محافظة الجوف التي سيطروا عليها أخيراً، وارد جداً، بل الأكثر ترجيحاً، خصوصاً أن عين الحوثيين على مأرب أيضاً. وبالتأكيد، لن يحول دون تنفيذ مخططاتهم إرسال وفد حكومي لتفقد أوضاع المنطقة، أو بضعة اتصالات روتينية، تعلن وكالة سبأ بنسختها التي تديرها الشرعية، أن الرئيس اليمني، أو رئيس الوزراء، أجرياها مع القيادات العسكرية للاطلاع على الأوضاع العسكرية.
شرعية الفنادق، كما يطلق عليها في أوساط اليمنيين، تحتاج إلى أكثر من بيانات شجب لغزوات الحوثيين وأكثر من بكائيات لدى التحالف بقيادة السعودية. .. يخوض الحوثيون معاركهم العسكرية متبنين استراتيجية هجومية وحرب شوارع، بينما يضع الجيش اليمني نفسه دائماً في موقع دفاعي يتصدّى للضربات فقط، وكلما حرّك رتلاً عسكرياً بضعة أمتار يحتاج إلى من يأذن له بذلك. ولم تعد عملياً هناك أي محافظة يمنية، إلا ويوجد من ينافس أو يتقاسم النفوذ فيها مع الحكومة.
تستثمر الجماعة جيداً في العلاقات الخارجية، وتوظّف كل أخطاء الشرعية والتحالف في المحافل الدولية، سواء مباشرة أو عن طريق أذرع لها أو حلفاء، بينما لا تظهر الدبلوماسية اليمنية أي فاعلية في الخارج، على الرغم من أنها الممثل الشرعي والمعترف به دولياً.
الحرب اليمنية، مهما طالت، سيأتي يوم يجلس فيه جميع أطرافها إلى الطاولة نفسها للتفاوض والتوقيع على حل. لكن الخشية الأكثر، أو ما هو حتمي، في حال استمرت الأوضاع العسكرية على هذا المنوال، أنه عندما يحين الوقت لذلك ستكون الشرعية هي التي تتوسّل من أجل إعطائها كرسيا بين المتحاورين.