سيرغي سوروفيكين... حرب روسيا يجسّدها رجل

13 أكتوبر 2022
+ الخط -

أقل من 24 ساعة فصلت ما بين تفجير جسر القرم بما هو تكثيف لهزائم الجيش الروسي في جنوب أوكرانيا وشرقها، والصواريخ التي تساقطت صباح الاثنين على أكثر من 14 مدينة أوكرانية. فلاديمير بوتين نفسه شرح للعالم أنّ القصف هو الخبر لمبتدأ فرار جيشه من الجبهات. أوكرانيا فجّرت يوم السبت الماضي جسر كيرتش، فقصفت روسيا مدارس ومحطات توليد طاقة ومصانع ومتنزهات، من كييف إلى خاركيف ولفيف وسومي وجيتومير وخميلنيتسكي وترنوبل وزيتومير ودنيبرو وكريمنشوك وزابوريجيا وباقي الحواضر الأوكرانية التي يعود "الفضل" إلى الإجرام الروسي بجعلنا نحفظ أسماءها، تماماً كما جعلنا الإرهاب الأسدي ــ الروسي ــ الإيراني المشترك نتعرف إلى قرى وبلدات سورية كانت مجهولة بالنسبة إلى سوريين كثر حتى. لكن ما يحتاج إلى كلام موجز، إنشاء الرابط بين قصف يوم الاثنين، صباحاً في وقت الذروة، ذروة توجّه التلاميذ إلى مدارسهم والعمال والموظفين إلى أشغالهم، وتعيين الجنرال سيرغي سوروفيكين قائداً روسياً لحرب محو أوكرانيا من على وجه الأرض مثلما سماها عن حق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

نال تعيين سوروفيكين (55 عاماً) بعد سويعات من تفجير الجسر العملاق الذي يربط ما بين شبه جزيرة القرم الأوكرانية المحتلة، والأراضي الروسية، اهتماماً عالمياً، خصوصاً من زاوية أنه جنرال الإبادة السورية، وناقل سياسة الأرض المحروقة من الشيشان التي شارك في حربها الثانية (2000) إلى حلب وإدلب. لهذا الاهتمام مبرراته؛ هو فأل شر، ذلك أنّ الحرب تدخل مع سوروفيكين مرحلة جديدة، عنوانها الدمار الشامل بما قد يكون تأجيلاً للضربات النووية "المحدودة"، أو تنفيذاً بالتدريج لها، تماماً مثلما كانت الضربات الكيميائية في الغوطة الشرقية وخان العسل وسراقب وجوبر وخان شيخون، الحلّ الوحيد لتفادي خسارة نظام بشار الأسد. "إنجازات" أخرى حظيت بالاهتمام في السير التي كُتبت عن جنرال القتل. منها أنه شارك في حروب روسيا وآخر صولات الاتحاد السوفييتي، من أفغانستان وطاجيكستان إلى الشيشان وسورية فأوكرانيا. صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية ركزت في تعريف قرائها بسوروفيكين على أنه معروف بعنفه وإجرامه. تقرير مركز أبحاث "منظمة جايمستاون" الأميركي لفت إلى أن الرجل لا يعرف الرحمة و"ينفذ الأوامر بكل حزم". أما راديو "فرانس أنفو"، فخلص إلى أن تعيين مجرم الحرب يؤكد أن "الأمور ستصبح أكثر قسوة". لكن الأكثر نباهة كتبته صحيفة "ذو غارديان" البريطانية، والروسي غريغوري يودين، أستاذ العلوم السياسية وعلم الاجتماع. يودين توقف عند مفارقة أن سوروفيكين هو الضابط الروسي الوحيد (كان حينها نقيباً) الذي أصدر أمراً عسكرياً لجنوده بإطلاق النار على من تظاهروا ضد محاولة الانقلاب في أغسطس/ آب 1991 على ميخائيل غورباتشيف لمحاولة إحياء الجثة السوفييتية. بالفعل، قتل سوروفيكين من خلال أمره عامذاك ثلاثة مدنيين. سُجن لبضعة أشهر وعفا بوريس يلتسين عنه. أما "الغارديان"، فأكثر ما أثار اهتمامها في مسيرة سوروفيكين طوال ثلاثين عاماً، تهم الفساد التي تلاحقه، كملحق لنزعة الإجرام عنده. "هيومن رايتس ووتش" وثّقت مسؤوليته عن مجازر ارتُكبت في إدلب إلى درجة أنه نال عنها في 2017 أرفع وسام يمنحه فلاديمير بوتين: بطل الاتحاد الروسي. بطولة ربما كانت قد حفّزته على ارتكاب جريمة قتل 21 مدنياً بالغاً وطفلاً في مبنى العطلة الصيفية في أوديسا الصيف الماضي. ومن يتتبّع مسيرة سوروفيكين، يلاحظ أن الرجل كلما كان يدخل السجن وتثبت إدانته بجرم مشهود، كان يخرج أكثر تعطشاً للدماء. عام 1995، أدانه القضاء العسكري في بلده بالفساد في سرقة سلاح وبيعه، قبل أن تُسقَط التهمة لاحقاً بقرار سياسي في عهد يلتسين أيضاً.

الإجرام، الفساد، هوس إحياء الاتحاد السوفييتي أو الإمبراطورية القيصرية حتى، أخلاق الجبناء بابتداع سياسة الأرض المحروقة عندما تدنو الخسارة الشاملة. هذا بعض ما يُذكر عن سيرغي سوروفيكين، وهو قليل مما يختصر حروب روسيا ــ فلاديمير بوتين.