سنة سابعة زواج
يقول طبيب نفسي في رسالة بحثية أولى قدّمها في خمسينيات القرن الماضي إن السنة السابعة للزواج تواجه مشكلة مهمة، تعرف بالحكّة السابعة، حيث تصبح العلاقة الزوجية على المحكّ، أو تصبح قاب قوسين أو أدنى من الانقلاب رأساً على عقب، وبالتالي، يُطلق على العلاقة الزوجية في هذه السنة هذا الاسم، فيما أطلق عليها ضمن مسلسل كوميدي عرض بحلقاته الـ15 في النصف الأول من شهر رمضان الحالي تحت اسم "الهرشة السابعة"، وحيث يطلق مصطلح الهرش على ظاهرة الحكّ وما يتركه من أثر، سواء كان احتكاك جلد الانسان بآخر أو بأي مثير خارجي، وحتى احتكاك مقعد خشبي بالجدار الملاصق له.
يظهر جلياً في السنة السابعة للزواج المنعطف الحاد الذي تمرّ به العلاقة الزوجية. وحسب أطباء نفسيين بدأوا إجراء هذه الدراسات اللافتة قبل سنوات، إما أن تشهد السنة السابعة للزواج انهياراً للزواج أو توثيقاً وتعميقاً له كعلاقة بين طرفين تقع بينهما مشكلات كثيرة، ويمرّان بالأزمات نفسها، خصوصاً مع بدء توافد الأطفال بينهما، وانتقال الزوجة خصوصاً من مرحلة العناية بنفسها وزوجها، إلى مرحلة العناية بكائنات صغيرة ما زالت بحاجة للرعاية على مدار الساعة.
عرض صنّاع "الهرشة السابعة" عدة نماذج للأزواج. ومن خلال علاقات نسب وجيرة، لإظهار تأثير مرور سنوات الزواج، حسبما قدّمها ما بين الأزواج الحديثين إلى متوسطي المدة وانتهاء بالأزواج الذين أصبح لهم أبناء وبنات في سن الزواج أو تزوّجوا وأصبحت لهم استقلاليتهم. وعلى الرغم من ذلك، يمرّ الأزواج بهذا المنعطف، ولا عجب أن تشهد محاكم الأسرة قضايا طلاق لأزواج في سنّ متقدّمة، على عكس المتعارف عليه، أن الأزواج الشباب هم من يرفعون نسب الطلاق في أي بلد لأسبابٍ تُعزى أحياناً إلى تغير مفهوم الزواج لدى جيل الشباب الحالي، وعدم توافر عنصر الصبر والتحمّل لديه، قياساً ومقارنة بالآباء والأجداد في أجيال سابقة.
تناولت السينما العالمية أزمة السنة السابعة من الزواج في فيلم كوميدي لمارلين مونرو في عام 1955، حيث يفكر الزوج ريتشارد بخيانة زوجته التي خرجت في تقليد سنوي مع صديقاتها لقضاء إجازة مع طفلهما من دونه، وفيما يحاول تقليد باقي الأزواج الذين بدأوا العمل بمبدأ "إن غاب القط العب يا فأر"، فهو يقاوم تلك الرغبة كثيراً، حتى تقع عيناه على جارته الحسناء (مارلين مونرو). وفي إطار كوميدي متخيل، يقاوم الزوج رغبته في الخيانة، حتى ينتصر حبّه لزوجته ويقرّر اللحاق بها. وقدمت السينما العربية هذه القصة في فيلم كوميدي لطيف "زوج في إجازة"، وإن كان الزوج الذي يحاول خيانة زوجته خلال أحداث الفيلم واللعب بذيله يواجه مشكلاتٍ ومطبّات، بسبب سوء نيته، حتى يكتشف أنه يحب زوجته فعلاً، ولا امرأة غيرها.
في المسلسل الذي انتهى عرضه ولاقى استحساناً من الأزواج الذين تابعوا أحداثه، نجد الملل الزوجي قد تسلّل إلى حياة الزوجين اللذين تزوجا بعد قصة حب طويلة، على الرغم من أقل من السبع سنوات، وذلك نتيجة الضغوط الحياتية متصاعدة الصعوبة. وقد ذكرت دراسة أجريت أواخر القرن الماضي في جامعة رايت ستيت، بعد خضوع مئات الأزواج لاختبارات نفسية سنوية، أن الرضا الزوجي يتراجع في السنوات الأربع الأولى للزواج بشكل حادّ ثم يستقرّ، ولا يلبث أن يتّخذ منعطفاً حادّاً بعد العام السابع. وحسب الدراسة، يمكن أن يتجاوز الأزواج هذه الأزمة من طريق البحث عن أنشطة جديدة تسهم في التوسّع الذاتي للزوج أو الزوجة، مثل ممارسة هوايات جديدة، والقيام برحلاتٍ إلى أماكن جديدة، وهذا ما لجأ إليه الزوجان بعودة كل واحد إلى ممارسة عمل جديد، رغم النجاحات والإخفاقات. ورغم ذلك، تُركت النهاية مفتوحة بتردّد الزوجة (نادين) في قرار العودة إلى الزوج الخائن (آدم).