26 أكتوبر 2024
حلٌّ لكل السوريين
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
شهد هذا الأسبوع حراكاً مكثفاً بخصوص المسألة السورية، وأبرز محطة على هذا الطريق انعقاد مؤتمر الرياض الخاص بالمعارضة السورية، الذي جمع لأول مرة أطيافاً واسعةً من شتى الفصائل السياسية والعسكرية، من أجل توحيد موقف المعارضة حيال أمرين هامين: الخروج برؤية سياسية من أجل مرحلة انتقالية، وتشكيل وفد موحد للتفاوض مع النظام السوري حول آلية المرحلة الانتقالية.
جاء مؤتمر الرياض وسط اهتمام إقليمي ودولي، بعد إهمال طويل للقضية السورية في صورة عامة، ونتيجة جولتين أساسيتين في فيينا، غاب عنهما أصحاب القضية من النظام والمعارضة، ولولا فشل هدف التدخل العسكري الروسي الفظ في تدمير المعارضة العسكرية للنظام بسرعة، لكان الانحدار السابق استمر على الوتيرة نفسها، طالما أن شظاياه لا تصيب العالم في صورة مباشرة.
يُسجل للصمود العسكري الميداني في وجه التدخل الروسي، بالإضافة إلى دعم بعض أصدقاء الشعب السوري، إعادة وضع الملف السوري على الطاولة، وتوليد فرصة للحل على أسس سياسية، تعيد الموقف إلى "جنيف 1". وبغضّ النظر عن نتائج مؤتمر الرياض والمؤتمرات التي حاولت المشاغبة عليه، يمكن ملاحظة مسألة جوهرية، هي أن الحل السياسي بات مطلب الغالبية العظمى من السوريين، سواء من الذين يؤيدون الثورة، أو الكتلة الصامتة، أو الذين يؤيدون النظام، ونقطة التقاطع الرئيسية بين الكتل الثلاث أن الحل لا يمكن أن يتم من دون تنازلات من الأطراف كافة، خصوصا التي مضى عليها أربع سنوات وهي تتحارب. وغني عن القول إن من يستطيع أن يحدد ماهية التنازلات هم السوريون أكثر من غيرهم، وإذا لم يتنازل السوريون لبعضهم بعضاً، على أسس واضحة ومتينة، تحمل مقومات الديمومة، فإن الحل لن يكون في صالح استعادتهم بلدهم، بل سيأتي هشاً ومحصلة لتفاهمات الأطراف الخارجية، وبالتالي، ترث الأجيال بلداً عليلاً ومكبلاً، غير قادر على الوقوف على قدميه عقوداً طويلة.
وبعيداً عن المزايدات، ولكي يتم تسهيل الحل، صار لزاماً أن نسلم اليوم بأن إسقاط النظام عسكرياً بات أكثر صعوبة، بعد دخول روسيا على الخط بكل ثقلها، وعلى الجميع أن يدركوا أن الروس لم يأتوا إلى سورية لإسداء خدمة إنسانية للشعب السوري، عن طريق ترحيل النظام، بل من أجل تنفيذ أجندة خاصة، لكن الوضع الجديد لا يعني أبداً التراجع عن الأهداف التي ثار من أجلها السوريون وضحوا، بقدر ما يستلزم التعامل مع المرحلة الجديدة بأدوات مختلفة.
ولكي يكون الحل لكل السوريين، لا بد لكل من طرفي الثورة والنظام الاعتراف بأن هناك كتلة صامتة، خارج المعارضة والنظام، وهي قوة ضاغطة من أجل حل يوقف الحرب. وعلى ممثلي الثورة والنظام أن يستوعبوا أنهم لا يحظون بالتأييد الكامل من كل السوريين، فكما أنه هناك من يؤيدهم في المطلق، فهناك من يعارضهم، فليس كل من يعيش خارج سلطة النظام مؤيد للثورة، والعكس صحيح. ومن هنا، ليست الكتلة الصامتة بالضرورة مع أحد الطرفين، لكنها بالتأكيد مع سورية جديدة، وهذا أمر على صلة بمسألةٍ جوهريةٍ تتعلق بدور بشار الأسد، الذي تقدر أوساط واسعة أنه لن يشكل عقبةً إذا أدركت الأطراف كافة أن هناك فرصة جدية للحل. ولذلك، فإنه يشكل ورقة مساومة أكثر منه عقبة رئيسية في طريق الحل، وستتخلى عنه القوى التي تتمسك به، حالما تحصل على الثمن المناسب، وأنصاره قبل خصومه باتوا على قناعة بأنه بات من الماضي الأسود.
سورية الغد بحاجة إلى حل لكل السوريين، حل للمواطنين الذين خسروا كل شيء، ولم يعد لديهم طموح أكثر من أن يعيشوا بسلام وحرية وكرامة، وما دون ذلك، لن تعنيه أية تسوية.
جاء مؤتمر الرياض وسط اهتمام إقليمي ودولي، بعد إهمال طويل للقضية السورية في صورة عامة، ونتيجة جولتين أساسيتين في فيينا، غاب عنهما أصحاب القضية من النظام والمعارضة، ولولا فشل هدف التدخل العسكري الروسي الفظ في تدمير المعارضة العسكرية للنظام بسرعة، لكان الانحدار السابق استمر على الوتيرة نفسها، طالما أن شظاياه لا تصيب العالم في صورة مباشرة.
يُسجل للصمود العسكري الميداني في وجه التدخل الروسي، بالإضافة إلى دعم بعض أصدقاء الشعب السوري، إعادة وضع الملف السوري على الطاولة، وتوليد فرصة للحل على أسس سياسية، تعيد الموقف إلى "جنيف 1". وبغضّ النظر عن نتائج مؤتمر الرياض والمؤتمرات التي حاولت المشاغبة عليه، يمكن ملاحظة مسألة جوهرية، هي أن الحل السياسي بات مطلب الغالبية العظمى من السوريين، سواء من الذين يؤيدون الثورة، أو الكتلة الصامتة، أو الذين يؤيدون النظام، ونقطة التقاطع الرئيسية بين الكتل الثلاث أن الحل لا يمكن أن يتم من دون تنازلات من الأطراف كافة، خصوصا التي مضى عليها أربع سنوات وهي تتحارب. وغني عن القول إن من يستطيع أن يحدد ماهية التنازلات هم السوريون أكثر من غيرهم، وإذا لم يتنازل السوريون لبعضهم بعضاً، على أسس واضحة ومتينة، تحمل مقومات الديمومة، فإن الحل لن يكون في صالح استعادتهم بلدهم، بل سيأتي هشاً ومحصلة لتفاهمات الأطراف الخارجية، وبالتالي، ترث الأجيال بلداً عليلاً ومكبلاً، غير قادر على الوقوف على قدميه عقوداً طويلة.
وبعيداً عن المزايدات، ولكي يتم تسهيل الحل، صار لزاماً أن نسلم اليوم بأن إسقاط النظام عسكرياً بات أكثر صعوبة، بعد دخول روسيا على الخط بكل ثقلها، وعلى الجميع أن يدركوا أن الروس لم يأتوا إلى سورية لإسداء خدمة إنسانية للشعب السوري، عن طريق ترحيل النظام، بل من أجل تنفيذ أجندة خاصة، لكن الوضع الجديد لا يعني أبداً التراجع عن الأهداف التي ثار من أجلها السوريون وضحوا، بقدر ما يستلزم التعامل مع المرحلة الجديدة بأدوات مختلفة.
ولكي يكون الحل لكل السوريين، لا بد لكل من طرفي الثورة والنظام الاعتراف بأن هناك كتلة صامتة، خارج المعارضة والنظام، وهي قوة ضاغطة من أجل حل يوقف الحرب. وعلى ممثلي الثورة والنظام أن يستوعبوا أنهم لا يحظون بالتأييد الكامل من كل السوريين، فكما أنه هناك من يؤيدهم في المطلق، فهناك من يعارضهم، فليس كل من يعيش خارج سلطة النظام مؤيد للثورة، والعكس صحيح. ومن هنا، ليست الكتلة الصامتة بالضرورة مع أحد الطرفين، لكنها بالتأكيد مع سورية جديدة، وهذا أمر على صلة بمسألةٍ جوهريةٍ تتعلق بدور بشار الأسد، الذي تقدر أوساط واسعة أنه لن يشكل عقبةً إذا أدركت الأطراف كافة أن هناك فرصة جدية للحل. ولذلك، فإنه يشكل ورقة مساومة أكثر منه عقبة رئيسية في طريق الحل، وستتخلى عنه القوى التي تتمسك به، حالما تحصل على الثمن المناسب، وأنصاره قبل خصومه باتوا على قناعة بأنه بات من الماضي الأسود.
سورية الغد بحاجة إلى حل لكل السوريين، حل للمواطنين الذين خسروا كل شيء، ولم يعد لديهم طموح أكثر من أن يعيشوا بسلام وحرية وكرامة، وما دون ذلك، لن تعنيه أية تسوية.
دلالات
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
بشير البكر