09 نوفمبر 2024
جمال خاشقجي.. إنكار الجريمة
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
جاءت عملية خطف الصحافي والكاتب السعودي، جمال خاشقجي، لتسلط الضوء على حال الخوف وجبال الأوهام والادّعاءات التي ينام عليها الإعلام السعودي، ويتربّع فوقها أقطابه الذين صدعوا أسماعنا في الأعوام الثلاثة الأخيرة، وهم يبشّرون وينظّرون ويطبّلون لمرحلة ولي العهد السعودي الشاب، محمد بن سلمان، الذي يصرّون على تقديمه حاكما يحمل مشروعا لتحديث المملكة العربية السعودية التي تتسم بالمحافظة والتقليدية وسطوة المؤسّسة الدينية على الحياة العامة.
شهد هذا الإعلام، خلال الأيام الأخيرة، فضيحة تمثلت بتجاهل خبر اختفاء خاشقجي بعد ظهر يوم الثلاثاء، حيث دخل القنصلية السعودية في إسطنبول عند الواحدة ظهرا، بناء على موعد مسبق من أجل تصديق أوراق رسمية، لكنه لم يخرج، وبعد انتظار دام ثلاث ساعات، أبلغت خطيبته التركية، التي لم يتم السماح لها بالدخول، السلطات الرسمية ووسائل الإعلام عن الأمر. ولم ينقل الخبر أي موقع إلكتروني سعودي، كما غاب عن الصحف السعودية الصادرة يومي الأربعاء والخميس، ومنها صحف كان يتولى فيها مسؤوليات قيادية، ويكتب فيها حتى وقت قريب.
معروف أن هذه الصحف لم تعد تتعامل مع خاشقجي بسبب مواقفه السياسية التي بات يجاهر بها منذ حوالي عام، ويعبر عنها أكثر على صفحات صحيفة واشنطن بوست التي صار أحد كتاب الرأي فيها. ومنذ حملة اعتقالات فندق الريتز في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أصبح خاشقجي الصوت الاعلامي السعودي المعارض، ولكن من موقع ليبرالي بعيد عن التحريض والمعارضة المسيّسة. ووقفت الصحف موقفا غير ودي من خاشقجي، لأن ولي العهد لم يستطع أن يقبل وجود صوت خارج السرب والجوقة التي بدأت تهلل له، على الرغم من أنه في البدايات، ولم تأخذ رؤيته 2030 طريقها بعد، وعبّر عن ذلك علنا مالك صحيفة الحياة، خالد بن سلطان، في بيان نهاية العام الماضي "ساءنا كثيراً التجاوزات التي صدرت عن الكاتب الموقوف (حتى إشعار آخر) في صحيفة "الحياة" الأستاذ/ جمال خاشقجي، والتي كان الغرض منها كما بدا واضحاً التشكيك في الإصلاحات التي تشهدها المملكة العربية السعودية والطعن فيها".
يمكن أن تقاطع وسائل الإعلام السعودية خاشقجي، وأن تنتقده وتعاديه، لكن ذلك لا يبرّر أن يغيب عنها خبر اختفائه في إسطنبول، واللافت أن التجاهل بلغ حد عدم نشرها نفي المصدر السعودي الرسمي احتجاز خاشقجي في مبنى القنصلية، في معرض الرد على الرئاسة التركية التي أكدت بعد 24 ساعة ظهر الأربعاء أن خاشقجي لم يخرج من مبنى القنصلية، وأن الحكومة التركية تسعى إلى حل المسألة ديبلوسيا، بعيدا عن الإعلام. ولا يمكن تفسير هذا التجاهل من الناحية النظرية، إلا من باب الموقف الرسمي بعدم تناول كل ما يمتّ لهذا الكاتب والصحافي والتعتيم عليه نهائيا، وهذه فلسفة جديدة في الإعلام سوف تسجل سابقة لرعاة الإعلام السعودي الجديد الذين يقودهم تركي آل الشيخ.
ويعود القسط الأكبر من صمت الإعلام السعودي حيال ما تعرّض له خاشقجي إلى جو الخوف الذي صار سائدا منذ بداية عهد محمد بن سلمان، وتجلّى، في صورة أساسية، خلال أزمة حصار قطر، حيث نزل منسوب المهنية والمصداقية إلى مستوياتٍ بدائية، وتحولت صحفٌ ذات سمعة وتاريخ إلى آلات دعاية ومنابر للشتيمة وفبركة الأخبار، وأدى ذلك إلى فقدانها خلال عام الرصيد الذي كونته خلال العقود الثلاثة الأخيرة، وقاد في نهاية المطاف إلى توقف بعضها.
تكمن نكسة الإعلام السعودي اليوم في تحوله إلى إعلام الرجل الواحد، إعلام محمد بن سلمان، وسقط منه أي لون آخر، حتى أن زملاء وأصدقاء خاشقجي الذين يديرون هذا الإعلام لم يتمكنوا من نشر خبر اختفائه، الذي يشبه خبر اعتقال رئيس وزراء لبنان سعد الحريري في الرياض، الذي أنكرته السعودية وفضحه الرئيس الفرنسي.
شهد هذا الإعلام، خلال الأيام الأخيرة، فضيحة تمثلت بتجاهل خبر اختفاء خاشقجي بعد ظهر يوم الثلاثاء، حيث دخل القنصلية السعودية في إسطنبول عند الواحدة ظهرا، بناء على موعد مسبق من أجل تصديق أوراق رسمية، لكنه لم يخرج، وبعد انتظار دام ثلاث ساعات، أبلغت خطيبته التركية، التي لم يتم السماح لها بالدخول، السلطات الرسمية ووسائل الإعلام عن الأمر. ولم ينقل الخبر أي موقع إلكتروني سعودي، كما غاب عن الصحف السعودية الصادرة يومي الأربعاء والخميس، ومنها صحف كان يتولى فيها مسؤوليات قيادية، ويكتب فيها حتى وقت قريب.
معروف أن هذه الصحف لم تعد تتعامل مع خاشقجي بسبب مواقفه السياسية التي بات يجاهر بها منذ حوالي عام، ويعبر عنها أكثر على صفحات صحيفة واشنطن بوست التي صار أحد كتاب الرأي فيها. ومنذ حملة اعتقالات فندق الريتز في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أصبح خاشقجي الصوت الاعلامي السعودي المعارض، ولكن من موقع ليبرالي بعيد عن التحريض والمعارضة المسيّسة. ووقفت الصحف موقفا غير ودي من خاشقجي، لأن ولي العهد لم يستطع أن يقبل وجود صوت خارج السرب والجوقة التي بدأت تهلل له، على الرغم من أنه في البدايات، ولم تأخذ رؤيته 2030 طريقها بعد، وعبّر عن ذلك علنا مالك صحيفة الحياة، خالد بن سلطان، في بيان نهاية العام الماضي "ساءنا كثيراً التجاوزات التي صدرت عن الكاتب الموقوف (حتى إشعار آخر) في صحيفة "الحياة" الأستاذ/ جمال خاشقجي، والتي كان الغرض منها كما بدا واضحاً التشكيك في الإصلاحات التي تشهدها المملكة العربية السعودية والطعن فيها".
يمكن أن تقاطع وسائل الإعلام السعودية خاشقجي، وأن تنتقده وتعاديه، لكن ذلك لا يبرّر أن يغيب عنها خبر اختفائه في إسطنبول، واللافت أن التجاهل بلغ حد عدم نشرها نفي المصدر السعودي الرسمي احتجاز خاشقجي في مبنى القنصلية، في معرض الرد على الرئاسة التركية التي أكدت بعد 24 ساعة ظهر الأربعاء أن خاشقجي لم يخرج من مبنى القنصلية، وأن الحكومة التركية تسعى إلى حل المسألة ديبلوسيا، بعيدا عن الإعلام. ولا يمكن تفسير هذا التجاهل من الناحية النظرية، إلا من باب الموقف الرسمي بعدم تناول كل ما يمتّ لهذا الكاتب والصحافي والتعتيم عليه نهائيا، وهذه فلسفة جديدة في الإعلام سوف تسجل سابقة لرعاة الإعلام السعودي الجديد الذين يقودهم تركي آل الشيخ.
ويعود القسط الأكبر من صمت الإعلام السعودي حيال ما تعرّض له خاشقجي إلى جو الخوف الذي صار سائدا منذ بداية عهد محمد بن سلمان، وتجلّى، في صورة أساسية، خلال أزمة حصار قطر، حيث نزل منسوب المهنية والمصداقية إلى مستوياتٍ بدائية، وتحولت صحفٌ ذات سمعة وتاريخ إلى آلات دعاية ومنابر للشتيمة وفبركة الأخبار، وأدى ذلك إلى فقدانها خلال عام الرصيد الذي كونته خلال العقود الثلاثة الأخيرة، وقاد في نهاية المطاف إلى توقف بعضها.
تكمن نكسة الإعلام السعودي اليوم في تحوله إلى إعلام الرجل الواحد، إعلام محمد بن سلمان، وسقط منه أي لون آخر، حتى أن زملاء وأصدقاء خاشقجي الذين يديرون هذا الإعلام لم يتمكنوا من نشر خبر اختفائه، الذي يشبه خبر اعتقال رئيس وزراء لبنان سعد الحريري في الرياض، الذي أنكرته السعودية وفضحه الرئيس الفرنسي.
دلالات
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
بشير البكر
مقالات أخرى
02 نوفمبر 2024
26 أكتوبر 2024
19 أكتوبر 2024