بيان الحالة بمعيار الزبالة
لا تتحدث عن الفقر في مصر، وإلا سيتم استدعاء نقيب الزبالين فيها، ليلقي بك داخل حاوية قمامة، فاخرة، لكي تقف على الوضع بنفسك، أو ربما يأتي أحد مساعديه بكيس زبالةٍ ويفجره في وجهك، ولا يتركك قبل أن تهتف: تحيا مصر، وتقر وتعترف بأنه ليس هناك فقر ولا فقراء في دولةٍ وصل حجم اقتراضها من الخارج، وفقاً لأرقام البنك المركزي، إلى 44 مليار دولار، خلال أربع سنوات فقط من حكم جنرالٍ يرفع شعار"مفيش ما عنديش احنا فقرا قوي".
تنقل صحيفة مصرية (اليوم السابع)عن شحاتة المقدس، نقيب الزبالين وأحد أشهر جامعى القمامة فى مصر،"إن محتويات القمامة فى مصر لم تشهد أى تغير من حيث الكم والكيف خلال الفترة الأخيرة، وأن تغيرات الأسعار والتضخم والتغيرات الاقتصادية لم ير لها أي مردود على قمامة المصريين، سواء فى المناطق الغنية أو الفقيرة، مشيرًا إلى أن حجم الزبالة فى رمضان يرتفع بنسبة 30%، على الرغم من أنه شهر صيام وترشيد فى الاستهلاك".
وتمضي الصحيفة: "وأضاف المقدس، أن ما يصله من كميات القمامة بعد فرزها يشير إلى أن المواطنين لم يتأثروا بارتفاعات الأسعار، خاصة فيما يتعلق بالأكل والشرب، حيث يوجد بالقمامة نفس كميات الطعام المهدرة التى كانوا يجدونها قبل التعويم وقبل ارتفاع الأسعار، والأغرب هو وجود قطع لحمة وأسماك ملقاة فى قمامة المناطق الشعبية والمتوسطة، أما فيما يخص قمامة المناطق الأغنى فى مستواها المادى، لافتًا إلى أنها تتميز بزيادة في كميات السلع الترفيهية، مثل الشوكولاتة والأيس كريم، والحلويات".
الخلاصة، كما يقول دفتر أحوال الزبالة، أنه لا توجد آثار سلبية لسياسات رفع الأسعار، وإسقاط الدعم عن السلع والخدمات الأساسية، ولا يوجد فقر أو فقراء، كما يردّد الأوغاد والعملاء في القنوات الإعلامية الحاقدة على مصر، التي لم تعرف الاستدانة أو تسوّل المنح والعطايا، مطلقاً، منذ جيئ بعبد الفتاح السيسي داخل جوال من الأرز ليحكمها.
منطق الإنكار، بمفرداته، تجده أيضاً كلما تطاول أحدٌ وتحدث عن فقر حقوق الإنسان، وجدب الحريات في مصر، إذ يظهر على الفور متحدث الخارجية المصرية، محاطاً بمجموعةٍ من النواب اللواءات، ليلقنوا المنظمات الدولية المنزعجة من اتساع رقعة الاعتقالات دروساً في الديمقراطية والحرية واحترام القانون.
خرجت ماجا كوسيجانسيك، المتحدثة الرسمية المختصة بقضايا دول الجوار الأوروبي والشرق الأوسط، تعبر عن تخوف الاتحاد الأوروبي من اعتقال نشطاء سياسيين وحقوقيين خلال الأسابيع الأخيرة، فانبرى لها متحدّث الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، بأن لدى مصر فائض من الحريات وحقوق الإنسان، لكنه، تواضعاً، لم يعرض على الاتحاد الأوروبي تصدير كمياتٍ من هذه الحريات، كما لم يعلن فتح باب اللجوء أمام مواطني أوروبا (البؤساء) للفرار من النظم العسكرية المستبدّة إلى مصر، جنة الديمقراطيات والحريات في العالم.
غير أن الرجل لم يفته أن يطمئن الشعوب المسحوقة في ألمانيا وفرنسا والسويد والدانمارك، وبالمرة بريطانيا، بأن قاهرات الجنرالات لا تنساهم، إذ قال في بيانه "لدى مصر شواغلها إزاء جوانب متعددة من أوضاع حقوق الإنسان في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك الصعوبات الجمة والمعاملة المزرية التي يعاني منها الكثير من المهاجرين واللاجئين، وتجاوزات سلطات إنفاذ القانون، فضلاً عن تزايد أثر تصاعد الحركات والأحزاب اليمينية المتطرفة، وما يقترن بذلك من مظاهر العنصرية والتمييز والعنف وخطاب الكراهية".
شكراً أحمد أبو زيد..شكراً شحاتة المقدس، الآن يستطيع العالم أن ينام مطمئناً على العيش والحرية والكرامة الإنسانية.