04 نوفمبر 2024
إنها حربٌ إسرائيلية
"ما لم ترفع إيران الراية البيضاء فإنها الحربُ لا محالة"، صاحب هذه العبارة ليس جون بولتون الذي يعمل بين فريق الرئيس الأميركي، ترامب، على العبور من قرع طبول الحرب مع إيران إلى الحرب نفسها، وإنما هو الكاتب (والروائي) السعودي تركي الحمد. تُصادفك قولتُه هذه، وأنت تطالع ما في صحافاتٍ عالميةٍ وعربيةٍ بشأن تلك الطبول، وما إذا كان ضجيجُها الجاري سينتهي إلى أن تبدأ حاملة الطائرات الأميركية أبراهام لنكولن شغلها من مياه الخليج، وقد وصلت إلى هناك أخيراً، وكذا قاذفات بي 52 الأربع (وربما أكثر) البعيدة المدى. لا تُسعفك مطالعاتُك هذه بحلّ الأحجية، ما إذا كانت خواتيم هبّات التسخين، العالية الحرارة في أجواء التوتر بين واشنطن وطهران، ستأخذ منطقة الخليج إلى حربٍ رابعة، نذر السوء فيها أشدُّ وأوقع، أم إنه التبريد، هبّاته في تصريحاتٍ وتسريباتٍ غير قليلةٍ ستُنجي الخليج من طيش المجنونين إياهم، ذلكم أن الوزير الأميركي بومبيو، يهاتف ولي عهد العربية السعودية، بعد أن يهاتف سُلطان عُمان. وبذلك، يكون المعلقون العرب، في الصحافات المرئية والمقروءة، حصيفين إذا عدّوا إلى العشرة قبل تعيين أرجحية وقوع الحرب، في صيفٍ لن يكون عادياً، على وقوع ما يتفاداها، من قبيل صفقةٍ ما، أو تفاهماتٍ تنبني على تنازلاتٍ يغطّي عليها غبارُ الكلام الثقيل الذي يقذفه جنرالات إيران وشيوخُها، وذلك الذي يطلقه بولتون، وهو الرجل الذي يرى "الاستسلام ليس حلاً"، كما عنوان كتابٍ له.
ليس عسيراً على من يرجّح حدوث الحرب، واسمُها الكريهة عند العرب القدامى، أن يقع على شواهد تنتصر لما يقول، تماماً كما حالُ من يستبعد وقوعها. ولأن المسألة كلها من اختصاص جنرالاتٍ في البنتاغون وقادة القوات الجوية والمجوقلة في طهران، وليست من صلاحيات محمد بن سلمان، وتابعه تركي الحمد، ولا من مهام أنور قرقاش بداهةً، فإن الأدعى منا، نحن أصحاب التعاليق العرب، أن نكون "محضر خير"، كما فعل الكاتب السعودي، عبد العزيز الصقر، مع زميله الكاتب الإيراني، حسين موسويان، في نشرهما مقالاً مشتركاً في "نيويورك تايمز"، دعوَا فيه قادة بلديهما إلى حوار جادّ. وإلى مطلبٍ وجيهٍ، وبالغ الضرورة كهذا (هل من يستجيب؟)، ثمّة مطلبان في المنزلة نفسها من اللزوم، لو ننشط فيهما نحن المعلقون.
أولا، مواظبة التأكيد على الحقيقة المعمّى عليها عمداً، وموجزها أن هذه الحرب، إن وقعت لا قدّر الله، إسرائيلية الغرض. لم يحرّض من أجل إشعالها شخصٌ بمثل ما فعل نتنياهو، وصديقه بولتون. ومن البلاهة أن يظنّ أحدٌ منا، نحن العرب، أن سواد عيوننا، وأمن منطقة الخليج، هما من بين دوافع يسطّرها صانع القرار الأميركي، عندما يأمر "أبراهام لنكولن" برمي أولى رمياتها على أي مطرحٍ في إيران. وتكون البلاهة أشدّ عندما نصدّق أن مصالح الأمن القومي الأميركي تحتّم هذه الحرب، فهذا افتراضٌ يعني أن فريق باراك أوباما، عندما توصّل إلى اتفاق الرقابة على البرنامج النووي الإيراني، كان يضرّ بهذا الأمن. وهذا كلامٌ هراء.
ثاني المطلبيْن، المُشتهى أن يُلحَّ عليه في الإعلام العربي، أن نُخاطب الحاكمين في طهران بما يلزم أن يسمعوه، وموجزُه أن عليهم أن يُقابِلوا رفضَنا الحرب الإسرائيلية، المخرّبة لإمكانات دول الخليج واستقرارها، بما عليهم أن يصنعوه حالاً، وهو كثير، من مفرداته أن يتخلّصوا من عقلية استضعاف الجوار العربي، واعتبار جغرافياتِه ساحات نفوذ وهيمنة وتحكّم، واقعة أو محتملة. مؤكّدٌ أن الراهن العربي، عندما يكون من أعلامه محمد بن زايد ومحمد بن سلمان وعبد الفتاح السيسي وبشار الأسد (و...)، لا يدفع إلى أن يضطرّ ملالي إيران إلى أن يُبادروا إلى المطروح هنا، لكن هذا لا يعفيهم من اتباع الحق الذي هو أوْلى أن يتّبع، من قبيل المساهمة في إنقاذ اليمن، عندما تعرف طهران ما عليها أن تُسمِعَه للحوثيين هناك. وكذا المساهمة في إسعاف ما تبقّى من سورية وحواضرها، بالكفّ عن الانتصار للمذهبي على الوطني هناك، وبالتوقف عن إسعاف نظامٍ فقد أهليته للحكم في دمشق، منذ أول رصاصةٍ ضد شعبه الساخط عليه.. واليمن وسورية مقطعان من مشهدٍ عربيٍّ عريض، لا يستقيم عمل إيران فيه، العدواني في بعض تفاصيله، مع رفضنا المحقّ حرباً إسرائيليةً عليها، فليتوقف إذن.
أولا، مواظبة التأكيد على الحقيقة المعمّى عليها عمداً، وموجزها أن هذه الحرب، إن وقعت لا قدّر الله، إسرائيلية الغرض. لم يحرّض من أجل إشعالها شخصٌ بمثل ما فعل نتنياهو، وصديقه بولتون. ومن البلاهة أن يظنّ أحدٌ منا، نحن العرب، أن سواد عيوننا، وأمن منطقة الخليج، هما من بين دوافع يسطّرها صانع القرار الأميركي، عندما يأمر "أبراهام لنكولن" برمي أولى رمياتها على أي مطرحٍ في إيران. وتكون البلاهة أشدّ عندما نصدّق أن مصالح الأمن القومي الأميركي تحتّم هذه الحرب، فهذا افتراضٌ يعني أن فريق باراك أوباما، عندما توصّل إلى اتفاق الرقابة على البرنامج النووي الإيراني، كان يضرّ بهذا الأمن. وهذا كلامٌ هراء.
ثاني المطلبيْن، المُشتهى أن يُلحَّ عليه في الإعلام العربي، أن نُخاطب الحاكمين في طهران بما يلزم أن يسمعوه، وموجزُه أن عليهم أن يُقابِلوا رفضَنا الحرب الإسرائيلية، المخرّبة لإمكانات دول الخليج واستقرارها، بما عليهم أن يصنعوه حالاً، وهو كثير، من مفرداته أن يتخلّصوا من عقلية استضعاف الجوار العربي، واعتبار جغرافياتِه ساحات نفوذ وهيمنة وتحكّم، واقعة أو محتملة. مؤكّدٌ أن الراهن العربي، عندما يكون من أعلامه محمد بن زايد ومحمد بن سلمان وعبد الفتاح السيسي وبشار الأسد (و...)، لا يدفع إلى أن يضطرّ ملالي إيران إلى أن يُبادروا إلى المطروح هنا، لكن هذا لا يعفيهم من اتباع الحق الذي هو أوْلى أن يتّبع، من قبيل المساهمة في إنقاذ اليمن، عندما تعرف طهران ما عليها أن تُسمِعَه للحوثيين هناك. وكذا المساهمة في إسعاف ما تبقّى من سورية وحواضرها، بالكفّ عن الانتصار للمذهبي على الوطني هناك، وبالتوقف عن إسعاف نظامٍ فقد أهليته للحكم في دمشق، منذ أول رصاصةٍ ضد شعبه الساخط عليه.. واليمن وسورية مقطعان من مشهدٍ عربيٍّ عريض، لا يستقيم عمل إيران فيه، العدواني في بعض تفاصيله، مع رفضنا المحقّ حرباً إسرائيليةً عليها، فليتوقف إذن.