أصدقاء السلام ومتحف المقاطعة

10 أكتوبر 2024
+ الخط -

اختارت منصّة مقاطعة أن تعرّف بنفسها وتدشّن أعمالها رسمياً في الذكرى الأولى لعملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر (2023)، عبر تنظيمها فعالية "أصدقاء السلام" في الكويت، بحضور جمع من المؤثرين في القضية الفلسطينية.

سُعدتُ كثيراً بالدعوة الكريمة التي أتاحت لي التعرّف إلى هذه المنصّة الرائدة في سبيل توسيع رقعة مقاطعة منتجات الشركات الداعمة للكيان الصهيوني في عدوانه على غزّة، وتحويل تلك المقاطعة التي بدأت عفويةً إلى عمل منظّم وسهل، من خلال حلول تطبيقية عملية وسريعة تساهم في تطوير فعل المقاومة بشتّى الأشكال والوسائل الممكنة.

‏تعرّفنا في الفعالية، التي امتدت ساعتين حافلتين بالأفكار والرؤى، إلى تجارب ساهمت في المقاطعة لصالح القضية، وخصوصاً بعد "طوفان الأقصى" وما تلاه من عدوانٍ قاسٍ على غزّة طوال عام وما زال مستمرّاً، كما تعرّفنا إلى فكرة "أصدقاء السلام" الداعمة منتجات الشركات الصديقة للسلام. وحظينا في نهاية الفعالية بفرصة زيارة معرض "متحف المقاطعة"، بمحتوياته الإبداعية الثريّة بالرموز والعروض المرئية لفنانين عرب وأجانب، وقف بعضُهم أمام أعماله الفنية يشرحها للحضور بحماسة، من أجل تعزيز ثقافة الشراء بوعي.

بدت محتويات المعرض، وهو الأول من نوعه كما علمت، شهاداتٍ على قيمة فعل المقاطعة ليس في الحالة الفلسطينية وحسب، بل تاريخياً أيضاً، وكانت مجسّمات أشجار الزيتون الفلسطينية المنتصبة بشموخ في أرجاء المعرض تضفي على المكان طابعه التاريخي الجليل، بما يذكّر بقيمة القضية الفلسطينية وعمق مكانتها في وجدان العالم الحر.

وقفت الفنانة الكويتية الشابة والمبدعة حقاً فرح بستكي، التي أصادفها في كل الفعاليات التي تتعلق بفلسطين، أمام مجسّمات شجر الزيتون التي أعدّتها لتستقبل رسائل مكتوبة بأوراق صغيرة يعلقها الحضور كأيقونات مساندة لأهلنا في غزّة بعبارات يكتبونها تعبيراً عن مشاعر اللحظة. قالت فرح إنها أرادت للجميع أن يتركوا أثراً كأثر الفراشة.. ربما لا يُرى ولكنه لا يزول، كما قال محمود درويش يوماً.

‏أوصل المشاركون في معرض "متحف المقاطعة" رسالة فنية وثقافية إلى أهلنا في فلسطين بأنهم ليسوا وحدهم في مقاومة العدوان، وأن الدعم الكويتي اللامحدود لقضية لفلسطين لن يتوقّف أبداً بإذن الله.

‏قدّم فقرات الفعالية المؤسس المشارك للمنصة صالح الرشيدي، والذي أثار شجون الحضور بحواره التفاعلي الحي مع المتحدّثين عن داخل غزّة، ممثلاً بعضوي الوفد الكويتي إلى غزّة محمد الكندري وعمر الثويني، وخارجها ممثلاً بمؤسس برنامج بويكوت (boycat) عادل أبو طلحة، والفنان عمر ليفي.

‏نقل الكندري والثويني ذكريات رحلتيْن إغاثيتين شاركا بهما الى غزّة، وكانت التفاصيل أبعد مما ينقله الإعلام التقليدي ووسائل التواصل الاجتماعي، وأقرب إلى غزّة وأهلها. أما أبو طلحة فشرح فكرة تطبيق "بويكوت" القائمة على تمييز المنتجات الداخلة في نطاق المقاطعة عن غيرها ببساطة لمسة زر وحسب، في حين تحدث ليفي عن بعض أعماله الفنية الجميلة في تصوير رسائل إعلانية ذكية تحث على المقاطعة، وكان من أشهرها إعلان عرض في أثناء الحديث ليؤكد بثوان قليلة جدّاً، وبصمت كامل، أن المقاطعة فكرة والأفكار تصل سريعاً إن اخترنا لها أجنحتها المناسبة.

لم تعلن المنصّة عن فعاليتها مسبقاً ولم تكن الدعوات عامة. أراد القائمون عليها أن يكون الحاضرون هم المعنيون فقط، هم الذين بادروا وقاطعوا وشاركوا بالتوعية، وساندوا بالرسالة وعرفوا بجهودهم على هذا الصعيد.

شرائح مختلفة من المجتمع الكويتي يتأكد من يعرفهم عن قرب أن أغلبهم مختلفون في كل شي تقريباً لكن فلسطين توحدهم، والهدف يجمعهم.

قال الرشيدي في نهاية الفعالية وهو يقدم ضيوفه بعضهم لبعض باسم السلام: ‏على المستوى الفردي، لا يوجد الكثير مما يمكننا فعله لتغيير العالم. ولا يوجد الكثير مما يمكننا فعله لمساعدة فلسطين من بعيد.. ولكننا سنحاول دائماً. ولعلّ هذا ما قلناه كلنا لأنفسنا ونحن نحاول أن نوصل رسالتنا إلى أهلنا هناك: سنحاول دائماً.

CC19B886-294F-4B85-8006-BA02338302F0
سعدية مفرح

شاعرة وكاتبة وصحفية كويتية، من مجموعاتها الشعرية "ليل مشغول بالفتنة" و"مجرد امرأة مستلقية"، ولها مؤلفات نقدية وكتب للأطفال. فازت بعدة جوائز، وشاركت في مهرجانات ومؤتمرات عدة.