استهداف "أنصار الإسلام" في مالي: محاولة فرنسية لـ"تعويض" صفقة التبادل؟

03 نوفمبر 2020
تلتزم باريس الصمت حول هوية الأسرى وحتى المتشددين الذين تم قتلهم (Getty)
+ الخط -

بإعلان مشابه لما حصل مطلع عام 2020، أعلنت فرنسا مقتل العشرات من المتشددين في مالي، في وقت متأخر من ليل أمس الإثنين، لكن اللافت كان إعلانها أسر العشرات أيضاً عقب عملية عسكرية وصفت بـ"الاستثنائية" انتهت من دون جلبة تذكر، حتى أن العملية برمتها حصلت يوم الجمعة ولم يكشف عنها.

الكشف عن العملية جاء بالتزامن مع زيارة غير معلنة أجرتها وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي، التي سافرت لمدة يومين إلى منطقة الساحل والنيجر ومالي، للمرة الأولى منذ الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس إبراهيم بوبكر كيتا.

وقالت الوزيرة الفرنسية في تصريحات مقتضبة إن هذه العملية كانت "فرصة كبيرة، وجّهنا فيها ضربة كبيرة لجماعة إرهابية تابعة لتنظيم القاعدة".

وبحسب ما كشفته وسائل إعلام فرنسية، اليوم الثلاثاء، فإن العملية تمت بالقرب من حدود بوركينا فاسو، من خلال توجيه ضربات ضد مجموعات كانت تتنقل على دراجات نارية، وتمت بمشاركة طائرات مسيرة ومقاتلات ميراج 2000، وطائرات هليكوبتر و"عشرات الكوماندوز على الأرض"، الذين تمكّنوا من أسر عشرات المتشددين.

وتأتي هذه العملية في أعقاب نجاح باريس بتحرير 4 رهائن أخيراً، بينهم العاملة الإنسانية صوفي بترونين آخر رهينة فرنسية في العالم، بعد مفاوضات قادتها باماكو، وأفرج في المقابل عن نحو 200 معتقل من المتشددين، بينهم العشرات من القياديين والشخصيات البارزة، ما أثار حينها قلقاً من أن تتمكن حركة "أنصار الإسلام" تنظيم عملياتها أكثر وحصولها على دفعة معنوية كبيرة.

وتلتزم باريس الصمت حول هوية الأسرى وحتى المتشددين الذين تم قتلهم، حيث لا يعرف بعد ما إذا كان من بينهم تلك القيادات التي أفرج عنها في عملية التبادل التي أفضت إلى الإفراج عن الرهائن في 9 أكتوبر/تشرين الأول، إذ اكتفت باريس بالقول إنه تم "تحييد كتيبة كاملة لأنصار الإسلام تضم حوالي 60 مقاتلاً".

وخلال عملية التبادل التي جرت الشهر الماضي، أفرج عن كوادر تابعة لتنظيم "القاعدة"، كان من بينها الموريتاني فواز ولد أحمد، الملقب بـ"إبراهيم 10"، الذي اعتقل عام 2016، وهو متورط في الهجمات على مطعم لا تيراس في باماكو وفندق بيبلوس في سيفاري عام 2015 ما أودى بحياة 28 شخصاً حينها.

والموريتاني الملقب بـ "أبو دردار"، الذي استسلم للقوات الفرنسية عام 2014؛ وميمي ولد بابا، الذي اعتُقل في يناير/كانون الثاني 2017 في مالي، ويعتبر الأخير المسؤول عن توفير المعدات والتجهيزات في هجمات واغادوغو في بوركينا فاسو في يناير/ كانون الثاني عام 2016، والتي أودت بحياة 30 شخصاً، بالإضافة إلى الهجمات التي استهدفت مدينة غراند بسام في كوت ديفوار وأوقعت 19 قتيلاً في مارس/آذار من العام نفسه.

ورغم أن عملية التبادل أفضت إلى تحرير 4 رهائن مدنيين، إلا أن الانتقادات والأسئلة التي طرحت على باريس كانت كثيرة، خصوصاً وأن 200 من المقاتلين المتشددين الذين أفرج عنهم كان يمكن أن يشكلوا رافداً بشرياً لمن تقول فرنسا إنها تقاتلهم في منطقة الساحل.

 وآنذاك، طرحت "لوموند" تلك التساؤلات على مصدر مطلع على العملية، ليجيب بأن معظم من أفرج عنهم "مجرد أسماك صغيرة لم تتم محاكمتهم بعد" بسبب تشعب القضية وتعقيدات تحول دون عرضهم على القضاء. وهذا يعزز احتمال أن تكون عملية يوم الجمعة للتخلص منهم.

ذلك الاحتمال يبرز مع تصريحات بارلي بعد العملية، إذ نقلت وكالة "فرانس برس" عنها قولها: "بينما أعادت السلطات الانتقالية المالية التأكيد على التزامها بمكافحة الإرهاب، فإن هذا النجاح التكتيكي يظهر لنا مرة أخرى أن الجماعات الإرهابية لا يمكنها أن تتصرف بحرية أو أن تفلت من العقاب في مواجهة قواتنا".

 وأضافت: "لا يمكننا الحوار مع الجماعات المتشددة التي لم تتخل عن نشاطها الإرهابي (..) هذه مسؤولية السلطات المالية، وليست مسؤوليتنا، ولكن من المهم مشاركتها ودعمها".

يشار إلى أن القوة الفرنسية الموجودة في المنطقة في إطار قوة "برخان" تضم 3000 من الفرنسيين، أضيف إليهم عدد جديد، لم يكشف عنه بعد، من القوات الفرنسية الخاصة، التي شاركت في عملية الجمعة وأسرت عدداً من المتشددين.

ويعود تاريخ آخر عملية كبيرة للجيش الفرنسي ضد المتشددين إلى فبراير/شباط الماضي، حيث أعلنت باريس آنذاك مقتل نحو 50 مقاتلاً وتدمير 30 دراجة نارية وشاحنتي بيك آب، وضبط أسلحة ومعدات إلكترونية.

المساهمون