فرنسا ترد على غضب العالم الإسلامي بإجراءات داخلية

27 أكتوبر 2020
استمرار تنديد دول عربية وإسلامية باستمرار نشر الصور الكاريكاتورية المسيئة (حسين بيضون)
+ الخط -

يتخذ الجدل حول تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخيرة حول الإسلام و"النزعة الانفصالية" منحى تصاعدياً، لا سيما بعد تحوله إلى أزمة دبلوماسية بدأت شرارتها بين أنقرة وباريس، على خلفية دعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نظيره الفرنسي إلى "إجراء فحوص لصحته العقلية"، لتعلن بعدها وزارة الخارجية الفرنسية استدعاء سفيرها هيرفي فرانسوا ماغرو من أنقرة للتشاور نهاية الأسبوع.

ومع تنديد عدد من الدول العربية والإسلامية باستمرار "نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد"، واتساع حملة مقاطعة البضائع الفرنسية لتصل إلى دول المغرب العربي، لا يبدو أن باريس راغبة بالتصعيد دبلوماسياً، برغم صدور بيان عن وزارة الخارجية في بداية حملة المقاطعة وصف المقاطعين بـ"أقلية متطرفة". 

وكل ما يمكن أن يقال، حتى الآن، عن رد فعل فرنسا بشأن استنكار الجزائر والمغرب "المسّ بمقدسات الأديان" أنها تفضل التظاهر بعدم سماعها ردود الفعل التي صدرت عن دول المغرب العربي.

مع تنديد عدد من الدول العربية والإسلامية باستمرار "نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد"، واتساع حملة مقاطعة البضائع الفرنسية لتصل إلى دول المغرب العربي، لا يبدو أن باريس راغبة بالتصعيد دبلوماسياً

هذا التجاهل الفرنسي الرسمي للجلبة التي أحدثها ماكرون خارج أسوار الجمهورية يخفي غيظاً تكتمه باريس تجاه الانتقادات التي وجهتها دول كثيرة لها، ويمكن ملاحظته بشكل واضح من خلال تصريحات نجم القنوات الإخبارية الفرنسية مؤخراً، وزير الداخلية جيرالد درمانان، الذي أعلن بشكل مفاجئ، اليوم الثلاثاء، تسريع مسار خطته الأمنية، المستمرة منذ 19 أكتوبر/تشرين الأول ضد جمعيات ومؤسسات وشخصيات إسلامية يصفها بـ"التواطؤ والتحريض" في جريمة مقتل أستاذ التاريخ صمويل باتي على يد لاجئ من أصول شيشانية في 16 أكتوبر/تشرين الأول.

والخطة الأمنية التي قال عنها درمانان إنها "حربٌ ضد أعداء الداخل"، اتخذت مساراً جديداً مع إعلانه عبر إذاعة "فرانس انتر"، اليوم الثلاثاء، أنه سيقدم مقترحاً لمجلس الوزراء، غداً الأربعاء، لإصدار مرسوم حل "جمعية البركة سيتي"، و"جمعية مناهضة الإسلاموفوبيا في فرنسا" خلال الأيام المقبلة، في وقت كان من المقرر أن يقدم مقترحه بعد نحو أسبوعين.

تسريع درمانان إجراءات حل الجمعيتين جاء بعد إعلان جمعية "مناهضة الإسلاموفوبيا في فرنسا" تدويل نشاطاتها "لحماية عملها بشكل أفضل"، بحسب بيان نشرته، أمس الاثنين، على موقعها الرسمي.

وجاء في البيان أن سعي وزير الداخلية الفرنسي إلى حل الجمعية "إنكار سياسي ومؤسسي حقيقي للعنصرية ضد المسلمين. إنه يبعث برسالة رهيبة إلى المواطنين المسلمين: ليس لديكم الحق في الدفاع عن حقوقكم. والجمعية التي تدعم قوانين ديمقراطيتنا لمساعدتك في احترام حرياتك هي الآن هدف".

وأعلنت الجمعية "بصفتنا مدافعين عن الحريات الأساسية للمسلمين، لم تعد جمعيتنا وفرقنا آمنة في فرنسا. وبهذا المعنى على وجه الخصوص، بدأنا (الإجراءات) لتفعيل حماية المنظمات الدولية، المقدمة إلى جمعيات مثلنا".

من جهتها، وفي أول رد فعل لها على قرار درمانان الطلب من مجلس الوزراء إصدار قرار بحلها، غداً الأربعاء، أطلقت جمعية "البركة سيتي" عريضة للتوقيع على شبكة الإنترنت، أرفقتها ببيان جاء فيه: "لقد حظيت الجمعية بدعم كبير خلال الموجة الأولى من جائحة كورونا في فرنسا، وأظهرت تضامنها مع المواطنين الفرنسيين من جميع الأصول والمعتقدات. سيكون حل هذه الجمعية قاتلاً لهؤلاء المستفيدين، الذين يعتمدون على مساعدات الجمعية بنسبة مائة في المائة".

دلالات
المساهمون