NGO's غزة.. مساعدة أم تكريس أزمات

09 ابريل 2015
+ الخط -

يعمل في قطاع غزّة العديد من المؤسّسات الأجنبيّة منذ وقت طويل، سيّما وأن القطاع يعتبر منطقة متغيرات دائمة على الصعيد الاجتماعي والسياسي والأمني. ما يجعله نقطة جذب وهدفاً جذابا لعمليّات المؤسّسات الدولية الإغاثية منها، وتلك المعنية بتوثيق الانتهاكات في حقوق الإنسان والعمل الدعوي القانوني. ويلحظ مدى انعكاس تقلّبات الأوضاع في القطاع المحاصر على عمل وطبيعة وجود عدد هذه المؤسّسات.

وبالعودة إلى الفترة التي تسبق إنشاء جهاز السلطة الفلسطينية، وما رافق تلك المرحلة من حالة شبه استقرار وهدوء، فقد توجّه عدد كبير من المؤسّسات الدولية نحو العمل مباشرة في القطاع، وليس فقط عبر الاعتماد على وكلاء محليين من منظمات المجتمع المدني العاملة في غزة، ويمكن التأريخ لحقبة التسعينيات على أنها مرحلة تمتين وجود المؤسسات الدولية في غزة.

وبعد ذلك بقرابة عقد، نجد أن فترة ما بعد الحرب على غزّة عام 2008-2009 شكلت فسحة جذب كبيرة لموجة ثانية من المؤسّسات الأجنبيّة، على اختلاف منشئها أو نطاق عملها أو أهدافها، المعلنة وغير المعلنة، ليشهد القطاع ارتفاعاً ملحوظاً في عدد المؤسّسات التي قدمت للعمل فيه بشكل مباشر. حيث تتنوّع أنشطة فروع هذه الجمعيات على قطاعات عمل عديدة، وإن غلب على معظمها العمل في مجالات العمل الإغاثي، تلاه العمل في القطاع الصحّي على اختلاف أنشطته كالدّعم النفسي أو العلاج الطبّي أو تقديم المعدّات والتجهيزات.

تبدأ هذه المؤسّسات عملها في فلسطين انطلاقاً من مبدأ أنّها مكملة للدور الذي تقوم به الوزارات والمؤسّسات الحكومية، وتعطي نفسها أولوية سدّ العجز أو الخلل في كلّ منهما، من خلال مشاريع تنموية، اقتصادية، إغاثيّة وأخرى متنوّعة من المفترض أنها تساعد الفلسطينيّين على النهوض بأنفسهم. وفي غزّة تحديداً، تقوم هذه المؤسّسات باستقطاب الشّباب الغزي للعمل معها كمتطوّعين في المشاريع المختلفة التي تقدّمها، يتم ذلك تحت بند وعود يطلقها مدراء المؤسّسات أو المشاريع للمتطوّعين بإمكانية توظيفهم فيها بعد مدّة معيّنة من التطوّع يبلغ أقصاها 6 أشهر. إلا أنّهم يتنصّلون من وعودهم هذه بذرائع النقص في التمويل والدعم الذي يتلقونه، مستنكرين على الشباب مطالبتهم بما وعدوا به، بل ويقومون باستقطاب المزيد من خرّيجي الجامعات، متّبعين نفس السياسة التي تهوي بالمتطوّعين أرضاً بعد ذلك وتزيد من نسب البطالة، كما وتفاقم الإحباط وتزيد من سعة الشرخ في الثقة بين الشباب وبين المؤسسات المحلية والدولية العاملة في المجتمع المحلي.

في الوقت الذي يأخذ بعض أعضاء أجهزة السلطة الفلسطينيّة أماكنهم في العديد من المؤسّسات، ويعملون فيها مقابل مبلغ مادي على الرّغم من مخالفة القانون الذي يمنع الجمع بين وظيفتين في آن معاً. ويعد غياب الرقابة في غزّة من العوامل المهمّة في إشاعة التحايل على القانون، وإهدار الحقوق في ما يخصّ العمل بمؤسّسات المجتمع المدني والمنظّمات الحقوقيّة وغيرها من الحكوميّة حتّى. من ناحية أخرى، ومن المآخذ على طبيعة عمل المؤسّسات الدوليّة في غزّة أنّ معظم المشاريع والمبادرات الصغيرة التي تتبنّاها يكون نجاحها مرتبطا بفترة زمنيّة معيّنة ثمّ تفشل. حيث بات المهم لديهم هو تصويرها والحديث عنها في الصحف والمجلات، وإظهار ما يقدمونه للغزيّين موهمين العالم بعدد المشاريع التي تحسب علينا كفلسطينيّين ودورهم القوي في مساعدتنا، إلا أنّنا لا نعود نجد أثراً لهذه المشاريع.

علاوةً على ذلك فإنّنا نلاحظ الخلل الواضح في آلية توزيع المساعدات الإغاثيّة مثلاً "الكوبونات"، وتكرار محتوياتها ما يضطر هذه الأسر لبيع المساعدات بمبالغ زهيدة كي يأمّنوا غيرها من الاحتياجات. فلا تنسيق واضح بين المؤسّسات وبعضها البعض، بل إنّ بعضهم يُعاقب من يلجأ إلى فعل ذلك بحرمانه من المساعدات دون مراعاة، ودراسة للأسباب التي أوصلته إلى هنا، ولا يشكل الإغراق في العمل الإغاثي عذرا للتقصير في الجانب التنموي والشبابي من طرف هذه المؤسسات.

(فلسطين)

المساهمون