يسقط فلسطينيون من قطاع غزة ضحايا، لا بواسطة المحتل الصهيوني بل برصاص احتفالات تعمّ القطاع بنجاح أو زواج أو عودة مغترب... مشكلة تحتاج إلى حلّ
كان رامز الغرابلي (18 عاماً) من حي الشجاعية، غرب مدينة غزة، على موعد مع فرحة العمر، خلال إعلان نتائج الثانوية العامة في مدينة غزة في الثامن من يوليو/ تموز الجاري، إذ حصل على نتيجة 97 في المائة، ومع وصول الخبر قرر إطلاق الرصاص احتفالاً، إذ صعد إلى سطح منزله مع سلاحه الرشاش. بعد طلقتين في الهواء، عاندت الطلقة الثالثة البندقية، وحاول إخراجها مراراً لكنّها عندما خرجت استقرت في رأسه، كما يقول أحد أصدقائه من الحيّ الذي تبدّلت فيه الأفراح إلى أحزان في لحظة.
شكلت حادثة مقتل الغرابلي صدمة في المجتمع الغزي، فقد جاءت بالرغم من التحذيرات الأمنية في ليلة إعلان نتائج الثانوية العامة من عدم إطلاق الرصاص احتفالاً. يقول عمه محمد الغرابلي لـ"العربي الجديد": "كان رامز يتحضر لإعلان النتائج بفارغ الصبر بعد اجتهاد كبير لدخول كلية الطب، لكنّه لحظة الإعلان عنها فقد السيطرة على نفسه، وعندما ذهب إلى السطح، سمعنا إطلاق نار وصراخاً في اللحظة نفسها، فانقلبت المنطقة كلّها حزناً".
اقــرأ أيضاً
شهد العديد من مناطق قطاع غزة إطلاق نار بين البيوت في أعقاب إعلان نتائج الثانوية العامة، التي أوقعت 14 إصابة وحالة قتل واحدة، كما أعلن الناطق باسم الشرطة في غزة أيمن البطنيجي. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ الشرطة ألقت القبض على بعض الأشخاص، من دون ذكر العدد، وأحالتهم إلى التحقيق، ثم التدقيق في أرقام الأسلحة المستخدمة وإجبارهم على دفع غرامات.
وكانت النيابة العامة في غزة قد أصدرت بياناً مهماً في شأن منع استخدام السلاح أثناء إعلان نتائج الثانوية العامة، بإيعاز من النائب العام، ضياء الدين المدهون، إلى جميع وكيلي النيابات في المحافظات، بالتعاون مع أقسام الشرطة والمباحث العامة، في ملاحقة وضبط وتوقيف كلّ من يستخدم السلاح الناري بوجه غير مشروع، خلال الإعلان عن النتائج.
بعدما كادت ظاهرة إطلاق النار احتفالاً تنتهي من قطاع غزة في ظل السيطرة الأمنية القوية لحركة حماس منذ عام 2007، ومنعت في لحظتها إطلاق النار خلال الأفراح والمناسبات وكانت تلاحق من يطلق النار وتسجنه وتغرّمه، لكنّها خلال العامين الماضيين بدأت تعود إلى الاحتفالات.
يشير تقرير لمركز "الميزان" لحقوق الإنسان إلى أنّ عام 2017 شهد استخدام السلاح بشكل خاطئ وخارج القانون في 50 حادثة، أدت إلى مقتل 17 مواطناً، من بينهم 3 أطفال، و6 سيدات، وإصابة 73 مواطناً آخرين، من بينهم 10 أطفال، و4 نساء.
إطلاق النار في الاحتفالات أدى لإصابة الطفلة نرمين مؤيد (11 عاماً) في قدمها اليسرى خلال إحدى السهرات في شمال قطاع غزة في 25 مارس/ آذار الماضي، ما تسبب في قطع الشرايين، فاحتاجت إلى أربع عمليات جراحية، آخرها كانت جراحة تجميلية في نهاية يونيو/ حزيران الماضي.
يقول والدها محمد مؤيد لـ"العربي الجديد": "كانت طفلتي تلهو مثل كثير من الأطفال على أنغام الأغاني التراثية والدبكة، حتى بدأ إطلاق النار بشكل متهور لعرض عضلات الشاب الذي يرقص بالبندقية أمام الجميع، لكن أصابت طفلتي إحدى الطلقات، وحتى اللحظة لا تستطيع أن تحرك قدمها، فما ذنبها؟".
يلوم مؤيد عادات اقتناء السلاح الشخصي، واستخدامه في الاحتفالات، وينظر إليها كعادة تقليدية سيئة، ويتعجب من عودتها إلى مجتمع غزة خلال العامين الماضيين. يضيف: "عندما تسمع ابنتي أصوات طبل أو مزمار باتت تخاف، لأنّ ذلك يعيد إليها مشهد إصابتها. لذلك، بتنا لا نذهب إلى أيّ مجلس عائلي يمكن أن يطلق فيه الرصاص".
الباحث والمحاضر في العلوم الاجتماعية، محمد حجازي يلاحظ أنّ إطلاق الرصاص في الاحتفالات هو نتيجة ضغوطات يومية كبيرة يعيشونها. ومع تراجع السيطرة الأمنية وتضييق الحصار، يلجأ هؤلاء إلى خلق جو من "الفرح، يتضمن عنفاً غير مقصود، وهو ما يحدث في احتفالات النجاح، أو لدى عودة مغترب إلى وطنه، أو في الأفراح التقليدية الفلسطينية، إذ يحملون السلاح الخفيف بجميع أنواعه ويستعرضونه كإشارة إلى قوة العائلة".
اقــرأ أيضاً
يقول حجازي لـ"العربي الجديد": "نحن مجتمع غير عقلاني في هذه الأفراح، ما يعني أنّنا مجتمع غير فاعل بل منفعل في جميع عاداته. التقليد متوارث كغيره من العادات التي لم تتغير في مجتمعنا مثل ثقافة التظاهر والتفاخر، وللأسف فهو موجود في الشعر المتداول في مناهجنا كصفات رجولية، وحتى كلمات أغاني الأفراح لم تتغير، إذ نسمع الأغاني التي تمجّد السلاح، ومن الطبيعي ألا تندثر هذه العادة في مثل هذه الظروف".
كان رامز الغرابلي (18 عاماً) من حي الشجاعية، غرب مدينة غزة، على موعد مع فرحة العمر، خلال إعلان نتائج الثانوية العامة في مدينة غزة في الثامن من يوليو/ تموز الجاري، إذ حصل على نتيجة 97 في المائة، ومع وصول الخبر قرر إطلاق الرصاص احتفالاً، إذ صعد إلى سطح منزله مع سلاحه الرشاش. بعد طلقتين في الهواء، عاندت الطلقة الثالثة البندقية، وحاول إخراجها مراراً لكنّها عندما خرجت استقرت في رأسه، كما يقول أحد أصدقائه من الحيّ الذي تبدّلت فيه الأفراح إلى أحزان في لحظة.
شكلت حادثة مقتل الغرابلي صدمة في المجتمع الغزي، فقد جاءت بالرغم من التحذيرات الأمنية في ليلة إعلان نتائج الثانوية العامة من عدم إطلاق الرصاص احتفالاً. يقول عمه محمد الغرابلي لـ"العربي الجديد": "كان رامز يتحضر لإعلان النتائج بفارغ الصبر بعد اجتهاد كبير لدخول كلية الطب، لكنّه لحظة الإعلان عنها فقد السيطرة على نفسه، وعندما ذهب إلى السطح، سمعنا إطلاق نار وصراخاً في اللحظة نفسها، فانقلبت المنطقة كلّها حزناً".
شهد العديد من مناطق قطاع غزة إطلاق نار بين البيوت في أعقاب إعلان نتائج الثانوية العامة، التي أوقعت 14 إصابة وحالة قتل واحدة، كما أعلن الناطق باسم الشرطة في غزة أيمن البطنيجي. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ الشرطة ألقت القبض على بعض الأشخاص، من دون ذكر العدد، وأحالتهم إلى التحقيق، ثم التدقيق في أرقام الأسلحة المستخدمة وإجبارهم على دفع غرامات.
وكانت النيابة العامة في غزة قد أصدرت بياناً مهماً في شأن منع استخدام السلاح أثناء إعلان نتائج الثانوية العامة، بإيعاز من النائب العام، ضياء الدين المدهون، إلى جميع وكيلي النيابات في المحافظات، بالتعاون مع أقسام الشرطة والمباحث العامة، في ملاحقة وضبط وتوقيف كلّ من يستخدم السلاح الناري بوجه غير مشروع، خلال الإعلان عن النتائج.
بعدما كادت ظاهرة إطلاق النار احتفالاً تنتهي من قطاع غزة في ظل السيطرة الأمنية القوية لحركة حماس منذ عام 2007، ومنعت في لحظتها إطلاق النار خلال الأفراح والمناسبات وكانت تلاحق من يطلق النار وتسجنه وتغرّمه، لكنّها خلال العامين الماضيين بدأت تعود إلى الاحتفالات.
يشير تقرير لمركز "الميزان" لحقوق الإنسان إلى أنّ عام 2017 شهد استخدام السلاح بشكل خاطئ وخارج القانون في 50 حادثة، أدت إلى مقتل 17 مواطناً، من بينهم 3 أطفال، و6 سيدات، وإصابة 73 مواطناً آخرين، من بينهم 10 أطفال، و4 نساء.
إطلاق النار في الاحتفالات أدى لإصابة الطفلة نرمين مؤيد (11 عاماً) في قدمها اليسرى خلال إحدى السهرات في شمال قطاع غزة في 25 مارس/ آذار الماضي، ما تسبب في قطع الشرايين، فاحتاجت إلى أربع عمليات جراحية، آخرها كانت جراحة تجميلية في نهاية يونيو/ حزيران الماضي.
يقول والدها محمد مؤيد لـ"العربي الجديد": "كانت طفلتي تلهو مثل كثير من الأطفال على أنغام الأغاني التراثية والدبكة، حتى بدأ إطلاق النار بشكل متهور لعرض عضلات الشاب الذي يرقص بالبندقية أمام الجميع، لكن أصابت طفلتي إحدى الطلقات، وحتى اللحظة لا تستطيع أن تحرك قدمها، فما ذنبها؟".
يلوم مؤيد عادات اقتناء السلاح الشخصي، واستخدامه في الاحتفالات، وينظر إليها كعادة تقليدية سيئة، ويتعجب من عودتها إلى مجتمع غزة خلال العامين الماضيين. يضيف: "عندما تسمع ابنتي أصوات طبل أو مزمار باتت تخاف، لأنّ ذلك يعيد إليها مشهد إصابتها. لذلك، بتنا لا نذهب إلى أيّ مجلس عائلي يمكن أن يطلق فيه الرصاص".
الباحث والمحاضر في العلوم الاجتماعية، محمد حجازي يلاحظ أنّ إطلاق الرصاص في الاحتفالات هو نتيجة ضغوطات يومية كبيرة يعيشونها. ومع تراجع السيطرة الأمنية وتضييق الحصار، يلجأ هؤلاء إلى خلق جو من "الفرح، يتضمن عنفاً غير مقصود، وهو ما يحدث في احتفالات النجاح، أو لدى عودة مغترب إلى وطنه، أو في الأفراح التقليدية الفلسطينية، إذ يحملون السلاح الخفيف بجميع أنواعه ويستعرضونه كإشارة إلى قوة العائلة".
يقول حجازي لـ"العربي الجديد": "نحن مجتمع غير عقلاني في هذه الأفراح، ما يعني أنّنا مجتمع غير فاعل بل منفعل في جميع عاداته. التقليد متوارث كغيره من العادات التي لم تتغير في مجتمعنا مثل ثقافة التظاهر والتفاخر، وللأسف فهو موجود في الشعر المتداول في مناهجنا كصفات رجولية، وحتى كلمات أغاني الأفراح لم تتغير، إذ نسمع الأغاني التي تمجّد السلاح، ومن الطبيعي ألا تندثر هذه العادة في مثل هذه الظروف".