جهاز الاستخبارات الدنماركي: التهديد الإرهابي قائم

29 ابريل 2016
خوف دنماركي من تكرار هجمات باريس وبروكسل(العربي الجديد)
+ الخط -
تعيش كوبنهاغن، هاجس الأمن الذي يشبه هاجس جارتها استوكهولم، ولكن المفاجئ أن جهاز الاستخبارات الدنماركي خرج بتقييمات تقلب "رأساً على عقب" توقعات العامين الماضيين.

فبعد أن كان يشاع أن "محاربو سورية"، من الشبان الذين سافروا وشاركوا في الحرب، يشكلون "التهديد الإرهابي الأكبر، إلا أن الأمر يبدو اليوم مختلفاً".

وبحسب ما صدر عن مركز "التحليل الإرهابي"، التابع لجهاز الاستخبارات الدنماركي "بيت"، فإن "التهديد يأتي اليوم من أفراد ومجموعات صغيرة لم تغادر البلاد إلى مناطق النزاع".

ويعاكس التقرير السنوي، الذي يقدمه المركز تقرير العام الماضي، الذي اعتبر أن "العائدين من محاربي سورية يشكلون تهديداً جدياً للدنمارك". ويبدو وفق مهتمين بالشؤون الأمنية، أن الاستنتاجات التي وصل إليها مركز التحليل الأمني، "يستند إلى ما جرى في كل من باريس وبروكسل. فقد أظهرت داعش قدرة على التخطيط المعقد لتنفيذ اعتداءات إرهابية في أوروبا، وبأهداف متعددة ومنها المدنية. وبحسب ما يرى مركزنا فإن أشخاصاً مقيمين عند داعش، وهم من الدنمارك، قادرون على التخطيط لعمليات إرهابية ضد البلاد".


ووفق التحليل الجديد، فإن "التحديات هي المسماة كروس أوفر cross overs التي ينتقل فيها الشخص من كونه عضواً في عصابة إجرامية إلى حالة من التشدد. فبيئة الإجرام فعالة جداً لإيجاد منفذين". ولا تزال السلطات الأمنية تتحدث منذ عام 2012 عن سفر 135 شاباً إلى العراق وسورية للالتحاق بمجموعات قتالية، وأن واحداً من كل 5 من هؤلاء كان نزيل السجون.

وتعترف الأجهزة، بانخفاض الرقم في 2013 و2014 إلى 115 شخصاً. وعاد من مجموع 135 شخصاً نصف هؤلاء إلى الدنمارك. وبقي ثلث هؤلاء في سورية والعراق، وهم الذين يتحدث عنهم التقرير "قادرين على التخطيط".

استخدام جوازات مزورة

من جهة ثانية يقول جهاز "بيت"،  إن "الإسلاميين يمكنهم العبور عبر تدفق اللاجئين ويشكلون تهديداً أمنياً للدنمارك. فالمجموعات المتشددة تستخدم إما جوازات مزورة أو مسروقة للنفاذ وإرسال أشخاص كلاجئين إلى أوروبا".

وهذا أيضاً تقييم مخالف لما جاء من رئيس الجهاز، فين بروك أندرسن، في العام الماضي 2015، والذي قال آنذاك:"بحسب معلوماتنا الاستخباراتية فإن المتشددين لا يستخدمون مسارات اللجوء في محاولة القيام بأعمال إرهابية في الدنمارك".

مصدر سياسي دنماركي يقول لـ"العربي الجديد"، شريطة عدم ذكر اسمه: "هذا التقييم الجديد اشتم منه رائحة سياسية تتعلق بسياسة التشديد الذي تتخذه أوروبا بحق اللاجئين وصدهم عن دخول الأراضي الأوروبية. إنها سياسة انتهازية لا تتسم بأية مبدأيه على الإطلاق".

مركز التحليل الأمني، لا يخفي اليوم التهديد الجديد عبر "إمكانية استغلال المجموعات الإرهابية تدفق اللاجئين وبجوازات مزورة عبر المسارات التي يتخذها طالبو اللجوء للوصول إلى أوروبا". ويصر المركز على اتخاذ ما جرى الحديث عنه في فرنسا عن "وجود جوازات مزورة لدى اثنين من المنفذين الذين عبروا بذات طريقة طالبي اللجوء". بل يستشهد هؤلاء بما قاله وزير داخلية فرنسا بيرنارد كازينوفيه حين قال، إن "لدى الدولة الإسلامية مصانع لإنتاج جوازات سفر ووثائق شخصية".

وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تحدثت عدة وسائل إعلامية ألمانية عن أن "أجهزة استخباراتية غربية عدة لديها الآلاف من جوازات السفر السورية المزورة".

رئيس جهاز الاستخبارات الدنماركية، فين بروك أندرسن، يقول اليوم للتلفزة الدنماركية، "هناك تهديد إرهابي. علينا أن نكون حذرين ومنتبهين مثلما ننتبه للمواصلات أثناء قيادتنا للسيارات. ومثلما نحذر أطفالنا ليكونوا أكثر انتباها أثناء قطع الشوارع. ذات الشيء يجب أن نفعله إذا ما لاحظنا شيئاً غير طبيعي، علينا التوجه فوراً للسلطات المختصة بالأمن".

ما يخشاه الدنماركيون، يخشاه السويديون وغيرهم من الأوروبيين، أن "ضربة إرهابية واحدة كافية لزعزعة كل الصورة"، وفق ما يقوله رئيس الجهاز الأمني الدنماركي.


في المقابل يربط المختصون في المجال الأمني بين هذه التحذيرات وما يجري على أرض الواقع في سورية والعراق"، فتنظيم الدولة يتعرض لنكسات. وتعزيز المشاركة الأوروبية والدنماركية منها في الحرب ضد داعش توسع من دائرة مخاطر التعرض لهجمات".

لكن رئيس الجهاز أندرسن، يرى أن "الإرهاب يحاول ضرب الديمقراطية والحرية في مجتمعنا". وهي نقطة تثير خلافاً وجدلاً بين أوساط يسارية وسياسية وفكرية، إذ يركز هؤلاء على "أسباب نشوء هذا الإرهاب، ومنه تنظيم داعش. فلماذا لم يفعل الكثير بدل التركيز على الأعراض والتوجه مباشرة إلى الأسباب في الحالة السورية والعراقية؟". أصحاب الرأي الأخير معظمهم من معارضي ما يطلقون عليه "سلبية غربية تجاه تشريد الملايين من السوريين والتركيز على ما يطلقون عليه أزمة لاجئين".