قلّة من الناس شاركت في تشييع الضابط شريف الله شمتو، مسؤول أمني في إقليم بادغيس، غربي أفغانستان، بعدما لقي حتفه في ظروف غامضة بالعاصمة الأفغانية كابول. وكلّ من رافق جثمانه من منزله الواقع في مدينة جلال أباد في شرقي البلاد، أوصي بأخذ الحيطة والحذر، خشية وقوع انفجار أو استهداف الموكب من قبل مسلّحين. كذلك عمد شبّان الأسرة إلى تفتيش كلّ من قصد المقبرة بعد صلاة الجنازة، خشية تسلّل أيّ مهاجم. يقول عبيد الله خان، ابن أخ شمتو، لـ"العربي الجديد" إنّ "كلّ شيء في بلادنا يجري وسط الخوف. بعدما قُتل عمّي في وضح النهار على يد عناصر من حركة طالبان، خفنا من جهتنا من وقوع هجوم ما في خلال مراسم الجنازة، لأنّ الجماعات المسلحة أو جهات أخرى مجهولة تسعى إلى إرباك الأمن، وبالتالي تستغلّ كل فرصة من أجل إثارة الذعر بين المواطنين". ويذكر خان أنّ "كثيرين من الأقارب تخلّفوا عن الحضور، على الرغم من أنّ الأعراف القبلية وكذلك الدين يقتضيان المشاركة في مراسم الحزن". والأمر لا يختلف في الأفراح كذلك، والسبب هو الخوف من الأماكن العامة.
بالتزامن مع جنازة شمتو، وقع تفجير عند حاجز أمني في مدنية جلال أباد، تبيّن أنّه عملية انتحارية. وثمّة من زعم أنّ الانتحاري كان يستهدف المشاركين في الجنازة التي حضرها حاكم الإقليم وكبار المسؤولين في الأمن والاستخبارات والداخلية، غير أنّه لم يتمكّن من بلوغ التجمّع بسبب تفتيشه عند الحاجز الأمني.
في سياق متصل، انفجرت قنبلة بالقرب من مدرسة أبي ذر الغفاري في إقليم تخار، شمالي أفغانستان، أدّت إلى مقتل تسعة أطفال تتراوح أعمارهم ما بين سبعة أعوام وعشرة، قبل أيام. لم تُعرف من هي الجهة التي نفّذت الهجوم، لكنّ الحادث هدف إلى إثارة بلبلة وخوف، وبحسب تقديرات جهات قبلية فإنّ ثمّة جهة غير معلومة تسعى إلى تخريب مستقبل البلاد. وقد صرّح مدير المدرسة حميد الله حيران لوسائل الإعلام بأنّ الأطفال الذين قتلوا جميعاً كانوا في طريقهم إلى المدرسة عندما انفجر بهم لغم مزروع في الطريق، واصفاً الحادثة بالمأساوية والمقيتة.
تعليقاً على هذه الحادثة الأليمة، يقول الزعيم القبلي في تخار، محمد واصف، لـ"العربي الجديد": "لا أظنّ أنّ العمل الجبان حدث صدفة، بل هو متعمّد وقد أتت به جهة مجهولة من أجل إحداث إرباك وبلبلة، لا سيّما من خلال استهداف مستقبل البلاد، تحديداً الأطفال والشباب". ويتّهم واصف "الحكومة والجهات الرسمية بالتباطؤ في معالجة القضايا التي تهمّ عموم المواطنين"، لافتاً إلى أنّ "استهداف الأماكن العامة مثل المدارس والمساجد والمدافن ومواقع حفلات الزفاف وما إليها أمر يخالف الدين والشرع والأعراف الدولية والوطنية. لكنّ العدوّ اللدود لا يرحم الشعب ويستهدفه بكل الوسائل".
تكثر حوادث قتل المدنيين من خلال استهداف الأماكن العامة، لكنّ ثمّة حادثتَين كبيرتَين تطبعان ذاكرة الأفغان، إحداهما استهدفت مسجداً في إقليم ننجرهار (شرق) والثانية حفل زفاف في العاصمة الأفغانية كابول. في الحادثة الأول، قتل نحو 80 شخصاً في أكتوبر/ تشرين الأوّل الماضي من جرّاء انفجار وقع في داخل مسجد في مديرية هسكه مينه في ننجرهار، وهي تُعَدّ من كبرى الحوادث التي استهدفت المساجد في البلاد. حتى اليوم، لم تتّضح طبيعة الهجوم وما زال لغزاً، في حين تحدّث شهود عيان ومسؤولون قبليّون عن مواد متفجّرة كانت مزروعة في داخل المسجد، لكنّ ثمّة آخرين قالوا إنّ الهجوم نجم عن سقوط صواريخ في المكان. ويفيد رأي ثالث بأنّ كلا الأمرَين وقعا بالفعل، التفجير من الداخل وسقوط الصواريخ، علماً أنّ ما حدث أثار الذعر بين المواطنين الذين صاروا يخشون التجمّعات مهما كانت طبيعتها. في هذا السياق، يقول الزعيم القبلي مولا داد لـ"العربي الجديد" إنّ "ثمّة مآسي كثيرة خلّفتها هذه الحادثة، لا سيّما في العائلات التي خسرت أفراداً منها"، مضيفاً أنّ "المساجد هي أماكن عبادة وملاجئ يأوي إليها الناس، غير أنّهم صاروا يخافون من التجمّع فيها".
أمّا حفل الزفاف في العاصمة الأفغانية كابول، فقد استُهدف بعملية انتحارية نفّذها تنظيم "داعش" في أغسطس/ آب الماضي، الأمر الذي خلّف نحو 70 قتيلاً. وهو أمر دفع كثيرين من أهل البلاد إلى التردد قبل الالتحاق بفرح أو مناسبة أخرى في مكان عام.