أصبح الإجماع شبه مؤكد في تونس، من قبل أغلب الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية، على فشل الحكومة الحالية في القيام بالإصلاحات المطلوبة، خاصة في ظل وضع مضطرب سياسياً ومحتقن اجتماعياً ومتدهور اقتصادياً.
ويطالب اليوم اتحاد الشغل بضرورة تنفيذ أولويات وثيقة "قرطاج 2"، التي قدمت مقترحات عملية، وأولويات خارطة الطريق للمرحلة القادمة، وهو مصرّ في معركته الحالية على الذهاب أبعد من ذلك، بالوقوف على تطبيق خارطة الطريق وبمطالبة الحكومة التي ستتولى إدارة المرحلة المقبلة بأن تتفرّغ فقط لهذا الهدف.
وأكّد الأمين العام المساعد في الاتحاد العام التونسي للشغل، بوعلي المباركي، في تصريح لـ "العربي الجديد" أن الفشل في أي مهمة له أسباب ومسببات عدة، موضحاً أنهم كانوا "من أكثر المدافعين عن الحكومة الحالية وإنجاح المسار السياسي، وعلى الرغم من أن تونس نجحت في عدة مسارات وخاصة في الانتخابات التشريعية والرئاسية وفي إدارة الجانب الأمني، حيث تحققت عدة نتائج مهمة ومطمئنة وإيجابية إلا أنه حصل فشل ذريع في المسألة الاقتصادية والاجتماعية".
وبحسب المباركي فإن هذا الفشل يعود إلى "الأزمة السياسية العميقة التي تلقي بظلالها على تونس وأدت إلى تعطل الأداء الحكومي ككل، وسبب ذلك أن الحكومة لم تتحمّل مسؤوليتها في طرح الملفات والإصلاحات المطلوبة ضمن مشروع تنموي شامل وعادل في الجهات".
كما أن الحكومة لم تتمكن، بحسبه، "من التعامل إيجابياً مع الاحتجاجات في الجهات ومعالجة مطالب المواطنين وفق رؤية واضحة، هذا إلى جانب الإصلاح الاقتصادي الضروري لكيلا يواصل الدينار انخفاضه ولا يستمر توقف الاستثمارات بتونس"، مؤكداً أن "الاقتصاد يمر بفترة مرض وهو في موت سريري وبالتالي هناك اليوم عدة مشاكل كبيرة وقائمة وتتطلب إصلاحات جذرية وعميقة".
ويرى الأمين العام المساعد في الاتحاد العام التونسي للشغل أن "الاتحاد ليس حزبا سياسيا وليست لديه حسابات يخشى عليها وبالتالي دعا إلى حلحلة الوضع في تونس وتحدث بصوت عال للمطالبة بضخ دماء جديدة في مفاصل الدولة وللمطالبة بالتغيير العميق والكبير في الحكومة للخروج من المأزق الحالي وببرنامج إنقاذ وطني".
ولفت المتحدث إلى أن اجتماع الموقعين على وثيقة قرطاج جاء نتيجة هذه الأوضاع وبدأ الإعداد لبرنامج وأولويات المرحلة المقبلة، وأنه بعد اجتماعات ومشاورات عدة سيقع اجتماع الرؤساء الموقعين على الوثيقة وسيتولون التفاوض حول من سيتولى تطبيق ما تنص عليه.
وحول إن كان المقصود بذلك الحكومة الحالية أم لا، رد المباركي قائلا: "كل شيء وارد، ولكن لا بد أن تكون الحكومة المقبلة حكومة مهام محددة ولا تكون عينها على الانتخابات وعلى أحزابها"، مبيناً أنه "لا إشكال للاتحاد مع الأحزاب ولكن الشخصيات التي سيتم اختيارها سيكون عملها التوجه لإنجاح الفترة المقبلة بعيداً عن الغايات الحزبية، ومن لديه تلك الطموحات عليه أن ينسحب ويعد لمحطته المقبلة".
وأضاف المباركي "نريد اليوم شخصيات وكفاءات في الحكومة قادرة على إنجاح ما تبقى من مسار وتحسين الوضع في تونس والحد من الاحتقان الاجتماعي، وهو ما تنص عليه وثيقة قرطاج 2، أي حكومة أعمال واضحة ومحددة".
وفي رد على سؤال حول مدى توفر هذه الشروط في رئيس الحكومة الحالي، يوسف الشاهد، اكتفى الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل بالقول "من تتوفر فيه هذه الشروط من كفاءة مطلوبة وقبل بهذه الأولويات وقادر على إخراج تونس من الوضع الحالي فمرحباً به والاتحاد لا يملك سوى مساندة كل من يقبل بهذه المهمة".
ولم يستبعد المتحدث انسحاب الاتحاد من وثيقة "قرطاج 2" في حال عدم الأخذ بالمقترحات المتفق عليها، مضيفاً أن "الاتحاد ليس طالب حكم، وهو منظمة وطنية تضع في أولويتها الواجب الوطني وروح المسؤولية، ولذلك أطلق الاتحاد صيحة فزع ودعا إلى حلول جذرية، فإذا لم يأخذ التصورات والمقترحات بعين الاعتبار سيصبح الوجود في وثيقة قرطاج شكلياً، وساعتها ستتخذ مؤسسات الاتحاد القرار المناسب وسيكون لكل حادث حديث".