شارلي خسرت 4 رسامين وكسبت مليوني يورو في5 أيام

12 يناير 2015
الرسامون الأربعة الذين سقطوا في الاعتداء (GETTY)
+ الخط -

فقدت صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية أربعةً من أشهر رسّاميها في الهجوم الدامي، الأربعاء الماضي، من بين 12 قتيلاً، لكنّها في المقابل، وبحسب عدة صحف فرنسية، جمعت خلال خمسة أيام فقط، أكثر من مليوني يورو، قدمتها جهات مختلفة بينها وزارة الثقافة الفرنسية وعدة صحف، إلى جانب شركة "جوجل" ومصادر أخرى.

كما تستعد المجلة لطباعة مليون نسخة من عددها الأسبوعي (الأربعاء المقبل) رغم أن متوسط توزيعها كان بين 30 ألفاً و60 ألف نسخة على أحسن تقدير. وزادت أعداد الاشتراكات في المجلة عقب الهجوم بيومين ليصل إلى 13 ألف مشترك، وهو في ارتفاع متواصل، وفق مراسلة الأناضول.

موقع "ساعِدْ شارلي"
نشر موقع "شارلي إيبدو" على الإنترنت رسالةً إلى الجمهور، يطالبه فيها بتقديم العون لطباعة مليون نسخة الأربعاء القادم، وجاء فيها: "لكل المدافعين عن حرية الرأي، لأنّ القلم هو دائماً فوق الهمجية، لأنّ الحرية هي حقّ عالمي، لأنّك داعم لنا، سنطبع مليون نسخة من صحيفتنا الأربعاء القادم". وطلبت الصحيفة من قرّائها الدعم، عبر شراء أكبر عدد من نسختها، أو الاشتراك في الصحيفة من خلال موقعها، وفق صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية.

وأُسس موقع باسم "ساعِدْ شارلي" يوم الجمعة 9 يناير/كانون الثاني لتلقي المساعدات المادية المقدمة لها، بحسب ما أوضحه فرانسوا أورسيفال، رئيس "جمعية الصحافة الفرنسية والتعددية". وأضافت الجمعية "شارلي إيبدو تحتاج إليكم من أجل البقاء، هناك تعاطف مع الصحيفة بعد الهجمات الأخيرة التي تعرضت إليها، ونحن نحتاج إلى ترجمة هذه المشاعر على أرض الواقع، لذلك أتحنا للجمهور هذا الموقع لتلقي مساعداتكم".

وخلافاً للموقع فقد وضعت الجمعية عنواناً لتلقي المساعدات عن طريق البريد التقليدي، ومنحت الجمعية 200 ألف يورو للصحيفة لمساعدتها في خروج عدد الأربعاء القادم إلى النور. كما قال وزير الثقافة الفرنسي، فلور برولان: "إن حكومته تعهدت بالتبرع بنحو مليون يورو للصحيفة، في الوقت نفسه تعهدت صحف فرنسية عدة بتقديم نصف مليون يورو لضمان استمرار الصحيفة".

إعانات خارجية واشتراكات
وتخطت التبرعات الواصلة إلى "شارلي إيبدو" حدود فرنسا، فقد أعلنت منظمة "صحافيين بلا حدود" عن استعدادها لتلقي المساعدات الخارجية المُقدمة من دول أخرى لأجل "شارلي". ومنها شركة "غوغل" التي تبرعت بـ 250 ألف يورو، بينما قررت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية تقديم 128 ألف يورو.

ولم تقتصر المساعدات المُقدمة لـ"شارلي إيبدو" على المساعدات المادية فقط، بل شملت الاشتراكات أيضا، واشترك بعض المشاهير في الصحيفة لتشجيع الجمهور على الفعل نفسه، من أبرزهم الممثل الشهير "أرنولد شوارزينغر" الذي قال في تغريدة له على موقع تويتر: "إنه ينبغي تقديم المساعدة إلى "شارلي إيبدو" في الأزمة التي تمر بها من خلال الاشتراك فيها".

الاستفادة من الأزمة الدنماركية
بحسب صحيفة "لوبوان" الفرنسية، فإنّ صحيفة "شارلي إيبدو" سبق أن استفادت عام 2006 من أزمة الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول، والتي فجرت مئات المظاهرات في العديد من الدول الإسلامية، عندما نشرتها صحيفة "يولاندز بوسطن الدنماركية" .

وأوضحت "لوبوان" أنه في 8 فبراير/شباط 2006 أعادت  "شارلي إيبدو" الفرنسية نشر الرسوم المسيئة للرسول، محققةً بذلك نسبة توزيع تاريخية، حيث قفزت التوزيعات إلى 160 ألف نسخة خلال يومين فقط.

وجاء يوم 11 فبراير/شباط من العام نفسه، وقد ضاعفت الصحيفة توزيعها ليصل إلى 480 ألف نسخة، وفي ذلك التاريخ أيضاً وصل أول تهديد للصحيفة، وسعيًا وراء رفع نسبة مبيعاتها المتدنية، وتحقيقًا لأرباح جديدة قامت "شارلي إيبدو" عام 2013 بإصدار كتاب مصور حول سيرة النبي محمد.

استفزت هذه الرسوم مشاعر المسلمين، في العديد من الدول الإسلامية التي شهدت مظاهرات ضد الصحيفة، ووقّعت 40 جهة في فرنسا على شكوى رُفعت إلى المدعي العام في باريس، بدعوى "التحريض على الكراهية" و"التشهير" و"الإهانة العامة للمسلمين".

"كلنا شارلي".. تعاطف بعد كراهية
حظيت الصحيفة منذ الهجوم عليها بتعاطف واسع، فقد خرج آلاف في مظاهرات داخل وخارج فرنسا، رافعين شعار "كلنا شارلي"، كما شهدت فرنسا، مسيرة ضخمة تضامناً مع الصحيفة ورساميها وضدّ الهجمات الإرهابية التي طالتها، شارك فيها عديد من قادة الدول الأوروبية، منهم رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، والعاهل الأردني الملك عبدالله بن الحسين، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

لكنّ "شارلي" كانت محطّ انتقادات واسعة داخل فرنسا وخارجها، بسبب سياستها الساخرة من رموز دينية وسياسية، أدت إلى تشويه صورة فرنسا في العالم الإسلامي، وكشفت صحيفة "لوموند" الفرنسية أن بعض الفرنسيين، يعارضون رفع شعار "كلنا شارلي" خلال المظاهرات المنددة بالهجوم عليها.

وقالت الصحيفة: "هؤلاء يعارضون الشعار لأسباب تتعلق بعدم تعاطفهم مع الصحيفة، التي أساءت إلى رموز دينية"، مشيرين إلى أن الأمر لا يتعلق بالإسلام فحسب، بل بجميع الديانات، إذ يجب أن تبقى الرموز الدينية بعيداً عن دائرة ما يسمى "حرية التعبير"، لأنها أقرب إلى الاستفزار القاتل.
 

المساهمون