"الدبس والثلج" على موائد فلسطينيي الخليل: لذّة مجبولة بالأضرار

13 يناير 2015
الدبس والثلج (العربي الجديد)
+ الخط -
تستعيد الشابة الفلسطينية خلود عمرو، وهي من سكان مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، عادة توارثتها عن أسرتها منذ الصغر في أكل الثلج مع الدبس المصنوع من العنب، لانتهاز فرصة تساقطه في هذا العام، كي تشعر بالدفء من الطاقة التي تكسبها هذه الأكلة لجسم الإنسان.

ويشكّل الدبس مع الثلج طعمًا مميزًا لدى خلود كما لدى عدد من العائلات الخليلية، التي تتناوله إما من خلال تشكيل كرات الثلج وتغميسه بالدبس ثم تناوله بامتصاص طعم الدبس المبرّد، أو بوضع الثلج في وعاء وخلطه في الدبس كي يصبح كطعم البوظة "Ice cream".

ويعتبر الدبس وجبة أساسية لدى العائلات الخليلة في فصل الشتاء، خصوصاً وجبة الإفطار، وهو ما أكّده مدير "مركز الخليل للدراسات التاريخية والتنموية" عدنان أبو تبانة لـ"العربي الجديد".

ويستخدم "الدبس" في العديد من الوجبات الغذائية أو الحلويات، فقد يؤكل مع زيت الزيتون أو الطحينة أو العسل، أو قد يصنع منه عدد من الحلويات. وحول التأصيل التاريخي لتلك العادة، أكّد الباحثان التاريخيان عدنان أبو تبانة وشحادة الرجبي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ عادة أكل الدبس مع الثلج "لم يُعرف تأصيلها وتأريخها الدقيق لغاية الآن، لأنّ العادة تُتوارث من دون معرفة أصلها إلا إذا وُثقت بكتب التاريخ".

ويشير أبو تبانة إلى أنّ منطقة الخليل تشتهر بالعنب وزراعته وتصديره منذ آلاف السنين، وهو مذكور في التوراة والإنجيل، ويعتبر من أشهر أنواع العنب في العالم، إذ كان يصدر إلى أوروبا في العصر الصليبي.

وفيما تعتبر أكلة "الدبس والثلج" عادة لدى أهل الخليل، إلا أنّ استشاري أمراض الجهاز الهضمي ياسر أبو صفية، يرى في حديثه مع "العربي الجديد" أنّ "تلك الأكلة غير صحية نظرًا لتناولها مع الثلج الملوّث بالغبار والبكتيريا، كغيرها من العادات غير الصحية التي تنتشر بين الناس".

ويبيّن أبو صفية أنّ الدبس "يحتوي على نسبة عالية من السكريات والطاقة، وعلى سعرات حرارية كبيرة، فيما يعمل الثلج على تبريد المعدة وإطالة عمر تلك السعرات في الجسم وتباطؤ إخراج الطعام منها، على عكس المشروبات الساخنة التي تساعد على الهضم".

وينصح الاستشاري الطبي أبو صفية بتناول السوائل الدافئة في فصل الشتاء لتسهل عملية الهضم، ويحذر في الوقت ذاته من تناول الثلج مع الدبس "لأنّ الثلج وبرودته قد يتسبّب بمشاكل في الهضم وأخرى صحية".

ويصنع الدبس بطريقة تقليدية تتشابه في كثير من تفاصيلها مع الطريقة الحديثة، إذ يتمّ غسل ثمار العنب وعصره وتصفيته، ثم يوضع في وعاء معدني كبير يسمى "الدست" ويضاف إليه نوع من أنواع الأتربة يسمى "حوّر"، ثم يوضع بعدها على النار المشتعلة بالحطب.

ويعمل "الحوّر" على رفع الشوائب إلى الأعلى لإزالتها، ثم يُصفّى العصير من جديد، ويوضع مرة أخرى في "الدست"، لتبدأ مرحلة الغليان حتّى يصبح "معقودًا" أو ما يعرف بـ"ربّ العنب" أي "الدبس"، الذي يُترك حتّى يبرد، ويُسكب في أوعية زجاجية أو بلاستيكية، توزّع على الأقارب والمعارف، أو قد تُسوَّق.
دلالات
المساهمون