إسبانيا تخصّص للمكفوفين متاحف قابلة للّمس

19 يوليو 2015
(الفرنسية)
+ الخط -


يحرص موظفو متحف برادو الشهير في مدريد في العادة على منع الزائرين من لمس الأعمال المعروضة، لكن أكبر متاحف الفنون الجميلة في إسبانيا بات يقترح لرواده من ذوي الإعاقات البصرية طريقة مبتكرة تمكّنهم من فهم مضمون اللوحات من خلال اللمس.

خوسيه بدرو غونزاليس، واحد من هؤلاء الزوار المكفوفين.. هذا الرجل، البالغ من العمر 56 عاماً، يكتشف الأعمال الفنية المعروضة في المتحف، من بينها لوحات للرسام الإسباني الشهير دييغو فيلاسكيز. ويقول الزائر، الضرير منذ سن الرابعة عشرة، خلال تمرير يديه على لوحة لفيلاسكيز: "ثمة الكثير من الأمور لاكتشافها".

فبفضل تقنية خاصة في الرسم تتم خلالها زيادة الحجم والسماكة للوحات الأصلية، يمكن للمكفوفين وذوي الإعاقات البصرية تصوّر مضمون الأعمال الفنية عبر لمسها. كما يوفر المتحف أطباقاً خاصة لطعام الكلاب المتخصصة في إرشاد المكفوفين إضافة إلى تعليمات صوتية للزوار تُعْلِمهم بالطريقة الفضلى لاستكشاف اللوحات.

ويعتبر خوسيه بدرو غونزاليز، الذي زار معرض "متحف برادو باللمس" مراراً منذ افتتاحه في يناير/ كانون الثاني، أن "هذا المعرض رائع. قبلاً كانت الطريقة الوحيدة لمقاربة شخص ضرير للرسم تقوم على طلب إيضاحات من شخص آخر".

وقد استخدمت متاحف في بلدان أخرى التقنية نفسها لجعل المعروضات متاحة أمام أصحاب الإعاقات البصرية، لكن النسخ المعروضة كانت أصغر حجماً من الأعمال الأصلية ومقدمة بالأبيض والأسود حصراً، بحسب القيّم على المعرض فرناندو بيريز سويسكون.

وقد سعى متحف باردو من خلال اختياراته في هذا المعرض، إلى إظهار التنوّع الكبير ضمن مجموعته الفنية مع الحرص على أن تكون تفاصيل الأعمال ظاهرة بما يكفي لتحويلها إلى لوحات نافرة يمكن للمكفوفين تفحّصها عبر اللمس.

وبعد إقفال المعرض أبوابه في مدريد، في 18 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، يعتزم متحف برادو إقامة معرض جوال يضم الأعمال الفنية نفسها في مدن إسبانية أخرى. وتندرج هذه المبادرة في إطار الجهود المتزايدة للمتاحف الإسبانية لجعل مجموعاتها متاحة بالنسبة للزوار غير المبصرين بدعم من منظمة "او ان سي اي" المحلية النافذة المعنية بدعم حقوق المكفوفين.

وفي متحف الملكة صوفيا للفن الحديث، الذي يضم لوحة "غيرنيكا" الشهيرة لبيكاسو، يسمح للزوار المكفوفين بلمس بعض المنحوتات، كما أن متحف الأزياء في العاصمة الإسبانية يتيح لهذه الفئة من الزوار لمس المجموعة الدائمة من الأزياء التاريخية، من بينها قطع يعود تاريخها إلى القرن السادس عشر.

كما أن منظمة "او ان سي اي"، التي تدير ألعاب اليانصيب الرائجة بقوة في البلاد وتوظف أكثر من 20 ألف شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة، تقدم نصائح للمتاحف في شأن طريقة تحسين الخدمات المتوافرة للزوار المكفوفين.

ويعتبر أنخيل لويس غوميز بلازكيز، مدير قسم الرياضة والترفيه في المنظمة، أن "هذا الأمر يساعد ليس المكفوفين فحسب، بل أيضاً جميع الذين يعانون الإعاقات على إختلافها". وبحسب إليزابيث أكسيل، رئيسة ومؤسسة منظمة "آرت بيوند سايت" التي تتخذ من نيويورك مقراً لها وتنشط من أجل تحسين الخدمات المقدمة للمكفوفين في المتاحف، يشهد العالم زيادة في عدد المؤسسات التي تكيّف الأعمال المعروضة لديها بشكل يتناسب مع زوارها غير المبصرين.

وتشير إلى أن "المتاحف تبذل حقاً جهوداً لدعوة الجماهير كافة إلى معارض تحاكي الحواس كلها". وفي هذا الإطار، ينظّم متحف "متروبوليتان" للفنون في نيويورك جولات سياحية برفقة مرشدين وحصصاً لتعليم الرسم ومحترفات مخصصة للزوار المكفوفين، ما يجعله رائداً في هذه الحركة، وفق إليزابيث أكسيل.

ويعلّق خوسيه لويس أندريس، البالغ من العمر 55 عاماً، والكفيف منذ ثماني سنوات، خلال زيارته متحف الأزياء في مدريد: "اللمس والشم والسمع أمور مهمة للغاية"، مضيفاً: "بما أنني فاقد للبصر، عليّ تعويض هذه الحاسة ببقية حواسي، واليدان تعلمانا الكثير".


اقرأ أيضاً: "مقبرة مأمن الله":أنشأها عمر بعد فتح القدس وإسرائيل تسرقها

دلالات
المساهمون