30 عاما والتونسي عبد الكريم يُجدِّل "السمار" ليصنع "القُفّة"

تونس

الأناضول

avata
الأناضول
06 مايو 2015
3AB51F9F-69C6-49EB-917E-2910BFA3AD03
+ الخط -

في ركن من منزله المتواضع، شرع عبد الكريم كوتي في تصفيف "السمار"، وهي عشبة تنبت على ضفاف الأودية، وتجفّف لتصبح مادة أولية يصنع منها القفاف (السلال).

بعد تصفيف "السمار" يضعه الأربعيني التونسي، الذي يعاني إعاقة في قدميه تمنعه من الحركة، في قدر على النار، ويصبغه بألوان مختلفة قبل أن يجفّفه، ثم يجدله ليحصل بأصابعه الرشيقة على ضفائر متتابعة تصبح "قفة" إثر خياطتها.

عبد الكريم يُعرف في منطقته، "دار شعبان الفهري" بمدينة نابل شرق تونس، بصناعة "القُفّة النابلية"، التي يتشبث بها التونسيون، رغم غزو الأكياس البلاستيكية للأسواق. فـ"القُفّة" لم تفقد بريقها، وهي حاضرة تقريبا في كل منزل تونسي.

هذه السلال يتزايد استعمالها في شهر رمضان، الذي يحل بعد حوالي شهر ونصف الشهر من اليوم. ويعود خلاله التونسييون أكثر إلى استحضار تقاليدهم وعاداتهم، فضلا عن كثير من المناسبات التونسية، مثل الأعياد والزيارات الأسرية ومواسم أعراس.

وفي صناعة هذه القُفّة، يقضي عبد الكريم، وهو متزوّج وتعمل زوجته في جني النارينج، أغلب ساعات يومه دون كلل ولا ملل في غرفة صغيرة من منزله.

وبين أدوات عمله البسيطة، يقول عبد الكريم لوكالة "الأناضول": "أشعر بقلق كبير إذا ابتعدت عن عملي هذا، فصناعة القُفّة تعني لي الكثير. حتى في أيام راحتي أجد نفسي وقد تسللت إلى غرفة العمل غير قادر عن الابتعاد طويلا عن حرفتي".

اقرأ أيضا: "الطربوش" من زيّ قومي إلى آفة صحّية

عبد الكريم، الذي يعمل في هذه الحرفة منذ 30 عاما، يحاول التنويع في منتجاته، فيصنع القُفّة التي عادة ما تستعملها العائلة التونسية لوضع مشترياتها فيها بطريقة صحية، على خلاف الأكياس البلاستيكية (يصنع معظمها من خامات غير صحية)، وعدد من حقائب اليد النسوية، فضلا عن أبسطة يسميها التونسييون تسمّى "الحصيرة"، تستخدم في العادة لتفرش في المساجد أو توضع على الحائط وتستعمل أيضا كسجّادة لأداء الصلاة.

منتجات عبد الكريم، بحسب قوله، "يتزايد عليها الطلب يوما بعد آخر.. أتعامل مع محلات في محافظتي وخارجها. أتقن عملي فهو كل حياتي، وأنتج من 15 إلى 18 قفّة في الأسبوع". ويبلغ ثمن القُفّة في المتوسط 15 ديناراً تونسياً، أي ما يعادل 8 دولارات أميركية.

في العام 2001 بدأ عبد الكريم مشروعه الخاص بفضل منحة من برنامج حكومي لمساعدة من يعانون إعاقة. المنحة كانت مواد أولية تمكّنه من صناعة "القفاف"، وفي العام التالي حصل على قرض ثان من برنامج حكومي آخر لدعم موارد الرزق.

شارك في معارض لصناعات تقليدية. وقضى ما يفوق 30 عاماً في هذه الحرفة، التي ورثها عن خاله منذ كان عمره 17 سنة، لينتقل فيما بعد إلى العمل بمفرده ويطوّر في حرفته شيئا فشيئا.

للقفة كذلك تاريخ في تونس، حيث بدأت صناعتها من سعف النخيل قبل أن تصل إلى مرحلة السمار. ووفقا لأستاذ التاريخ المعاصر في الجامعة التّونسية، يحيى الغول، فإنّ "ميزة القُفّة النابلية تكمن في المادّة الأولية التي تحاك منها القفاف وهو السمار.. هو نبات طبيعي ينبت على ضفاف السباخ (تشبه برك المياه) والأودية، ويتم حفظه في بداية فصل الصّيف، ومن ثم تلوينه وصبغه من قبل الحرفيين".

اقرأ أيضاً: ورشة "رموز" تطوع الخزف التونسي ليواكب العصر

الغول يتابع، في حديث لوكالة الأناضول، أنّه "في التراث القديم كانت القُفّة التّونسية تصنع من سعف النخيل، إلا أنه في العام 1947 تم تأسيس ديوان الفنون التونسية الذي اعتنى حينها بِالصناعات التقليدية، وقام بتطوير بعض الصناعات ومنها الحصير والقفّة المصنوعة من السمار".

ويختم الأكاديمي التونسي بأنّه "في الستينيّات والسبعينيّات من القرن الماضي كانت القُفّة تستخدم في وضع المشتريات من خضر ولحوم، ومع بروز الأكياس البلاستيكية أصبحت القُفّة تعتمد لأغراض أخرى مناسباتية بالأساس، مثل الزيارات العائلية الخاصّة".

ذات صلة

الصورة
مقبرة جماعية في منطقة الشويريف بطرابلس، 22 مارس 2024 (الأناضول)

مجتمع

أعلن المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، الثلاثاء، أن مكتبه يتابع تقارير عن اكتشاف مقبرة جماعية في الصحراء على الحدود الليبية التونسية.
الصورة
مسيرات في تونس تنديداً بقصف خيام النازحين (العربي الجديد)

سياسة

شارك مواطنون تونسيون وسياسيون ومنظمات وطنية وحقوقيون، مساء اليوم الاثنين، في مسيرات في مدن تونسية تنديداً بالحرب على غزة، ولا سيما مجزرة رفح. 
الصورة
مسيرة في تونس ترفع شعارات الثورة التونسية، 24 مايو 2024 (العربي الجديد)

سياسة

رفعت شعارات الثورة التونسية "شغل حرية كرامة وطنية" في احتجاج شبابي في شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة تونس، تعبيراً عن رفض ما آلت إليه الأوضاع في البلاد.
الصورة
طلاب من جامعات تونس في حراك تضامني مع غزة - 29 إبريل 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

انطلق حراك طلاب تونس التضامني مع غزة والداعم للانتفاضة الطالبية في جامعات العالم، ولا سيّما في جامعات الولايات المتحدة الأميركية، وذلك من العاصمة ومدن أخرى.
المساهمون