تُعدُّ "النقابة الوطنيّة للصحافة المغربيّة"، "النقابة الأم"، التي تحتضن معظم العاملين والمنتسبين إلى مهنة "صاحبة الجلالة" في المملكة، رغم ولادة نقابات فرعيّة هنا وهناك. غير أنَّ هذه النقابة العريقة، التي تأسست في يناير/كانون الثاني 1963، لم تسلَم من الاتهامات طيلة مسارها في "صيانة حقوق الصحافيين المغاربة".
انطلق مسار النقابة الوطنية للصحافة المغربية، التي تعاقب على زعامتها العديد من الشخصيات ورموز الإعلام في البلاد ويقودها حالياً عبد الله البقالي، كجمعيّة مهنيّة "تروم الدفاع عن مهنة الصحافة وشرف الكلمة"، ومواجهة الصحافة الأجنبيّة التي كانت تصدر في البلاد بعد الاستقلال عن المستعمر الفرنسي.
وحقّقت النقابة، خلال فترة الستينيّات والسبعينيّات من القرن الماضي، العديد من المكتسبات، أبرزها إلغاء الصحافة الفرنسية الاستعماريّة التي كانت تصدر في المغرب، في أكتوبر/تشرين الأول 1970. وقاومت تعديل قانون الصحافة الذي تضمّن تقييداً لحريّة الصحافة والنشر سنة 1973. كما أنها دافعت عن حرية التعبير، وقاومت الرقابة على الصحافة، ليتم رفع هذه الرقابة في مارس/آذار 1977.
كان مسار النقابة الوطنية للصحافة المغربية، خلال تلك الحقبة، محورياً، إذ كان يهدف بالأساس إلى حماية حرية الصحافة من تدابير وإجراءات السلطة ضد صحافيين وجرائد، تعدّدت فيها الانتهاكات بين إيقاف إصدار صحف واعتقال صحافيين، قبل أن "تهبّ نسائم الحرية على البلاد"، حين انتفى التضييق على الجسم الصحافي، خصوصاً في التسعينيّات والألفيّة الثالثة.
إلى جانب النقابة "الأم" جاءت محاولة تأسيس نقابة "بديلة" على استحياء، عندما أعلن صحافيون، يحدوهم طموح التغيير والتشبيب، عن ولادة نقابة سنة 2004 أطلقوا عليها اسم "نقابة الصحافيين المغاربة"، دعت في البدايات إلى التعددية النقابية بدلاً من الاقتصار على "النقابة الوحيدة"، وإلى اللجوء إلى قيادات من الشباب في النقابة، عوضاً عن "القيادات الخالدة في النقابة الأم".
واختلفت النقابة "الجديدة" حينها مع النقابة "العتيقة" في عدة مسارات، عدا نبذ "الزعامات الخالدة" التي تقود نقابة الصحافة الوطنية، في موضوع رجحان الهاجس السياسي على مطالب الصحافيين، حيث دعت النقابة الوليدة سابقتها إلى العمل بمبدأ التناوب والقطع مع الانتماء السياسي.
لم تمر سوى عشر سنوات على تأسيس النقابة الجديدة حتى أعلنت اندماج كافّة هياكلها في 2014 في النقابة الوطنية الصحافة المغربية، وهو ما اعتبره رئيس النقابة حينها، يونس مجاهد، "دليلاً على نضج الجسم الصحافي، ودرساً لكافة التنظيمات النقابية للتوجه نحو الوحدة، لحماية حقوق الشغيلة".
ورغم هيمنة "النقابة الوطنيّة للصحافة المغربيّة" على المشهد النقابي للإعلام والصحافة في البلاد، لكن ظهرت محاولات تأسيس نقابات وهيئات اتخذت لنفسها صلاحية الدفاع عن جسم الصحافيين والإعلاميين. منها على سبيل المثال "نقابة الصحافة الإلكترونية" التي وُلدت "ميتة"، و"فدرالية وسائل الإعلام" التي أخذت على عاتقها مسؤولية الدفاع عن التنوع الإعلامي، لكن وفاتها كانت أقرب من ولادتها.
وإذا كانت "النقابة الوطنية للصحافة" تزعم الدفاع عن مصالح الصحافيين المغاربة، فإنَّ هناك هيئةً مقابِلةً تعمل على صون حقوق ناشري الصحف في المغرب، وتدعو إلى "استمراريّة صحافة مستقلّة حرّة مسؤولة، قادرة على النهوض بدورها المجتمعي، وتحمل أعباء إنتاج المحتوى، وحفظ كرامة الصحافيات والصحافيين وكل العاملين في القطاع".
وفي الوقت الذي يرى البعض أن "النقابة الوطنية للصحافة المغربية" تعمل بجدّ على حماية حقوق الصحافيين والدفاع عنهم ضدّ بعض محاولات التضييق أو الاعتقال، يرى آخرون أن هذه النقابة تدور في "فلك تحقيق مصالح شخصية ونقابية فقط"، وتكتفي بتدبيج (كتابة) البيانات المندِّدة والشاجبة فقط.
وتوجد النقابة المغربية حالياً تحت سهام الاتهامات والتشكيك في ذمتها الماليّة، إذ طالب صحافيون، المجلس الأعلى للحسابات، وهو مؤسسة حكومية تعنى بمراقبة ميزانيات المؤسسات، بفحص عاجل لمالية هذه النقابة، لكونها تتلقى دعماً عمومياً (حكومياً) من وزارة الاتصال.