تونس: هل تنجح إذاعات المجتمع المدني؟

15 ديسمبر 2014
تُعاني إذاعات المجتمع المدني من عدم الترخيص (Getty)
+ الخط -

شهدت تونس بعد ثورة 14 يناير/كانون الثاني انفجاراً إعلاميّاً، فبعد أن كان المشهد السمعي البصري في تونس في عهد الاستبداد لا يتجاوز أربع قنوات تلفزيونية، منها اثنتان رسميتان، و12 محطة إذاعية، منها 9 إذاعات رسمية، تعددت اليوم القنوات التلفزيونيّة الخاصة لتصل إلى أكثر من 10 قنوات تلفزيونية، وأكثر من 35 محطة إذاعية.

لكن الإعلام الجمعياتي أو المحطات الإذاعية الجمعياتية، أي تلك التي تعود ملكيتها وإدارتها إلى جمعيات من المجتمع المدني، تبقى تعاني صعوبات في الحصول على تراخيص البثّ رغم أن عددها يتطوّر بشكل معقول. إلا أنّها تبقى محدودة عدديّاً، حيث لا يتجاوز عدد المحطات الإذاعية الجمعياتية 10 محطات منها ثماني محطات، حصلت على التراخيص القانونية في شهر سبتمبر/أيلول الماضي.

وكانت هذه المحطات الإذاعية الجمعياتيّة موضوع نقاش بين الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، والهياكل النقابية الممثلة للصحافيين وأصحاب المحطات الإذاعية وممثلين عن جمعيات المجتمع المدني، طيلة يومين في تونس العاصمة. وكانت الغاية من ذلك التوصل إلى حلول تساهم في دعم هذا النوع الإعلامي، الذي يُعتبر واحداً من المؤشرات على نجاح التجارب الديمقراطيّة، خصوصاً إذا علمنا أنّ هذا النوع من الإذاعات انطلق في البث في الاميركيتين منذ 1940، ووصل عدد الإذاعات الجمعياتية في فرنسا مثلاً إلى 600 محطة إذاعية.

تُشجّع الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري هذا النوع الإعلامي. ويقول رئيس الهيئة، النوري اللجمي، لـ"العربي الجديد"، إن الهيئة عملت على تشجيع هذا النوع الإعلامي لإيمانها بالأدوار التي يُمكن أن يلعبها في إطار مقاربة إعلام القرب، وقامت بوضع دفتر شروط منذ 5 مارس/آذار 2014، لتوفير الإطار القانوني لبعث هذه الإذاعات وتمكين الراغبين من ذلك في الحصول على التراخيص القانونية التي تُمكّنهم من أداء عملهم بكل حريّة ومسؤولية.

لكن دفتر الشروط والالتزام لم يكن الضامن الوحيد للحصول على تراخيص، وهو ما أكده المشرفون على الإذاعة الجمعياتية "بلاتين راديو"، حيث أصدروا بلاغاً بعد رفض الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري منحهم ترخيصاً جاء فيه: "بالرغم من كل المساعي الإيجابية المبذولة والتزامنا بدفتر الشروط والتزام الإذاعة منذ انطلاقها في البثّ على الويب بتاريخ 27 ديسمبر/أيلول 2007، وصدور إعلان التكوين القانوني للجمعية وبالتالي للإذاعة الجمعياتية بالرائد الرسمي عدد 99 المؤرخ في 18 أغسطس/آب 2012، وبالرغم من حرصنا على اعتماد معايير الحياد والاستقلالية وأخلاقيات المهنة إلا أن البلاغ المتعلق بمنح تراخيص جديدة لإذاعات جمعياتية، والصادر عن الهيئة يعد مظلمة ثانية في حق الإذاعة الجمعياتية "بلاتين راديو" وذلك بحرمانها للمرّة الثانية على التوالي من رخصة البث (مظلمة أولى في 25 يونيو/حزيران 2011 والثانية في 2 سبتمبر/أيلول 2014)".

من جهته، أوضح المختصّ في علم الاتّصال الاجتماعي، نورالدين الحاج محمود، في حديث لـ"العربي الجديد" أنّ "الإذاعات الجمعياتية مؤشر مهم في المجتمعات الديمقراطية، لكن بعث مثل هذه الإذاعات يبقى رهين تحديد أهدافها ومحتواها".

وأضاف محمود: "على القائمين على الإعلام السمعي البصري في تونس الحرص على التفعيل الإيجابي لمثل هذا النوع الإعلامي خدمة للمصلحة العامة من خلال منح تراخيص لإذاعات تعمل في المجال الصحي أو البيئي أوالتعليمي"، مشيراً إلى أنّ "تونس في حاجة إلى مثل هذه الإذاعات، خصوصاً، وأنّ المشهد الإذاعي التونسي والإعلامي، عموماً، يطغى عليه الخطاب الإذاعي السياسي، مما أفقد الإعلام أدواره الكلاسيكية في الإخبار والتثقيف والترفيه".

المساهمون