الرداءة البصرية: عن انتفاضة الشباب المسلم وإلهام شاهين والإرهاب

17 نوفمبر 2014
من فيديو "معاً ضد الإرهاب" (يوتيوب)
+ الخط -

لأن الشعبوية "تبيع"، ولأنّ كلمة "إرهاب" تغري في هذه الأيام أكثر من كل الكلمات والمفاهيم الأخرى، لهذين السببين وغيرهما، أطلّ علينا فيديو "لا للإرهاب" الذي ضمّ "باقة من أشهر الفنانين المصريين".

فيديو يفترض أن يؤكّد ويجيّش مشاعر المصريين ضد الإرهاب. يطلّ علينا في البداية كريم عبد العزيز ويذكر "كنيسة القديسين" (لزوم الوحدة الوطنية ونبذ الطائفية) بنبرة درامية، ويتوالى بعده التعداد: فتح السجون، مراكز الشرطة... ثمّ تطل إلهام شاهين بالنبرة وهزة الرأس المأساوية نفسها لتقول: الفرافرة... ويستمرّ ظهور الفنانين: رجاء الجداوي تكاد تبكي... ثمّ يظهر كاهن، وهو يقول اسم الشيخ الشهيد، عماد عفّت، وبعده شيخ أزهري، وهو يقول اسم المجند (القبطي) "المجنّد شنودة أنور إسحاق"... (لاحظ الوحدة الوطنية التي تضرب مجدداً). وبعدها يتساءل الفنانون عن عدد الشهداء الذي يجب أن يسقط قبل التحرّك، تتحوّل النبرة الدرامية إلى أخرى حازمة "هنوقف ضد الإرهاب... هنزمهم بوحدتنا، بإرادتنا بوطنيتنا..." لينتهي الفيديو بعبارة "معاً ضد الإرهاب".

طيّب في ظل العمليات الإرهابية التي تضرب مصر حالياً، يبدو الحديث عن الوقوف في وجه الإرهاب الممتد من سورية إلى العراق ولبنان... وأخيراً مصر، أكثر من بديهي. لكن لماذا تصرّ الأنظمة العربية على الاستهلاك المبتذل للأحداث؟ لماذا يصرّ النظام المصري وإعلامه على استخدام وجوه فقدت، تقريباً، مصداقيتها عند قسم كبير من الشعب؟ الوجوه نفسها التي استهلكت في الدعاية الانتخابية للرئيس، عبد الفتاح السيسي، منذ الثالث من يوليو/تموز حتى اليوم، واستخدمت هي نفسها للتصويت بنعم على الدستور، ثم لانتخاب السيسي، وخوّنت كل من تجرّأ على معارضته. 

القاهرة التي تنبض حاليّاً فناً مختلفاً، ومستقلاً قادرة حتماً على إنتاج، ما هو أفضل بكثير من هذه الرداءة البصرية ـ العاطفية التي نشاهدها. لكن لا، فالرداءة الفنية هي جزء من كل جزء من سياسة عامّة، تسعى إلى إبقاء الواقع على ما كان عليه خلال حكم حسني مبارك. جزء من سياسة تسعى إلى تهميش (أو سجن أو قتل) كل ما له علاقة بـ25 يناير...

وبالحديث عن رداءة الصورة، هناك فيديو آخر عن "انتفاضة الشباب المسلم". انتفاضة يفترض أن تحصل في الثامن والعشرين من الشهر الحالي في شوارع القاهرة. تطلّ علينا مجموعة من الشباب المصريين، يقولون رسائل لطيفة عن "السجون" عن "الدم" عن "عسكرة الدولة"، لكن بين رسالة وأخرى، رسائل تنطوي على تحريض، على تدمير لأي مفهوم من مفاهيم الدولة المدنية مثل "لما السيسي يقول، إن المطالبة بالخلافة الإسلامية... إرهاب" بنبرة استنكارية!
خطاب يبدو استفزازيّاً وغير واقعي وغير مقبول في مصر حاليّاً (أو في أية حقبة زمنية أخرى).
بين "انتفاضة الشباب المسلم" وبين إلهام شاهين تتحدّى الإرهاب... يبدو أن المشهد البصري في مصر ملوّث أكثر ممّا توقّعنا.

المساهمون