إطلالات وزراء تونس الإعلامية: اجتهاد شخصي يفتقد التنسيق

08 يونيو 2018
تميزت الحكومات ما بعد الثورة بالأخطاء الاتصالية (ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -
يتواصل مسلسل أخطاء تواصل الوزراء التونسيين مع المواطنين، وكأنهم يعيشون في كوكب آخر أو تلقوا علماً آخر لا يعلمه التونسيون. آخر الأخطاء التواصلية التي أحرجت الحكومة التونسية ما صرح به وزير الشؤون الدينية، أحمد عظوم، في نشرة الأخبار الرئيسية على التلفزيون الرسمي التونسي، الأربعاء الماضي.


إذ تباهى عظوم بحفظ تونس للقرآن الكريم، واسترسل متحمساً "تونس معروفة بالمحافظة على القرآن الكريم منذ مجيء الإسلام وحتى قبل مجيء الإسلام"، وهو خطأ أثار موجة من السخرية، واعتبره البعض دليلاً جديداً على ضعف السياسة الاتصالية للحكومة التونسية.
هذا الضعف بداً واضحاً من خلال تعدد تصريحات وزراء حكومة يوسف الشاهد من دون التفكير فيها. إذ ردّ وزير الشؤون المحلية والبيئة، رياض المؤخر، حين سُئل عن الإجراءات التي اتخذتها وزارته لمقاومة البعوض (معروف في تونس باسم الناموس) بالقول إن هناك نوعين من البعوض؛ واحد في المدن وآخر في الأرياف، وهو ما دعا بعض رواد وسائل التواصل الاجتماعي، ومنهم أستاذ الإعلام فى الجامعة التونسية، محمد قنطارة، إلى التساؤل ساخراً من ما صرح به الوزير عندما طلب من مصنعي العقاقير المقاومة للبعوض بالتحديد فوق العلبة إذا كانت مخصصة للبعوض الحضري أم البعوض الريفي.

سلسلة الأخطاء تواصلت من خلال تصريح وزير النقل في الحكومة التونسية، رياض عيارة، يوم الثلاثاء الماضي، في أحد البرامج الإذاعية، عن ظاهرة سرقة أمتعة بعض المسافرين في مطار تونس قرطاج الدولي وما تمّ اتخاذه من إجراءات مع العملة الذين قبض عليهم، إذ قال إنه "نظراً لتفاهة المسروق فقد تمّ الإفراج عنهم" أي السارقين. هذا التصريح أثار الاستغراب، فبادر الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية في تونس، سفيان السليطي، إلى تكذيب الخبر والتأكيد أنه تم سجن كل من تورّط في قضايا سرقة أمتعة المسافرين عبر مطار تونس قرطاج، نافياً أن يكون القضاء التونسي وكذلك النيابة العمومية في البلاد استندا في أي ملف قضائي لمصطلح "تفاهة المسروق" الغريب عن المفاهيم القانونية المعتمدة في القانون الجزائي التونسي، وفق تعبيره.


حالة التخبط في التصريحات الحكومية اعتبرها البعض ضعفاً في مستوى التنسيق بين الوزراء في الحكومة الواحدة وعدم وضع استراتيجية اتصالية واضحة للحكومة التونسية، وتساءل أستاذ الإعلام، صلاح الدين الدريدي، عن دور المستشارين الإعلاميين في الوزارات التونسية الذين من المفترض أن يتولوا دور التواصل مع الإعلام بحرفية ومهنية تجنب الحكومة التونسية الإحراج الذي وجدت نفسها فيه.

إحراج وعدم تنسيق بدا من خلال إعلان وزير التربية، حاتم بن سالم، أن وزارته ستنشر قائمة سوداء في الأطباء التونسيين الذين يمنحون راحة للمدرسين من دون موجب صحي وهي ظاهرة مستشرية في قطاع التعليم وفى الكثير من القطاعات المهنية في تونس. تصريح رد عليه زميله في نفس الحكومة وزير الصحة، عماد الحمامي، الذي اعتبر أنه لا يحق لوزارة التربية اتخاذ مثل هذا الإجراء ونشر قائمة فى الأطباء المخالفين، الأمر الذي سبب حرجاً للوزارتين التي بدا أن كلاً منهما تحاول التعاطي مع الملف بطريقة مختلفة عن الأخرى وكأنهما في حكومتين مختلفتين.

يذكر أن الأخطاء الاتصالية ليست سمة حكومة يوسف الشاهد الحالية فقد تميزت الحكومات السابقة ما بعد الثورة بالأخطاء الاتصالية، ولعل أشهرها تصريحات رفيق عبدالسلام في حكومة الترويكا سنة 2012-2013، عندما وصف الحكومة التي ينتمي إليها بأنها أقوى حكومة في تاريخ تونس، ما أثار الكثير من الاستغراب حينها، لتتعدد الأخطاء الاتصالية فى الحكومات المتعاقبة، الأمر الذي اعتبره البعض ظاهرة تونسية تنمّ عن عدم دراية السياسيين بالتعاطي مع وسائل الإعلام وهو ما يستدعي خطة خاصة قد تركز عليها الحكومات التونسية المقبلة.
المساهمون