مصر: تشريعات إعلامية مرتقبة... نحو مزيد من القمع والمصادرة

26 يوليو 2017
(العربي الجديد)
+ الخط -
تنتظر الساحة الإعلاميّة المصريّة، خلال الأشهر القليلة المقبلة، حفنةً من القوانين والتشريعات التي تكمل الإطار التشريعي نحو مزيد من التضييق والقمع، بحسب باحثين ومراقبين.

ومن المقرر أن تناقش هيئات الإعلام، ومجلس النواب، في دور الانعقاد الثالث في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، قوانين حريّة تداول المعلومات، وقانون مواجهة "فوضى التواصل الاجتماعي"، وقانون الجرائم الإلكترونيّة، فضلاً عن قانون تنظيم الصحافة والإعلام.

وكان المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، تقدم بمشروع قانون لتداول المعلومات إلى مجلسي الوزراء والنواب المصريين، على أن يتم الانتهاء منه خلال شهر التزاماً بالدستور، والوفاء بمتطلبات الجماعة الإعلاميّة والصحافيّة، بحسب بيان رسمي صادر عن المجلس منذ أيام.
كما أنّ لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب المصري، كانت قد أعلنت أنها بصدد الانتهاء من قانون تنظيم الصحافة والإعلام.

المحامية الحقوقية، بمرصد "صحفيون ضد التعذيب"، آية حامد، رأت أنّ التشريعات والقوانين المتبعة حاليًا في مصر، تمارس قيودًا على عمل الصحافيين والإعلاميين، رغم أنها من المفترض أن تساعدهم على ممارسة عملهم بحرية.

وأضافت حامد: "البداية كانت مع قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام، الذي تمكنت من خلاله السلطة من فرض سيطرتها على الهيئات الصحافية والإعلامية الثلاث، من خلال اختيار أعضائها ورؤسائها"، ومن هذا المنطلق، لا تتوقع المحامية الحقوقية، أن يبادر النظام الحالي بأي حسن نية في إعداد التشريعات اللاحقة المرتقبة.


وكان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قد أصدر الثلاثاء 11 أبريل/ نيسان الماضي، ثلاثة قرارات جمهورية حملت أرقام 158 و159 و160 لعام 2017 بتشكيل الهيئات الإعلامية الثلاثة الممثلة في المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام.

وتولى الكاتب الصحافي ونقيب الصحافيين السابق، مكرم محمد أحمد، منصب رئيس المجلس الأعلى للصحافة والإعلام، كما تولى الكاتب الصحافي كرم جبر، رئاسة الهيئة الوطنية للصحافة، فيما تولى حسين زين، رئاسة الهيئة الوطنية للإعلام.

التخوف من تشكيل الهيئات الثلاث، وصلاحياتها، بدأ مبكراً، باعتراضات مُعلنة ومسجلة ومنشورة من قبل مجلس نقابة الصحافيين السابق، والمجلس الأعلى للصحافة الذي تم إنهاء العمل به نهائياً مع تشكيل المجلس الأعلى للصحافة.

فمنذ نحو أكثر من عامين، عكفت لجنة وطنية من أكثر من 50 عضوًا على إعداد مشروع قانون أطلقوا عليه اسم "القانون الموحد للصحافة والإعلام"، وهو قانون شامل لكافة القوانين المنظمة للإعلام والصحافة في مصر، بما في ذلك مواد حبس الصحافيين في قضايا النشر، وقسمته الحكومة لقانونين.

حينها؛ أصدرت نقابة الصحافيين المصريين، بياناً مفصلاً هاجمت فيه الحكومة والبرلمان، وفنّدت فيه أوجه اعتراضاتها على مشروع القانون.


وقالت اللجنة التشريعية بنقابة الصحافيين المصرية إن "مشروع التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام؛ جاء مخالفًا في كثير من نصوصه لما تم التوافق عليه بين اللجنة الوطنية للتشريعات الصحافية والحكومة طوال شهور من التفاوض".

وأوضحت اللجنة، أنّ الأمر لم يقف عند حد تقسيم القانون إلى قانونين، وهو ما يثير العديد من المخاوف حول توجهات من وضعوا المشروع، بل تعدى ذلك للنيل من فلسفة المشروع الرئيسيّة القائمة على الحريّة والمسؤوليّة والاستقلال، وتحرير الصحافة والإعلام من هيمنة السلطة التنفيذيّة تنفيذًا لروح الدستور الحالي.

وأضافت اللجنة أن "المشروع فتح الباب، عبر ما تمت إضافته على نصوصه من تعديلات، لسيطرة السلطة التنفيذيّة على الإعلام من خلال تعديل مواد تشكيل المجالس الثلاثة، بما يجعل لرئيس الجمهورية الحق في تعيين ما يقرب من ربع أعضاء المجلس والهيئتين، بخلاف بقية ممثلي الحكومة والسلطة التنفيذية".

أما عن قانون تداول المعلومات، فرأى نقيب الصحافيين السابق، يحيى قلاش، أنّ "الصحافيين في مصر تحولوا لمندوبي المعلومات، نتيجة تأثّرهم بترسانة القوانين أو منع تداول المعلومة".
وأضاف قلاش، في كلمته خلال ندوة بعنوان "نحو قانون حرية تداول المعلومات في مصر"، نظّمها المركز المصري لدراسات السياسات العامة، منذ أيام، أنّ الصحافي يعاني ليحصل على المعلومة وبعد نشرها يتحمل مسؤوليتها بالكامل. لافتًا إلى أنّ المصريين هم روّاد مهنة الصحافة وعلى الرغم من ذلك فقد سبقتنا الدول الأخرى في حريّة تداول المعلومات.
وقال قلاش إنّ مشروع قانون تداول المعلومات ليس من أولويات الحكومة، على الرغم من كونه قانونا مُرتبطا بتنمية الدول وديمقراطيتها.

وأضاف أنه بناء على التجارب السابقة، فإنّ مشروع قانون حرية تداول المعلومات يتحوّل لمشروع قانون حجب المعلومات. مطالبًا نقابة الصحافيين أو على الأقل الجمعية العمومية أن تتدخل في مناقشة المشروع ووضعه، باعتبار أنه "لا يمكن صدور مثل هذا القانون دون حوار".

أما بشأن قانون "فوضى التواصل الاجتماعي"، فقال عضو مجلس نقابة الصحافيين المصريين، وعضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، حاتم زكريا، إنّ المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام "ينتظر انتهاء مجلس النواب من وضع تشريع قانوني لمواجهة فوضى استخدام السوشيال ميديا ووضع ضوابط واضحة، فضلا عن الحد من سلبياتها خاصة المنافية للتقاليد المصرية".
واعتبر زكريا، أن إعداد تشريع قانوني لأليات عمل مواقع التواصل الاجتماعي، يعتبر من الأولويات التي تحتاج إلى بلورة رؤية واضحة.

وفي هذا الصدد؛ قال الصحافي والباحث بالمرصد العربي لحرية الإعلام، أحمد أبو زيد، إنّه "لا شكّ أنّ حالة إرهاب العاملين بالإعلام والتضييق على الحريات العامة وتقليص مساحات التغطية والمعالجة، هي الفلسفة الحاكمة في كافة التشريعات السالفة الصدور سواء قانون مقاومة الإرهاب وقانون تنظيم الهيئات الإعلامية اللذان صدرا في غيبة أصحاب الشأن من الصحافيين والإعلاميين".

وأضاف أبو زيد "وبعيداً عن الكيانات الإعلامية والتشريعات المرتقبة كقانون تداول المعلومات وقانون تنظيم السوشال ميديا، بالإضافة لقانون تنظيم الصحافة والإعلام، وقانون نقابة الصحافيين، والذي يمتنع مجلس النواب عن عرضه علي نقابة الصحافيين إلى اليوم، ما يشير إلى توجه قمعي بإصداره بعيدا عن أعين أصحاب الشأن ويتجاهل المشاريع التي قدمها مجلسا يحيى قلاش وضياء رشوان على ما فيها من ملاحظات من الجمعية العمومية للصحافيين".
وأكد الباحث والصحافي، أنّه برصد السوابق التشريعية؛ فسيكون هناك عدة ملاحظات أبرزها "التوسع في العقوبات والمنع والحجب وتضييق مساحات الإبداع والتنوع في ظل حرص الدولة على تحويل المنظومة الإعلامية لمنظومة علاقات عامة تابعه للدولة لا سلطة رابعة للرقابة الشعبية كما نص الدستور".

فضلاً عن "السعي لإخراج التنظيم النقابي من معادلة الفعل ومنح صلاحياته لهيئات وكيانات رسميه تحت إشراف الحكومة، والسعي لحصار الإعلام الشعبي عبر تجريم استخدام مواقع التواصل في إطار سياسة حجب المعلومات وتوحيد مصادرها بما يتناسب مع المواثيق الدولية والمحلية لتداول المعلومة"، بحسب أبو زيد.

ومن هذا المنطلق، توقع أيضًا أبو زيد، أن "تتملص الدولة من إصدار قانون تداول المعلومات أو أن تصدر تشريعًا قمعيًا يقيد تداول المعلومات أكثر مما هو عليه الآن في ظل اتجاه الدولة لحجب كافة وسائل الإعلام والتعبير التي تعتمد سياسة تعددية أو على الأقل لا تعمد السياسة العامة للنظام".