وردة الشنطي: أوّل إعلاميّة كفيفة في غزّة

29 مارس 2015
وردة الشنطي (عبدالحكيم أبو رياش\العربي الجديد)
+ الخط -
لم تُلقِ الشابة الفلسطينية، وردة الشنطي، بالاً للعثرات التي اصطفّت في وجه طموحاتها، عندما قررت الالتحاق بقسم الصحافة والإعلام في الجامعة الإسلامية في غزة، رغم فقدانها لبصرها، كخطوة تعد الأولى من نوعها في قطاع غزة. وقد تمكّنت بعد أربع سنوات من الدارسة من وضع أولى بصماتها في طريقها نحو السلطة الرابعة.

وأصيبت الشنطي (22 عاماً)، في أواخر العقد الأول من عمرها، بمرض "التليّف الشبكي" النادر، ما تسبب بفقدان بصرها، لتكمل الدارسة الابتدائية والإعدادية في المعاهد المحلية الخاصة بالمكفوفين، قبل أن تعود إلى مدارس المبصرين في الثانوية العامة، "التوجيهي"، والتي اجتازت امتحاناتها النهائية بمعدل جيد جداً.

وربطت الطالبة وردة دراسة فنون الإعلام، بالرغبة والتحدي، وتقول، لـ"العربي الجديد"، إنها كانت تطمح منذ الصغر لممارسة مهنة الصحافة، إذ واكبت الاستماع إلى الراديو وتقليد بعض المذيعين، وقراءة الصحف، بعد تحويل نصوصها إلى لغة برايل، التي تعلمتها في مركز النور للمعاقين بصرياً في غزة.

لم تقف وردة حائرة أمام اختيار تخصصها الجامعي، فسرعان ما استجابت لنداء طموحاتها، رغم محاولات البعض لثنيها عن الدخول لمعترك مهنة المتاعب، والتي يرون أنها لا تنسجم مع حالتها.

ولم تكترث وردة بكلام هؤلاء، لكنها استجابت لنفسها وتشجيع والدها، فقررت التسجيل بكلية الآداب، تخصص "لغة عربية/ صحافة"، بعيداً عن بقية المجالات التي يُقبل عليها المكفوفون عادة، بما يتناسب مع أوضاعهم، ولإثبات قدراتها على التكيّف مع الحياة دون معيقات.

وواجهت وردة بعض التحديات في المرحلة الأولى من الدراسة الجامعية، خصوصاً في مجال توفر الكتب المطبوعة بلغة برايل، كونها أول طالبة على مستوى الجامعة الإسلامية تلتحق بقسم الصحافة، ولم يسبقها في هذا التميُّز إلا الطالب الكفيف عبد العزيز كريم، الذي حصل على شهادة الإعلام قبل عامين.


إقرأ أيضاً: إدمان الإنترنت: البطالة تدفع شباب غزة إلى شاشات الكمبيوتر


وتنبّه وردة إلى أنه في حال توفر نسخ إلكترونية من الكتب الدراسية، فتحولها بسهولة إلى لغة برايل، وإن لم يكن ذلك متوفراً فتجتهد في كتابة ملخصات المحاضرات الجامعية بنفسها، مبيّنة أنها أمضت أربع سنوات في دراسة الإعلام تعد الأجمل في حياتها.

وتتابع: "بعد نحو شهرين سأحصل على شهادة البكالوريوس بتخصص "لغة عربية/ صحافة"، لأشرع بعدها في مرحلة جديدة من التحدي والسعي وراء دراسة الماجستير، إنْ أُتيحت لي الفرصة، بجانب البحث عن الوظيفة والعمل في المجال الإعلامي، وتطوير قدراتي ومهاراتي في المجال ذاته".

وخاضت وردة الممارسة الإعلامية الميدانية، من خلال انضمامها لمركز التدريب التابع لصحيفة "الرسالة" المحلية، إلى جانب كتابة تقارير صحافية عدة في موضوعات متنوعة ضمن مساقات التدريب الجامعية، والتي نشرت في صفحات صحيفة "صوت الجامعة" الخاصة بطلبة قسم الصحافة والإعلام.

وكانت لوردة تجربة أوليّة مميّزة في التقديم التلفزيوني، خلال أحد المساقات الدراسية، وتقول الشنطي: "في بداية الأمر، شعرت بحالة توتر وخشية من الفشل، ولكن سرعان ما تحول ذلك إلى الشعور بالنجاح والقدرة على تحطيم كل المعوقات، عندما سجلت حلقة حوارية مع أحد الدكاترة الجامعيين، بشكل نال إعجاب الجميع".

وتتميّز الشنطي بشغفها الشديد بالوسائل التكنولوجية وحضورها اللافت على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، فضلاً عن مشاركتها في مؤتمرات وتجمعات شبابية محلية وخارجية عدة، أبرزها ملتقى الدوحة في قطر للمكفوفين بتمويل من وزارة الثقافة القطرية.


إقرأ أيضاً: صحافيون فلسطينيون في مرمى نيران الاحتلال
دلالات