بوادر مناوشات إعلامية مصرية - سعودية

02 نوفمبر 2015
غزل في الإمارات مقابل شتم السعودية (Getty)
+ الخط -
يبدو أنّ الحرب الكلاميّة والتلاسُن الدائر بين إعلاميين مصريين، ومنابر إعلاميّة وسياسيّة سعوديّة، ستمتد خلال الفترة المقبلة، بموازاة ما يرصده متابعو المشهد الإعلامي من تنامي الدور الإماراتي في المشهد السياسي والإعلامي والإعلاني المصري.

البداية كانت صريحة من رئيس مجلس إدارة مؤسسة "الأهرام" المصرية، أحمد السيد النجار، الذي أفادت تسريبات خرجت من اجتماعه مع السفير السعودي في مصر، أحمد القطان، والذي جرى في منزل السفير الجزائري، بأن النجار وبَّخ القطان على تهكّمه من السيادة المصريّة في المنطقة وانتقالها للسعودية، بإعلانه أنّ "المؤسسة التي يرأس مجلس إدارتها أو حتى عمارة بوسط القاهرة، أقدم من السعودية بأكملها".

تلك التسريبات، لم ينكرها النجار، بل وعلّق على مجملها في حديث تلفزيوني معه قال فيه "أحافظ على كرامة بلدي".

ويوم السبت، خرج رئيس تحرير جريدة "اليوم السابع"، ومقدم البرامج على قناة "النهار" الفضائيّة المصريّة، خالد صلاح، برسالة هجوم جديدة على السعودية، ممثّلة في أحد روافد إعلامها في مصر. حيث انتقد حلقة من برنامج "سيد أبو حفيظة"، وهو برنامج كوميدي ساخر دخل موسمه الثاني على قناة "إم بي سي مصر" التابعة لشبكة قنوات "إم بي سي" السعودية، والتي قدم فيها أغنية تتهكم على التلفزيون المصري.

ونشر صلاح، عبر حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، عدة رسائل قصيرة انتقد فيها البرنامج، وطالب القناة بالاعتذار. "أقذر شتيمة بفلوس رجل أعمال سعودي لتليفزيون مصر"، كانت الرسالة الأولى التي نشرها صلاح. وتبعها بـ"التليفزيون المصري علّم الدنيا بحالها ماوصلتش الوضاعة إنه يتشتم من تليفزيون سعودي بيشتغل على أرض مصر". وأضاف: "عصام الأمير لو ما اتحركش وقدم بلاغ باسم التليفزيون إحنا هنعمل كدة في الجماعة الصحافية". والأمير هو رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري.





حلقة برنامج "سيد أبو حفيظة" الذي يقدمه الإعلامي المصري، رجل الشرطة السابق، أكرم حسني، تناولت بأسلوب ساخر، ما آل إليه التلفزيون المصري من تردٍ وتدهور. وتابع صلاح "MBC تقوم بدور مخيف للقضاء نهائيًا على التلفزيون المصري، ليكون رأس المال غير المصري هو المتحكم الأول في عقول المصريين". وواصل هجومه "الوليد الإبراهيم مالك mbc لازم يعتذر عن ده. أما المصريين اللي عملوا كده في محطة سعودية وقبلوا بإهانة كرامة بلادهم بقولهم انتوا عبيد".

اقرأ أيضاً: سخرية أبوحفيظة من التلفزيون المصري تتحول لحملة ضد MBC

الهجوم ذاته، تبناه الإعلامي المصري، إبراهيم عيسى، الذي شن هجومًا لاذعًا على السعودية هذا الأسبوع، داعيًا مصر إلى وقف قبول التمويل الخليجي الكثيف.

واتهم عيسى، من خلال برنامجه الأسبوعي "25/30" الذي يُعرض على قناة "أون تي في" الفضائية المصرية، السعودية بـ"دعم الإرهابيين في سورية"، مطالبًا الرئيس عبدالفتاح السيسي بـ"عدم الوقوع كأسير للرياض.. فمصر يجب أن تتحرر من علاقة الامتنان مع السعودية". وفي مقابل هجوم عيسى الضاري على السعودية؛ أثنى على دولة الإمارات، التي وصفها بـ"دولة مهمة ومحترمة وكبيرة ذات شعب رائع".

هذا الهجوم الممنهج الذي يتبناه إعلاميون مصريون، والذي يتنافى مع العلاقات المصريّة - السعوديّة التي رضخت لها مصر في أعقاب الانقلاب في 3 يوليو/تموز 2013؛ تمثل تحولاً في تحالفات مصر الإقليمية في أعقاب وفاة الملك عبد الله بن عبدالعزيز. إذ يشير البند الأخير من الاتفاقية المبرمة بين الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وولي العهد السعودي، في أواخر يوليو/تموز الماضي، الذي عرف بـ"إعلان القاهرة" إلى التعاون المصري السعودي في مجال الإعلام.

ووفقًا للبيان الرسمي الصادر عن الرئاسة المصريّة حينها، فقد "اتفق الجانبان على تكثيف التعاون السياسي والثقافي والإعلامي بين البلدين لتحقيق الأهداف المرجوّة في ضوء المصلحة المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين، ومواجهة التحديات والأخطار التي تفرضها المرحلة الراهنة، وتعيين الحدود البحرية بين البلدين". وتابع البيان "ويتطلع الجانبان إلى التنفيذ الكامل لما تقدم في إطار من التواصل المستمر والتنسيق على أعلى المستويات بين البلدين، اللذين يمثلان جناحي الأمة العربية والإسلامية، ويعملان معاً من أجل ضمان تحقيق الأمن القومي
العربي والإسلامي واستمرار ازدهارهما".

بل تطورت العلاقات المصرية السعودية في مجال الإعلام، للإعلان عن تأسيس ما يسمى "اللجنة العليا للإعلام المصري السعودي".

إلا أن مؤشرات المشهد السياسي الراهن، توضح بروز الدور الإماراتي في الإعلام المصري. ويشير مراقبون إلى أن الإمارات موَّلت ولا تزال تمول وتدعم منابر إعلاميّة عدة لتكون بديلاً عن الإعلام المصري الراهن، وأبرزها قناة "الغد العربي" وموقعها الإلكتروني، وموقع وجريدة "البوابة نيوز" اللذان يرأس تحريرهما الإعلامي المصري، عبدالرحيم علي، عضو مجلس الشعب المقبل بعد فوزه في الانتخابات البرلمانيّة الأخيرة، وشبكة قنوات "سي بي سي"، وموقع "دوت مصر" الذي كشف حادث سرقة عابر، أن أمواله تُضخّ مباشرة من الإمارات، وغيرها الكثير.

وليس على مستوى الإعلام فقط، يبرز الدور الإماراتي، فشركة "برزنتيشن" الإماراتية، أصبحت حاليًا الراعي الرسمي للكرة المصرية بالكامل، وتنظيم كافة فعالياتها وتمولها، منذ أغسطس/آب 2014، لمدة ثلاث سنوات، بإجمالي مبلغ 90 مليون جنيه، موزعة على 25 مليون جنيه للسنة الأولى، و30 مليون جنيه للسنة الثانية، و35 مليون جنيه للسنة الثالثة.

وكان السيسي، قد زار الإمارات، الثلاثاء الماضي، وكان في استقباله حاكم دبي، رئيس الوزراء الإماراتي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وجرى خلال اللقاء "بحث مجريات التطورات في المنطقة، حيث تبادل الجانبان الآراء ووجهات النظر حول عدد من القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك"، وأعرب بن راشد عن تفاؤله بـ"نجاحات القيادة المصرية الجديدة في تحقيق الخير والنماء لمصر، وتأسيس مرحلة جديدة تواصل فيها مصر مسيرة البناء والتقدم، وتمارس دورها المحوري في المنطقة"، بحسب صحف إماراتية.


اقرأ أيضاً: الإعلام السعودي يدخل المعركة مع إيران
المساهمون