تغلب الأربعيني المصري صلاح علي إسماعيل على شعوره بالتردد في قبول مشاركة اثنين من أصحاب السوابق الجنائية، لارتكاب جريمة سرقة، إذ طلبا منه الاشتراك معهما في الاستيلاء على موجودات شقة العجوز يسرية السيد أنور التى تعيش فيها بمفردها في شارع جسر السويس بالقاهرة، في البداية رفض صلاح الأمر خصوصا أنه لم يسبق له ارتكاب أي جريمة، "غير أن عجزه عن إيجاد عمل بعد تسريح شركته له في أكتوبر/تشرين الأول أفقده راتبه البالغ 1200 جنيه مصري (66 دولارا أميركيا)، مما فاقم معاناة أطفاله الثلاثة وزوجته، في ظل غلاء فاحش، الأمر الذي أجبره على السرقة للمرة الأولى في حياته"، كما جاء في أوراق القضية رقم 3567 لسنة 2016 جنح مصر الجديدة، التي تولى التحقيق فيها المستشار إبراهيم صالح رئيس نيابة مصر الجديدة وقتها.
بعد 12 يوما من ارتكاب الواقعة، تم القبض على 2 من المتهمين فى الحادثة وإسماعيل، والذي كان دوره قيادة سيارة المسروقات وتوصيل المتهمين إلى وجهتهم مقابل 6 آلاف جنيه (330 دولارا)، بحسب ما قالته لـ"العربي الجديد"، زوجته عفاف رأفت والتي لم تجد بعد حلا لتوفير إيجار شقتهم متوسطة الحال الواقعة فى منطقة المطرية (شرق القاهرة).
وتعد واقعة صلاح إسماعيل واحدة من حوادث السرقة والسطو المسلح التى زادت بنسبة 7% خلال عام 2016 مقارنة بعام 2015 وفق ما كشفه تقرير الحصاد الأمني لوزارة الداخلية عن عام 2016، الصادر في نهاية يناير/كانون الثاني 2017، فيما يؤكد قضاة وأعضاء في هيئة النيابة العامة يعملون في 3 مناطق كبرى في العاصمة المصرية، تزايد حوادث السرقة بالإكراه والسطو المسلح والنصب والنشل بنسبة تصل إلى 45% في نهاية العام بالمقارنة مع بدايته، ويربط قانونيون واقتصاديون بين القفزة الكبيرة في أسعار السلع الأساسية خلال النصف الثاني من عام 2016 بعد تعويم الجنيه وبين تزايد ارتكاب جرائم السرقة، والتي أخذت منحى عنيفا في عدد من الحالات مثل واقعة تورط فرد أمن في قتل المصرفية الشهيرة نيفين لطفي بعد أن تسلل في 24 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2016 إلى بيتها الكائن في "كمبوند" راق في مدينة الشيخ زايد (غرب القاهرة)، بدافع السرقة غير أنه لدى اكتشاف الضحية له، سدد لها عدة طعنات قاتلة وهرب من مكان الجريمة الذي سبق للمتهم العمل فيه، طبقا لأوراق القضية رقم 5675 لعام 2016، إداري قسم شرطة أول أكتوبر.
اقــرأ أيضاً
مقارنة بين نسبة الجريمة في عامين
تعد مصلحة الأمن العام المصرية (إدارة تابعة لوزارة الداخلية) تقريرا إحصائيا سنويا عن نسب ارتكاب الجريمة بأنواعها المختلفة، وتقارن هذه النسب بالعام الذي سبق إصدار التقرير الأمني والذي حصلت "العربي الجديد" على أحدثه نسخه، ويكشف التقريرعن ضبط 12527 جريمة سرقة تنوعت بين سرقة مساكن أو متاجر أو سيارات أو النشل أو النصب، بزيادة قدرها 7 % عن العام السابق، فضلا عن ضبط 726 قضية سرقة بالإكراه و179 قضية خطف و608 قضايا حريق عمد بزيادة قدرها 6% فى كل مصر.
ويسجل التقرير ضبط 1470 قضية أموال عامة اتُّهم فيها موظفون في الدولة، وتنوعت بين الرشوة والاختلاس وتسهيل الاستيلاء على المال العام واستغلال النفوذ والجرائم المصرفية، بنسبة تزيد 61% عن العام الماضي، بالاضافة إلى 1296 قضية سرقة مهمات وكابلات كهربائية ضبطتها مباحث الكهرباء فضلا عن 2345345 قضية سرقة كهرباء بزيادة قدرها 25 % عن عام 2015.
اقــرأ أيضاً
تزايد عدد المتهمين بالسرقة للمرة الأولى
اختار معد التحقيق 3 مناطق مختلفة في القاهرة، متباينة من حيث المستوى الاجتماعي والبعد الجغرافي عن قلب العاصمة من أجل رصد نسبة زيادة حوادث السرقة والسطو المسلح في تلك المناطق، وكانت البداية عبر نيابة دار السلام والتي سجل دفتر القضايا الخاص بها 513 قضية سرقة وسطو مسلح خلال الفترة من 1 يونيو/حزيران 2016 إلى 31 ديسمبر/كانون الأول 2016، بزيادة قدرها 41% عن نفس الفترة فى عام 2015.
وتعد دار السلام الواقعة في شرق القاهرة منطقة شعبية، ويقطنها 469.715 نسمة طبقا لإحصاء الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الصادر في عام 2011، ويؤكد المستشار محمود القشيري رئيس محكمة جنايات القاهرة والذي تنظر دائرته قضايا دار السلام، زيادة عدد قضايا السرقة بالإكراه خلال الفترة الماضية، قائلا لـ"العربي الجديد": "30% من المتهمين في تلك القضايا من غير المسجلين الخطر، بعضهم يرتكب الجريمة للمرة الأولى".
وفي منطقة الأزبكية التي تقع وسط القاهرة وتتسم بكونها متوسطة الحال، بلغ عدد جرائم السرقة والسطو المسلح والنشل 1077 قضية جرت في النصف الثاني من عام 2016 بزيادة قدرها 66% عن نفس الفترة من عام 2015 طبقا لدفاتر أحوال قسم شرطة الأزبكية.
وضبطت الأجهزة الأمنية في المنطقة التي تتسم بكونها متوسطة الحال ويغلب عليها الطابع التجاري تشكيلات عصابية مكونة من صبية يسرقون ركاب وسائل المواصلات، وفق ما أكده اللواء خالد الطوخي مدير مباحث النقل والمواصلات، مشيرا إلى أن تلك التشكيلات تتسم بكونها جديدة وغير مسجلة لدى الأجهزة الأمنية، ويصل عدد من يسرقون لأول مرة من بين أعضائها إلى 40% من أعضائها.
اقــرأ أيضاً
التهديد يصل إلى مناطق الأثرياء
على أطراف القاهرة تقع منطقة الشروق التي تنتشر بها "الفلل" والمساكن الراقية، ويكشف دفتر أحوال قسم شرطة الشروق والذي تم إنشاؤه في فبراير/شباط 2014، تسجيل 356 محضرا لعمليات سرقة فيلات وسطو مسلح جرت خلال النصف الثاني من عام 2016، بزيادة قدرها 57% عن ذات الفترة من العام الماضي، وهو ما يؤكده المستشار وليد السعيد المحقق في نيابة الشروق، مشيرا إلى أن عددا من المتهمين في تلك القضايا تورطوا في السرقة لأول مرة، من بينهم 3 شباب تسللوا إلى فيلا في منطقة الشروق وسرقوا بعضا من محتوياتها، وتبين من التحقيق معهم في القضية رقم 267 لسنة 2016 عملهم باليومية في المنطقة، وبسبب قلة وضعف الأجر اليومي خططوا لسرقة الفيلا في ظل تصاعد ظاهرة سرقة المساكن الخاصة في تلك المنطقة الراقية، الأمر الذي دفع أهالي منطقة الشروق إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام مديرية أمن القاهرة وأخرى أمام مجلس المدينة في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 للمطالبة بزيادة أعداد الدوريات الأمنية في المنطقة، وهو ما دفع وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار إلى تعيين رئيس مباحث جديد لامتصاص غضب الأهالي وفرض أكمنة في الطرق المؤدية إلى المنطقة، التي سبق أن عمل بها المقدم حسام نصر رئيس مباحث الشروق المقال، والذي علق على الظاهرة قائلا لـ"العربي الجديد": "لم أقصر في عملي، حوداث السرقة والسطو والمسلح ارتفعت في كل الأقسام، والسبب معروف للجميع، الناس مش لاقيه تاكل، ومراكز البحوث أثبتت ذلك".
علاقة ارتفاع الأسعار بتزايد نسبة الجريمة
يربط محللون أمنيون وسياسيون بين ارتفاع معدل جرائم السرقة بأنواعها المختلفة، والزيادة الكبيرة في الأسعار بعد تعويم الجنيه، ما أدى إلى تراجع العملة الوطنية أمام الدولار لتصل إلى 18.15 جنيها لكل دولار، في ظل ثبات الرواتب وعدم زيادتها وتسريح بعض المؤسسات والشركات الخاصة للعامين فيها، وهو ما يتفق مع ما جاء في دارسة تناولت علاقة ارتفاع الاسعار بزيادة معدل الجريمة أجراها 3 باحثين من مركز البحوث الاجتماعية والجنائية في يناير/كانون الثاني.
وتؤكد الدراسة ارتفاع نسبة حوادث السرقة والسطو المسلح خلال عام 2016 بنسبة تزيد عن 29% بسبب ارتفاع الأسعار، وهو ما تصفه الدكتورة نسرين البغدادي مدير المركز في إفادتها لـ"العربي الجديد"، بـ"الأمر المنطقي"، غير أن الدكتور عبد الحميد زيد أستاذ علم الاجتماع الجنائي في جامعة الفيوم يعتقد بأن تلك الأرقام التى جاءت في الدراسة أقل من الواقع، محذرا من خطورة الأمر في حال تزايدت ضغوط الأسعار المرتفعة على الفقراء ومحدودي الدخل.
كيف واجهت الدولة زيادة الأسعار والجريمة؟
طبقا لـ 3 مصادر أمنية مسؤولة في مصلحة الأمن العام ومؤسسة الرئاسة تحدثت إليهم "العربي الجديد"، فإن تقريرا أمنيا أعدته مصلحة الأمن العام تم رفعه إلى رئاسة الجمهورية فى نوفمبر/تشرين الثاني الماضي للتحذير من مخاطر رفع الأسعار بعد تعويم الجنيه وزيادة سعر البنزين، وأضافت المصادر الثلاثة أنه تم إرسال تقرير آخر فى نهاية يناير 2017 حذر من ارتفاع معدل جرائم السرقة بشكل ملحوظ بسبب ارتفاع الأسعار، وهو ما يعد حقيقة تعرفها كل الجهات المعنية فى البلد، وفق ما قاله اللواء فاروق المقرحي مساعد وزير الداخلية للأموال العامة، مؤكدا أن رئاسة الجمهورية كلفت وزارة الداخلية بتكثيف التواجد الأمني بعد زيادة سعرالبنزين وتحرير سعر صرف العملة "لأنهم يدركون أن رد فعل المواطنين إما سيكون بالخروج إلى شارع للتظاهر أو ارتفاع معدل حوادث السرقة".
لكن اللواء رفعت عبد الحميد الخبير الأمني يرى أن ارتفاع نسبة السرقة بشكل فردي أمر غير مقلق إلى حد ما، ولكن الأهم ألا تتحول تلك الحوادث إلى عمليات منظمة يصفها البعض بما يسمى بـ"ثورة الجياع "، وهو ما يوافقه فيه محمد محي الدين عضو مجلس الشعب السابق وأستاذ العلوم السياسية بجامعة عين شمس، قائلا "عندما لا يجد المواطن قوت يومه أوما يسد احتياجات أسرته سيضطر إما إلى أن يتظاهر في الشارع وهذا لن يحدث بسبب التشديدات الأمنية، أو يجور على ما لا يملك، وهذا ما حدث".
بعد 12 يوما من ارتكاب الواقعة، تم القبض على 2 من المتهمين فى الحادثة وإسماعيل، والذي كان دوره قيادة سيارة المسروقات وتوصيل المتهمين إلى وجهتهم مقابل 6 آلاف جنيه (330 دولارا)، بحسب ما قالته لـ"العربي الجديد"، زوجته عفاف رأفت والتي لم تجد بعد حلا لتوفير إيجار شقتهم متوسطة الحال الواقعة فى منطقة المطرية (شرق القاهرة).
وتعد واقعة صلاح إسماعيل واحدة من حوادث السرقة والسطو المسلح التى زادت بنسبة 7% خلال عام 2016 مقارنة بعام 2015 وفق ما كشفه تقرير الحصاد الأمني لوزارة الداخلية عن عام 2016، الصادر في نهاية يناير/كانون الثاني 2017، فيما يؤكد قضاة وأعضاء في هيئة النيابة العامة يعملون في 3 مناطق كبرى في العاصمة المصرية، تزايد حوادث السرقة بالإكراه والسطو المسلح والنصب والنشل بنسبة تصل إلى 45% في نهاية العام بالمقارنة مع بدايته، ويربط قانونيون واقتصاديون بين القفزة الكبيرة في أسعار السلع الأساسية خلال النصف الثاني من عام 2016 بعد تعويم الجنيه وبين تزايد ارتكاب جرائم السرقة، والتي أخذت منحى عنيفا في عدد من الحالات مثل واقعة تورط فرد أمن في قتل المصرفية الشهيرة نيفين لطفي بعد أن تسلل في 24 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2016 إلى بيتها الكائن في "كمبوند" راق في مدينة الشيخ زايد (غرب القاهرة)، بدافع السرقة غير أنه لدى اكتشاف الضحية له، سدد لها عدة طعنات قاتلة وهرب من مكان الجريمة الذي سبق للمتهم العمل فيه، طبقا لأوراق القضية رقم 5675 لعام 2016، إداري قسم شرطة أول أكتوبر.
مقارنة بين نسبة الجريمة في عامين
تعد مصلحة الأمن العام المصرية (إدارة تابعة لوزارة الداخلية) تقريرا إحصائيا سنويا عن نسب ارتكاب الجريمة بأنواعها المختلفة، وتقارن هذه النسب بالعام الذي سبق إصدار التقرير الأمني والذي حصلت "العربي الجديد" على أحدثه نسخه، ويكشف التقريرعن ضبط 12527 جريمة سرقة تنوعت بين سرقة مساكن أو متاجر أو سيارات أو النشل أو النصب، بزيادة قدرها 7 % عن العام السابق، فضلا عن ضبط 726 قضية سرقة بالإكراه و179 قضية خطف و608 قضايا حريق عمد بزيادة قدرها 6% فى كل مصر.
ويسجل التقرير ضبط 1470 قضية أموال عامة اتُّهم فيها موظفون في الدولة، وتنوعت بين الرشوة والاختلاس وتسهيل الاستيلاء على المال العام واستغلال النفوذ والجرائم المصرفية، بنسبة تزيد 61% عن العام الماضي، بالاضافة إلى 1296 قضية سرقة مهمات وكابلات كهربائية ضبطتها مباحث الكهرباء فضلا عن 2345345 قضية سرقة كهرباء بزيادة قدرها 25 % عن عام 2015.
تزايد عدد المتهمين بالسرقة للمرة الأولى
اختار معد التحقيق 3 مناطق مختلفة في القاهرة، متباينة من حيث المستوى الاجتماعي والبعد الجغرافي عن قلب العاصمة من أجل رصد نسبة زيادة حوادث السرقة والسطو المسلح في تلك المناطق، وكانت البداية عبر نيابة دار السلام والتي سجل دفتر القضايا الخاص بها 513 قضية سرقة وسطو مسلح خلال الفترة من 1 يونيو/حزيران 2016 إلى 31 ديسمبر/كانون الأول 2016، بزيادة قدرها 41% عن نفس الفترة فى عام 2015.
وتعد دار السلام الواقعة في شرق القاهرة منطقة شعبية، ويقطنها 469.715 نسمة طبقا لإحصاء الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الصادر في عام 2011، ويؤكد المستشار محمود القشيري رئيس محكمة جنايات القاهرة والذي تنظر دائرته قضايا دار السلام، زيادة عدد قضايا السرقة بالإكراه خلال الفترة الماضية، قائلا لـ"العربي الجديد": "30% من المتهمين في تلك القضايا من غير المسجلين الخطر، بعضهم يرتكب الجريمة للمرة الأولى".
وفي منطقة الأزبكية التي تقع وسط القاهرة وتتسم بكونها متوسطة الحال، بلغ عدد جرائم السرقة والسطو المسلح والنشل 1077 قضية جرت في النصف الثاني من عام 2016 بزيادة قدرها 66% عن نفس الفترة من عام 2015 طبقا لدفاتر أحوال قسم شرطة الأزبكية.
وضبطت الأجهزة الأمنية في المنطقة التي تتسم بكونها متوسطة الحال ويغلب عليها الطابع التجاري تشكيلات عصابية مكونة من صبية يسرقون ركاب وسائل المواصلات، وفق ما أكده اللواء خالد الطوخي مدير مباحث النقل والمواصلات، مشيرا إلى أن تلك التشكيلات تتسم بكونها جديدة وغير مسجلة لدى الأجهزة الأمنية، ويصل عدد من يسرقون لأول مرة من بين أعضائها إلى 40% من أعضائها.
التهديد يصل إلى مناطق الأثرياء
على أطراف القاهرة تقع منطقة الشروق التي تنتشر بها "الفلل" والمساكن الراقية، ويكشف دفتر أحوال قسم شرطة الشروق والذي تم إنشاؤه في فبراير/شباط 2014، تسجيل 356 محضرا لعمليات سرقة فيلات وسطو مسلح جرت خلال النصف الثاني من عام 2016، بزيادة قدرها 57% عن ذات الفترة من العام الماضي، وهو ما يؤكده المستشار وليد السعيد المحقق في نيابة الشروق، مشيرا إلى أن عددا من المتهمين في تلك القضايا تورطوا في السرقة لأول مرة، من بينهم 3 شباب تسللوا إلى فيلا في منطقة الشروق وسرقوا بعضا من محتوياتها، وتبين من التحقيق معهم في القضية رقم 267 لسنة 2016 عملهم باليومية في المنطقة، وبسبب قلة وضعف الأجر اليومي خططوا لسرقة الفيلا في ظل تصاعد ظاهرة سرقة المساكن الخاصة في تلك المنطقة الراقية، الأمر الذي دفع أهالي منطقة الشروق إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام مديرية أمن القاهرة وأخرى أمام مجلس المدينة في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 للمطالبة بزيادة أعداد الدوريات الأمنية في المنطقة، وهو ما دفع وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار إلى تعيين رئيس مباحث جديد لامتصاص غضب الأهالي وفرض أكمنة في الطرق المؤدية إلى المنطقة، التي سبق أن عمل بها المقدم حسام نصر رئيس مباحث الشروق المقال، والذي علق على الظاهرة قائلا لـ"العربي الجديد": "لم أقصر في عملي، حوداث السرقة والسطو والمسلح ارتفعت في كل الأقسام، والسبب معروف للجميع، الناس مش لاقيه تاكل، ومراكز البحوث أثبتت ذلك".
علاقة ارتفاع الأسعار بتزايد نسبة الجريمة
يربط محللون أمنيون وسياسيون بين ارتفاع معدل جرائم السرقة بأنواعها المختلفة، والزيادة الكبيرة في الأسعار بعد تعويم الجنيه، ما أدى إلى تراجع العملة الوطنية أمام الدولار لتصل إلى 18.15 جنيها لكل دولار، في ظل ثبات الرواتب وعدم زيادتها وتسريح بعض المؤسسات والشركات الخاصة للعامين فيها، وهو ما يتفق مع ما جاء في دارسة تناولت علاقة ارتفاع الاسعار بزيادة معدل الجريمة أجراها 3 باحثين من مركز البحوث الاجتماعية والجنائية في يناير/كانون الثاني.
وتؤكد الدراسة ارتفاع نسبة حوادث السرقة والسطو المسلح خلال عام 2016 بنسبة تزيد عن 29% بسبب ارتفاع الأسعار، وهو ما تصفه الدكتورة نسرين البغدادي مدير المركز في إفادتها لـ"العربي الجديد"، بـ"الأمر المنطقي"، غير أن الدكتور عبد الحميد زيد أستاذ علم الاجتماع الجنائي في جامعة الفيوم يعتقد بأن تلك الأرقام التى جاءت في الدراسة أقل من الواقع، محذرا من خطورة الأمر في حال تزايدت ضغوط الأسعار المرتفعة على الفقراء ومحدودي الدخل.
كيف واجهت الدولة زيادة الأسعار والجريمة؟
طبقا لـ 3 مصادر أمنية مسؤولة في مصلحة الأمن العام ومؤسسة الرئاسة تحدثت إليهم "العربي الجديد"، فإن تقريرا أمنيا أعدته مصلحة الأمن العام تم رفعه إلى رئاسة الجمهورية فى نوفمبر/تشرين الثاني الماضي للتحذير من مخاطر رفع الأسعار بعد تعويم الجنيه وزيادة سعر البنزين، وأضافت المصادر الثلاثة أنه تم إرسال تقرير آخر فى نهاية يناير 2017 حذر من ارتفاع معدل جرائم السرقة بشكل ملحوظ بسبب ارتفاع الأسعار، وهو ما يعد حقيقة تعرفها كل الجهات المعنية فى البلد، وفق ما قاله اللواء فاروق المقرحي مساعد وزير الداخلية للأموال العامة، مؤكدا أن رئاسة الجمهورية كلفت وزارة الداخلية بتكثيف التواجد الأمني بعد زيادة سعرالبنزين وتحرير سعر صرف العملة "لأنهم يدركون أن رد فعل المواطنين إما سيكون بالخروج إلى شارع للتظاهر أو ارتفاع معدل حوادث السرقة".
لكن اللواء رفعت عبد الحميد الخبير الأمني يرى أن ارتفاع نسبة السرقة بشكل فردي أمر غير مقلق إلى حد ما، ولكن الأهم ألا تتحول تلك الحوادث إلى عمليات منظمة يصفها البعض بما يسمى بـ"ثورة الجياع "، وهو ما يوافقه فيه محمد محي الدين عضو مجلس الشعب السابق وأستاذ العلوم السياسية بجامعة عين شمس، قائلا "عندما لا يجد المواطن قوت يومه أوما يسد احتياجات أسرته سيضطر إما إلى أن يتظاهر في الشارع وهذا لن يحدث بسبب التشديدات الأمنية، أو يجور على ما لا يملك، وهذا ما حدث".