- الهواتف المقلدة تختلف عن الأصلية في جودة التصنيع ونظام التشغيل، حيث تعمل بنسخ معدلة من أندرويد وتفتقر للدعم والتحديثات من آبل، ما يجعلها عرضة للتهديدات الأمنية.
- السلطات الأردنية تحاول مكافحة بيع الهواتف المقلدة بفرض عقوبات على البائعين المخادعين وكبح جماح التهريب، لكن المشكلة ما زالت قائمة، مؤثرة سلبًا على الشركات الرسمية والمستهلكين.
يقع أردنيون ضحايا عمليات بيع أجهزة هواتف آيفون مقلدة وأخرى تحوي قطع غيار غير أصلية، يجري بيعها بادعاء أنها جديدة بعد تهريبها إلى البلاد عبر طرق متعددة، وفي حين تواجه السلطات المهربين يمارس تجار عملهم في أمان.
- يحذر أحمد فرج، مدير شركة I system، المعتمدة لتوزيع أجهزة آبل الأصلية في السوق الأردنية، عملاءه من الوقوع في فخ الغش والاحتيال لدى شراء أجهزة آيفون، إذ قد تكون مزيفة أو جرى التلاعب في قطع غيارها وتباع على أنها أصلية وجديدة وكذلك بسعر مرتفع.
ومن خلال عمله رصد فرج انتشار أجهزة مقلدة، يأتي صاحبها طالباً الصيانة، ظناً منه بأنها أصلية، ولدى الفحص يتبين أنها مزيفة حتى إنها لا تعمل بنظام التشغيل المعتمد في منتجات آبل، مشيراً إلى ورود 6 حالات شهرياً إما لأجهزة مزيفة في غالبيتها ذات منشأ صيني، وتحمل رقماً تسلسلياً (سيريال نمبر) غير حقيقي أو استبدلت قطعها الأصلية بأخرى مقلدة، وجرى بيعها على أنها جديدة، وبحسب فرج "فإن الشركة ترفض إجراء الصيانة كون الأجهزة غير أصلية".
الفوارق بين الهواتف المزيفة والأصلية
تتسم الهواتف المزيفة بأن جودتها متدنية رغم بيعها بأسعار كبيرة كما يوضح شريف عبد الرازق، رئيس قسم هندسة الاتصالات في كلية الحجاوي للهندسة التكنولوجية بجامعة اليرموك الحكومية في مدينة إربد شمال المملكة، قائلاً إن نظام IOS المطور من شركة Apple مفعل في في الهاتف الأصلي ويُمكّن المستخدم من الوصول إلى العديد من الخدمات مثل Apple store وicloude، بالإضافة إلى ذلك يتم تحديثه وتطويره عبر الشركة مباشرة، على عكس المقلد الذي يعمل غالباً على إصدار معدل من نظام Android ويفتقر إلى الدعم الرسمي والتحديثات ما يجعله عرضة للتهديدات الأمنية وسهولة اختراق الهاتف، إذ يسمح بثبيت أي برنامج بما في ذلك غير المصرح بها والضارة والتي تسهل اختراق الهاتف، بالإضافة إلى أن الجهاز الأصلي يتميز عن المقلد بسرعة الأداء وسهولة الاستخدام، ومن ناحية أخرى، فالقطع المستخدمة في الجهاز الأصلي تُصنع بكفاءة عالية للتوافق مع معايير الشركة الأم الخاضعة للعديد من عمليات المراقبة أثناء التصنيع على عكس قطع المُقلد التي يتم الحصول عليها من موردين غير موثوقين وهي نسخ عن الأصل قد تصنع في عدة دول بمصانع غير مختصة وتقل جودتها ومتانتها عن الأصلية ما يسبّب الأعطال.
وتعد الشاشات المستخدمة في الهاتف، أهم تلك الأجزاء، إذ تختلف ألوانها ودقتها في المقلد عن الأصلي وغالباً ما تفتقر إلى تقنية Retina (وصف للشاشات ذات كثافة البكسل العالية) الموجودة في الأصلي، بالإضافة إلى أن البطاريات تكون بسعة أقل وعمر أقصر، أما من ناحية الأغلفة فيستخدم في المقلد أغلفة بلاستيكية أو معدنية رخيصة تظهر بشكل أخشن وطبقات غير متساوية وموضع غير دقيق للأزرار، والكاميرات تكون أقل جودة بشكل ملحوظ وتعاني من ضعف التركيز ودقة الألوان والأداء، إذ يوجد ظاهريا أكثر من كاميرا لكن واحدة فقط التي تعمل بالتالي جودة الصور سيئة، بحسب توضيح عبد الرازق، مؤكداً أن المستخدم عليه التحقق من الرقم التسلسلي serial Number للجهاز الأصلي الموجود في إعدادات الآيفون عبر إدخاله في موقع شركة Apple، فإذا كانت المعلومات مطابقة لمواصفات الجهاز فهو أصلي.
ما سبق، يزيد عليه فرج بقوله "مطابقة الرقم التسلسلي الموجود على كرتونة الجهاز مع الرقم الموجود في إعدادات الجهاز نفسه وعلى موقع الشركة ليس للتأكد من أنه أصلي فحسب، بل من أنه جديد أيضاً وكفالته فعالة، إذ تبدأ من تاريخ تشغيله، حتى لا يقع الشاري ضحية للنصب ويشتري جهازاً مجمعاً فيه قطع غير أصلية، وتم استخدامه من قبل وانتهت كفالته".
التحايل على المستهلكين
يرصد محمود حجازي مالك محل لبيع الهواتف النقالة في مدينة إربد، تزايداً في عمليات التلاعب بهواتف الآيفون تحديداً، إذ يلاحظ أنها تعرض للبيع في بعض المحال بأسعار منخفضة علماً أن الأجهزة ذاتها كلفتها على التاجر كبيرة، مؤكداً لـ"العربي الجديد أنه "بعد التحري وسؤال العاملين، اتضح أن تلك الأجهزة مقلدة تدخل عبر التهريب إلى البلاد".
وتروج مجموعات على فيس بوك لبيع الآيفون المقلد، إذ رصد معد التحقيق عبر الاشتراك في خمسة منها إعلانات لبيع أجهزة آيفون "كوبي" (مقلدة)، وتراوحت الأسعار المطلوبة بين 130 و180 دينارا (184 و254 دولاراً أميركياً)، بحسب نوع إصداره، وتواصل معد التحقيق مع أحد المعلنين، مستفسراً عن توفر آيفون 11 برو، وتلقى رداً بتوفر أجهزة "كوبي نسخة عن الأصلي بسعر 180 ديناراً"، وفي وصف الجهاز يقول البائع أن "الجهاز جديد لكن بلا علبة، ويباع معه الشاحن والسماعات، وكاميراته 64 ميجا بيكسل، ويتم تنزيل البرامج عليه عبر جي ميل، وسيتم توصيله لبيت المشتري".
في المقابل، تؤكد مصادر التحقيق أن محالَّ تخدع المستهلكين وتبيع الأجهزة المقلدة من دون الإفصاح عن ذلك، وهو ما تؤكده بيانات القضية رقم 7987/2019، والتي اطلع عليها "العربي الجديد" عبر محرك البحث القانوني قسطاس، وتفيد بضبط صاحب محل للأجهزة النقالة في عمان يبيع هواتف آيفون مقلدة على أنها أصلية في 28 ديسمبر/كانون الأول 2019، وتبين بعد فحصها أنها ذات منشأ صيني، لكن البضاعة تختلف مواصفاتها عن المواصفات المتفق عليها أو التي جرت العادة على توافرها، وبموجب ما سبق يحاسب البائع استناداً إلى المادة 433 من قانون العقوبات الأردني والتي تنص على أن "كل من غش العاقد عن معرفة في طبيعة البضاعة أو صفاتها الجوهرية أو تركيبها أو الكمية التي تحتويها...يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة من خمسة دنانير إلى خمسين ديناراً (بين 7 و71 دولاراً) أو بإحدى هاتين العقوبتين".
وتكشف قضية أخرى عن وسيلة مختلفة لخداع المستهلكين، إذ عرض ثلاثيني هواتف آيفون مقلدة عبر صفحة خاصة على موقع فيس بوك، وفي حين لم يخف عن الزبائن أنها مقلدة، يبيعهم الجهاز ويمنحهم فاتورة تحمل اسم محل مخصص لبيع الهواتف وصيانتها في حيّ نزال بالعاصمة، ويستخدم على الفاتورة ختماً قريباً جداً من ختم المحل ويدون رقمه كذلك، ولم يكتشف أمره حتى تلقى مالك المحل الحقيقي اتصالاً هاتفياً من شخص يبلغه أنه اشترى آيفون 13 بروماكس من محله، وقد تعطل الجهاز واتصل على الرقم المدون على الفاتورة من أجل الاستفسار عن الصيانة، ولدى طلب صاحب المحل الفاتورة وفحصها تبين أنها مزورة، وبمساعدة الزبون تتبع الشخصَ الذي يدير الصفحة وقدم شكوى ضده، وقضت محكمة صلح جزاء عمان بحبسه 3 أشهر ودفع الرسوم على جرم إعداد مصدقة كاذبة عن فواتير تحمل اسم المشتكي، ونشر إعلانات مضللة على صفحته على فيس بوك تتضمن عرض بيع أجهزة آيفون مقلدة، وفقاً لملف القضية رقم 0717/2022، والتي جرى الحكم فيها بتاريخ 26 يناير/كانون الثاني 2023.
إدخال الهواتف المزيفة ضمن شحنات أصلية
يكشف مدير شركة I system أن مديرية مكافحة التهريب التابعة لدائرة الجمارك الأردنية طلبت خلال عام 2021 الاستئناس برأي أحد المهندسين المختصين في الشركة لمعاينة شحنة هواتف من ضمنها آيفون، ولدى الكشف عليها تبين أن الشحنة كانت تضم هواتف أصلية وأخرى مقلدة، قائلاً: "لم نعلم حينها من أي دولة كانت تلك الشحنة قادمة، وانحصرت مهمتنا في الكشف عليها لإعطاء تقرير إن كانت مزيفة أو أصلية".
615 قضية تهريب هواتف أصلية ومقلدة خلال ثلاثة أعوام
و"من الوارد أن يتم دسّ الأجهزة المزيفة بين مجموعة هواتف آيفون أصلية، في محاولة لإخفائها عن أعين السلطات التي تفحصها في المطار أو المعابر البرية"، بحسب مساعدة المدير العام للشؤون الرقابية في مؤسسة المواصفات والمقاييس الأردنية المهندسة وفاء المومني، وضربت مثالاً على ذلك بأن المؤسسة فحصت 151 عينة من هواتف آيفون عام 2022، وتبين بعد فحصها وجود 5 منها مقلدة، وفحصت 213 جهازاً عام 2023 للتحقق من علامتها التجارية لتكتشف أن 5 منها مقلدة أيضاً.
110 قضايا تهريب لهواتف مقلدة
وفقاً لما رصده خلال عمله، يوضح فرج أن هواتف الآيفون يتم تهريبها على متن الشاحنات التي تنقل البضائع والمواد الغذائية من وإلى الأردن عبر المعابر البرية، إلى جانب مشاركة المسافرين براً وجواً في الأمر، إذ ينسق تجار معهم لإدخال الهواتف ضمن أغراضهم الشخصية.
ويكشف رصد "العربي الجديد"، عبر محرك قسطاس القانوني، عن 110 قضايا تتعلق بتهريب هواتف آيفون مقلدة، ومن بينها قضية تورط فيها طالب جامعي أردني بتاريخ 21 سبتمبر/أيلول 2018، تم توقيفه في مركز جمرك مطار الملكة علياء الدولي وبحوزته 30 هاتف آيفون والعبوات الخاصة بها من دون أن يصرح بها لدائرة الجمارك، وتبين بعد فحص البضاعة من مؤسسة المواصفات والمقاييس أنها مقلدة، وبلغت قيمة المضبوطات 3900 ديناراً (5503 دولارات)، وأدانت محكمة بداية جزاء - جنح الجمارك في حكمها رقم 566 لعام 2020، الشاب بجنحة التهريب الجمركي استناداً إلى أحكام المادتين 203 والتي تعرف التهريب بأنه "إدخال البضائع إلى البلاد أو إخراجها منها بصورة مخالفة للتشريعات المعمول بها من دون أداء الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب الأخرى كلياً أو جزئياً...)، وكذلك المادة 204 من قانون الجمارك رقم 20 لعام 1998 وتعديلاته، وبحسب المادة البند الرابع من الفقرة ب في المادة 206 من القانون ذاته، "يعاقب على التهريب وما في حكمه وعلى الشروع في أي منهما بغرامة لا تقل عن 1000 دينار (1411 دولارا) ولا تزيد على 10000 دينار (14.110 دولارات) وعند التكرار يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 5000 دينار (7055 دولارا)"، على أن تتم مصادرة البضاعة موضوع التهريب بحسب الفقرة ج من المادة ذاتها.
وفي قضية مشابهة أعلنت دائرة الجمارك في 5 ديسمبر/كانون الأول 2021 ضبط شخص خلال مروره عبر أحد المعابر البرية، وبحوزته 100 جهاز آيفون أخفاها في ثيابه الخارجية والداخلية محاولاً المرور بها إلى الأراضي الأردنية.
وبحسب رد دائرة الجمارك الأردنية المكتوب على "العربي الجديد" فإن عدد قضايا التهريب لأجهزة الخلوي المختلفة للأعوام الثلاثة الماضية ومن ضمنها الآيفون المزيف بلغت 615 قضية جمركية وجرى تحويلها إلى المحكمة، ولفتت إلى أن عدد الهواتف المضبوطة يتفاوت في كل قضية، إذ ضبط في بعضها 10 هواتف، في حين وصلت الضبطيات في أخرى إلى 100 أو أكثر، وبينما تستمر المواجهة، يعلن بائع في مجموعة (آيفون الأردن) عن توفر آيفون 11 برو ماكس، وآيفون 12 بروماكس، و13 بروماكس، "كوبي نخب أول (نسخة مقلدة)"، وتباع مع ملحقاتها بلا علبة، والتوصيل إلى جميع أنحاء المملكة.
تبعات سلبية على الشركات والزبائن
يعتبر أويس صنابرة، مدير الموارد البشرية في شركة cellbay بالأردن (وكيل معتمد لـ Apple في الأردن) أن إدخال أجهزة الأيفون عبر التهريب سواء أصلية أو مزيفة وتشمل تلك التي يتم إصلاحها خارج البلاد (يطلق عليها هواتف مجددة) وبيعها في الأردن يشكل تحديا كبيرا، ويؤثر على مبيعات الشركات، قائلا :"اتسعت الظاهرة ما دفعنا إلى التواصل مع دائرة الجمارك للمطالبة بإجراءات تحدّ من عمليات التهريب".
يبيع تجار الآيفون المقلد على أنه أصلي ويخدعون المستهلكين
وتتم غالبية عمليات بيع الأجهزة المقلدة في محال الأجهزة النقالة الصغيرة وليس في المحال الكبيرة والمعروفة، وكذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي بحسب صنابرة. ويضيف فرج أن محال كثيرة تتعامل بالأجهزة المغشوشة لكن لا تقوم بعرضها داخل المحل تجنبا لضبطها، "لذلك نسمع من زبائن بأنهم حين يبتاعون جهاز آيفون يتم جلبه من خارج المحل وتسليمه لهم"، يقول فرج.
كما يروي محمد العمري مالك محل للأجهزة الخلوية في إربد أن زبونا راجع المحل قبل عام من أجل فحص جهاز آيفون مغلف ويبدو جديدا، جاءه كهدية ولدى تفحص نظام تشغيله الداخلي تبين أنه أندرويد ما يعني أنه جهاز مقلد، مشيرا إلى أنه لا يستغرب أن يقع الناس في فخ النصب لأن شكل الجهاز الخارجي للآيفون المزيف مطابق للآيفون الأصلي ولا يلحظ الفرق إلا من له خبرة، خاصة أن بيعه ينتشر بشكل أكبر في المناطق البعيدة عن مراكز المدن وفي أطراف المحافظات إذ يمكن بيعه لفئات ليس لديها معرفة كافية بالفروق، وهو ما "يؤكد الحاجة إلى إجراءات رقابية أقوى بسبب الغش كبير"، كما يقول عماد بطارسة بعدما ابتاع آيفون 11 برو من محل في لواء ماركا بالعاصمة، وعقب فترة قصيرة احتاج للصيانة، ليفاجأ بأن الفني المختص أبلغه بأن الجهاز ليس جديدا، وأضيفت له قطع غير أصلية منها البطارية، والتي أُضيف لها كذلك قطعة أخرى من بطارية أصلية قديمة منعا لظهور عبارة تحذيرية، عبر نظام التشغيل، تؤكد وجود قطعة غير معروفة (أصلية) بالجهاز، ما دفعه إلى التوجه للمحل الذي ابتاعه منه لكنه لم يعترف بشيء ورفض صاحبه تحمل أي مسؤولية، فاتجه بطارسة إلى المركز الأمني وأبلغوه أن عليه تقديم شكوى رسمية ليتم التحقيق في القضية وتحال إلى القضاء، لكنه تراجع عن الخوض في هذا الطريق الطويل قائلا: "حبال المحاكم طويلة وتحتاج لمحام وجلسات وسنوات ومتابعة وتكاليف، وقد لا أصل إلى نتيجة".