قصر بني بركة

05 ديسمبر 2016
بُني القصر بشكل كامل من الحجارة والطين (Getty)
+ الخط -


تعد القصور الأمازيغية من التحف المعمارية المهملة. فعلى الرغم من عراقتها وعودة بعضها إلى أكثر من ألفي سنة، لم تجد الاهتمام المحلي المناسب الذي يجعل اليونيسكو تلتفت إليها، وتدرجها ضمن قائمة التراث العالمي. يبلغ عدد القصور الأمازيغية في شمال أفريقيا أكثر من 150 قصراً.

ولفظ قصر مأخوذ من لفظة الأمازيغية هي "غسرو" التي تعني المكان المتلاصق. وهو ما يقترب من فكرة الغرف المتجاورة التي كانت تستخدم للتخزين. وكانت بعض القصور بمثابة حي متكامل يعيش فيه السكان حياة متكاملة متحصنين به.

ويعد قصر بني بركة واحداً من أشهر تلك القصور الأمازيغية، فعلى بُعد حوالي خمسة كيلومترات من مدينة تطاوين التونسية، وعلى قمة جبل بني بركة، تظهر أطلال القصر التاريخي الحصين.

وهو مكان يقال إنه كان في الماضي يجمع كل الفعاليات التي يتطلبها السوق من بيع وشراء وقضاء بين المتخاصمين التجاريين. وقد قال عنه الجغرافي الفرنسي "ليون بارفنكيار": "إن قصر بني بركة الجاثم فوق قمة جبل يصعب الوصول إليه". إذ إن للقصر طريقاً واحداً فقط للدخول والخروج.

وهناك باب واحد فقط يفضي إلى داخله، وبابه يتجه إلى الجنوب الشرقي، والصعود إليه فيه مشقة كبيرة حتى عبر الطريق الرسمي. فهو مكان حصين لا تصل إليه يد اللصوص والمعتدين بسهولة.

يتكون القصر في الداخل من كم كبير من الغرف المتجاورة في عدة طوابق، وقد بنيت من الحجارة والطين، بذات الصورة التي عليها مجمل العمارة الأمازيغية. وفي العادة، تكون الغرفة الواحدة مربعة أو مستطيلة يبلغ عرضها متراً واحداً ولا يزيد طولها عن مترين. وكانت كل غرفة تعد ملكاً لأحد السكان، وكانت العائلات تتوارث تلك الغرف.

والقصر يكون ملكاً لجميع سكان المنطقة، إذ تتقاسم القبائل مجموع غرفه للاستفادة من غرفه الكثيرة التي تكون بمثابة صناديق لحفظ الممتلكات من حبوب وغيرها، فهو بمثابة مؤسسة اجتماعية فريدة.

يقول أحد الباحثين الأمازيغيين، إن هذا القصر تاريخياً هو قرية شامخة بأعلى الجبل. هو حصن يحمي سكانه الأصليين الذين هم سكان بني بركة من أصل أمازيغي. كانوا يسكنون فيه، ويخزنون فيه موادهم الغذائية ويحتمون بموقعه وجدرانه. فكانوا يمارسون فيه كل حياتهم اليومية. وهو القصر الوحيد الذي به دار قضاء وجامع.

فيما يقول الباحث التونسي "منصور بوليفة": "إن سوق بني بركة داخل القصر جاء لضرورة أمنيّة، حيث إنّه سوق وصندوق ومركز، وقد تركّزت فيه محكمة واستقرّ فيه عدل إشهاد زمن الدولة الحسينيّة، وهناك وثائق تؤرّخ لذلك تعود إلى سنة 1700".

وتذهب بعض المصادر إلى أن الغرف التي كانت متوفرة في القصر بلغت 400 غرفة، بينما يذهب السكان المحليون إلى أن عددها كان 750 غرفة. وتشهد وثائق من القرن التاسع عشر أن القصر والسوق كانت له قواعده وتقاليده الخاصة من حيث إدارة الأنشطة والملكية.

كما تشهد وثائق أخرى على أن الحيوانات لم تكن تدخل القصر، حيث كان يقتصر دورها على تفريغ حمولتها ثم النزول للساحة الواسعة أسفل الجبل. كما اكتشف في محيط القصر العديد من المكاييل والموازين القديمة.

المساهمون