مروان خوري..نحتاج الحب والسلام والموسيقى

08 فبراير 2015
نتعرف إلى أي بلد عبر الموسيقي فهي روح الشعوب
+ الخط -
خاض مروان خوري التحدّي الصعب، واستطاع أن يصنع لنفسه اسماً لامعاً ومختلفاً في تاريخ الفنّ، وأن يبرع في التلحين والشعر والغناء، فأثبت أنّه لا حدود للإبداع ولا حدود للأحلام، وقدّم تجربة مختلفة يتحدث عنها لـ "العربي الجديد"

- لماذا اخترت لألبومك الجديد اسم "العدّ العكسي"؟
اخترت هذا العنوان ببساطة تيمنّاً بأغنية "العدّ العكسي" التي ضمّها الألبوم، وذلك لأنني أراه عنواناً جميلاً، غير أنّي أحبّ استخدام العناوين التي تميل إلى الشاعرية مثل: خيال العمر، كلّ القصايد، أنا والليل، وقصر الشوق، وغيرها. لكنّ هذه الأغنية بالذات لها معزّة خاصة لديّ، إذ أعتبرها نقلة جديدة وتحولاً نحو نمط مختلف له علاقة بالدراما، إنّها أغنية أحبّها وأحبّ عنوانها، وهذا ما دفعني لجعله عنواناً للألبوم.

- بين "كاسك يا حبيبي" عام 1987 و"العدّ العكسي" عام 2014، هل كان الطريق شاقّاً؟
لم يكن الطريق سهلاً أبداً، قد يخيّل للبعض أنّه كذلك، ولكنّ بعض الفنانين يتعبون فعلاً في الوصول إلى أحلامهم، وأعتبر نفسي منهم، إذ لم أحصل على مساندة من أي جهة إعلامية أو إنتاجية، لكنني والحمد لله حصلت على قبول من الناس، هذا القبول وهذه المحبة هي ما يستحق الاعتزاز به.

- و كيف واجهت هذه الصعوبات وواصلت مسيرتك؟
المسيرة كانت طويلة وشاقّة إلى حد ما، غير أنني أعتبرها جميلة، لكوني لم أبدأ كمغن إنما كعازف، كنت أعزف على الأورغ والبيانو وأقوم بالتوزيع الموسيقي، وكان لدي اتجاه للتلحين وللتأليف غير أني لم أجد فرصاً مناسبة، مع ذلك فإنّ كلّ هذه الأمور قد أوجدت بداخلي زخماً فنّياً ساعدني كثيراً، لكنّ السبب الرئيسي بكلّ تأكيد في استمراري هو أنني أحبّ الفنّ وأحبُّ الموسيقى جداً.

- أغنياتك الرومانسية استطاعت أن تعيد الأمل للفنّ، في ظلّ أغنيات "الساندويش" التجارية... من أين كلّ هذا الإيمان بالحبّ الذي نلمسه في أغانيك؟
إنه يأتي من طبيعتي الإنسانية ومن إيماني بالحياة بشكل مطلق، لا بد أن يكون للشخص إيمان بأن الحياة خلقت لتكون أجمل، وما نشهده الآن هو نتيجة تقصير المسؤولين والسياسيين والقيمين على كلّ الأمور، إنّهم مقصرون في خلق واقع أجمل للناس، وأنا لا أعتبر الرومانسية ضرباً من الخيال، بل أعتبرها نظرة جميلة وواقعية للحياة كما يجب أن تكون، وأعتقد أنّ الفنّ يجب أن ينقل هذه الصورة، إذ عليه أن يتحدّث عن الواقع وأن يجعله جميلاً في الوقت نفسه، فهذا هو هدف الفنّ والسينما والرسم.




- يقول الكاتب الفرنسي، بييريه، إننا نقول عادة في أغنية من خمس دقائق أكثر مما نقوله في رواية من 500 صفحة؟
أتفق مع هذه المقولة من حيث المبدأ، فالأغنية رسالة مهما كان طولها، سواء كانت عميقة جداً أو بسيطة جداً، لكنّها تقول شيئاً ما في النهاية، لهذا لا يجب أن تكون مبهمة أو فارغة وخالية من أي معنى، إن كونها مجرد إيقاعات لا يجعلها تعيش سوى فترة قصيرة، لتختفي بعدها.

- يزاوج أسلوبك بين الشاعرية الشرقية والإيقاع الغربي المبتكر... من أين جاءت فكرة هذا التزاوج؟
نحن متأثرون في لبنان بالأجواء التي تتزاوج حولنا ما بين الموسيقى الأوروبية والشرقية، إنني ابن بيئة منفتحة، فالشرقية في طبيعتنا، أما الغربية فهي ثقافة اكتسبناها لأنني درست في معاهد ذات امتداد ثقافي غربي، وهذا التزاوج رافق تجديد الموسيقى العربية منذ أيام السنباطي وعبد الوهاب وفريد الأطرش مثلاً، لأنّ العلم الموسيقي يعتمد على مناهج غربية، في حين أنّ المنهج العربي يخصّ آلات معيّنة كالعود، لذا فالتزاوج طبيعي خاصّة في ظلّ عولمة فنّ الموسيقى.

- يُقال إنّ "زمن الفن الجميل انتهى".. هل انتهى فعلاً؟
عبر التاريخ تمرّ الشعوب بحالات ازدهار وبحالات انحطاط وتراجع، نحن في فترة انحطاط لا تخصّ الموسيقى فقط، إنما تمتدّ لمجالات أخرى، إن الموسيقى في النهاية نتيجة صحّة المجتمع، إنّها مثل جهاز "الإيكوغرافيا" الذي نكشف به عن صحّة الجسم، إذ نستطيع أن نعرف وضع أيّ بلد من موسيقاه لأنّها روح الشعوب، ولأنّ شعوبنا متعبة وتعاني بسبب الوضع السياسي والاقتصادي، نجد سيطرة للمادة على النزعة الروحانية وهذا يؤثّر على مزاج الإنسان وعلى الفنان خاصّة مما يقلّل من قدراته الإبداعية، إنّ الوضع الأمني في العالم العربي صعب وهذا يخلق زمن الانحطاط الذي أتمنّى ألا يدوم كثيراً، من دون أن ننسى تثمين محاولات فردية للارتقاء.


- تعجّ الساحة الفنية بظواهر غريبة، ما هي أكثر ظاهرة تزعجك فيها وتعتبرها خطيرة؟
أؤمن أنّ كلّ شيء جميل يتمّ تقديمه لا بد من أن يصل للناس وتظلّ له مكانته، ولا شكّ أنّ الفنّ الهابط كان موجوداً، غير أنّه لم يكن يظهر إعلامياً، فله أماكنه وجمهوره، لأنّ مهمّة الإعلام إبراز الأفضل، إنما من المستحيل إيجاد رقابة اليوم في ظلّ مواقع التواصل الاجتماعي واليوتيوب الذي يعرض كلّ شيء، هنا تكمن الخطورة، لأنّ المشاهد لم يعد يميّز، وهناك مساحة أكبر للرداءة، لكن يجب ألا نفقد الأمل، وأن نؤمن أن الجميل والراقي سيظلّ موجوداً ولا يمكن لكلّ الناس العيش على السخافة، فحتى إن تغيّر شكل الحبّ، نحن بحاجة إليه، وبحاجة للسلام وبحاجة إلى الموسيقى الراقية. أما الرديئة فقد يصدق من يقدّمها أنّ هناك قاعدة جماهيرية تحبّه، لكن هناك قاعدة أقوى تنزعج منهم وتعتبرهم سخيفين.

- ما هو المشروع الفنّي الذي ما زال يحلم به مروان خوري؟
أحلم بمشاريع كثيرة، منها المسرح الغنائي والدراما، لكن لا أريد أن أمثّل بشكل كلاسيكي، إنما أرغب بالمشاركة بشخصيتي الحقيقية لأقدم أعمالاً من خلالها.

- في النهاية، ماذا يقول مروان خوري لمحبّيه؟
أنا مؤمن جداً بالجمهور، وأتعاطى معه بمسؤولية وأهتمّ كثيرا برأيه لأنّني أشعر أنّ جمهوري من نفس طينتي وطبيعتي، فلكلّ فنّان جمهور يشبهه، وأنا أعوّل على هذا الجمهور لأنّ مسؤولية الناس مع الفنّان متبادلة.. هو يقدّم عملاً جيداً وهم يتداولونه، إنّني أحب هؤلاء الناس وأشكرهم على محبّتهم التي أشعر بها.
المساهمون