عابد فهد: مواقف متخبّطة

09 ابريل 2019
لم يشارك فهد في المسلسلات تؤيد النظام السوري (فيسبوك)
+ الخط -
قل يومين، حصل الممثل السوري عابد فهد، على جائزة أفضل ممثل عربي في حفل "الموركس"، عن دوره في المسلسل العربي المشترك "طريق"، الذي أخرجته رشا شربتجي وعُرض في رمضان الماضي. استثمر فهد المناسبة ليعبّر بشكل مفاجئ عن تأييده ودعمه للنظام السوري وجيشه، بعد سنوات راوح فيها فهد ما بين المعارضة والحياد؛ إذ قال: "أهدي الجائزة لبلدي سورية، وللسوريين الذين وقفوا وقفة وطن واحد، ولجيشنا السوري، والجيش اللبناني الذي وقف مع سورية وقفة عز".
أن يقوم فنان بإهداء السلطات السياسية أو العسكرية في بلاده جائزة تقلدها بمهرجان فني، قد يبدو فعلاً غريباً على مستوى المهرجانات العالمية، ولكنه يعتبر تقليداً فنياً سورياً يرافق أي مهرجان فني يُقام في بلاد البعث، حيث يتهافت الفنانون السوريون في هذه المناسبات لإظهار الطاعة والولاء للأسد وجيشه، ولم يقم فهد سوى بنقل هذا التقليد، الذي يؤكد أنه لا يمكن في بلد مثل سورية أن نفصل الفن عن السياسة. بيد أن الأمر الذي يجعل تصريح فهد يبدو أكثر غرابة هو الموقف الذي تبناه فهد من الثورة السورية منذ اندلاعها سنة 2011.
فبعد اندلاع الثورة السورية بأيام، قام فهد بالتوقيع على بيان الفنانين الأول "تحت سقف الوطن"، الذي يناصر الحراك السياسي السلمي ويدعو لمحاسبة كل من هو مسؤول عن إراقة دماء السوريين في درعا. ولكن مواقفه شهدت تخبطاً في العام الأول، إذ صادق ببعض تصريحاته التلفزيونية على نظرية المؤامرة الكونية، التي روّج لها النظام في إعلامه؛ ناهيك عن صعوبة اعتبار توقيعه على بيان "تحت سقف الوطن" أنه موقف سياسي معاد للنظام السوري، فعلى الرغم من أن البيان قام بتوقيعه مجموعة من الفنانين المعروفين بمواقفهم المناصرة للثورة السورية، أمثال جمال سليمان وعبد الحكيم قطيفان، إلا أنه تضمن تواقيع لفنانين معروفين بموالاتهم للنظام، أمثال دريد لحام وأيمن زيدان؛ ولكن فهد بدا ميالاً للثورة السلمية ومعادياً للعنف الممارس من قبل قوات النظام حينذاك.
وبعدما تسلحت الثورة السورية في نهاية 2011، صدرت عن فهد وزوجته الإعلامية زينة يازجي، تصريحات تدين كل من قام بسفك الدماء السورية، سواءٌ الجيش السوري أو الجماعات المعارضة المسلحة. وفي السنوات التالية، حاول فهد أن يتخذ موقفاً محايداً؛ موقف الرافض للسلاح والعنف والداعم للسلم والقضايا الإنسانية. وقام بالتسويق لنفسه بهذه الصورة من خلال زياراته المتكررة لمخيمات اللاجئين، وقام بإنشاء مركز ترفيهي للأطفال في مخيم الزعتري.
لم يشارك فهد في المسلسلات الدرامية المصنفة ضمن بوتقة بروباغندا النظام السوري، التي تمثل وجهة النظام السوري الرسمية لما يدور في سورية، وفضل خلال الأعوام الماضية أن يتجه نحو مسلسلات "الباند آراب"، ليبدو رافضاً لكل ما يُنتج لتلميع صورة النظام، وتبرير العنف الذي يمارسه جيش الأسد بحق الشعب. لكن التصريح الأخير جاء مغايراً للخط الذي سار عليه فهد ومناقضاً له، فإهداؤه جائزة الـ"موريكس دور" للجيش السوري، لا يمكن قراءته سوى باعتباره مباركة لهذا الجيش ولأعمال العنف التي مارسها الأسد ضد شعبه في الأعوام الماضية؛ فكسر فهد بهذه الكلمات الصورة الإنسانية التي حاول أن يرسمها عن نفسه في الأعوام الماضية، بعدما باتت كل المعطيات تشير إلى انتصار النظام عسكرياً وإنهاء الحرب لصالحه.
جدير بالذكر أن عدداً كبيراً من الفنانين السوريين الذين تبنوا موقفاً مناصراً للثورة السورية قبل أعوام، قد عادوا وتراجعوا عن مواقفهم؛ ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى اهتمام المعارضة السورية بإنتاج مسلسلات درامية تروي حكايتها، ما جعل بعض الفنانين الذين شاركوا في الأعوام الأولى للثورة بالأعمال المعارضة، يعود ويشارك في مسلسلات تخدم رواية النظام السوري، كما فعل الممثل السوري مجد فضة، الذي شارك بمسلسل "وجوه وأماكن" المعارض سنة 2015 مع المخرج هيثم حقي، وشارك بعدها بأعمال تخدم بروباغندا النظام السوري، مثل مسلسل "وحدن" الذي قدمه مخرج النظام الأول نجدة أنزور، العام الماضي.
المساهمون