الحلقة الأخيرة: ركاكة الأحداث أنهكت المسلسلات

06 يونيو 2019
للسنة الثانية تجتمع دانييلا رحمة وباسل الخياط (فيسبوك)
+ الخط -
لم يكن سهلاً على صنّاع الدراما هذا الموسم، التغطية على الثغرات التي شابت أغلب الأعمال الرمضانية. وقد كشفت الحلقات الأخيرة من المسلسلات، التي انتهى عرضها أول من أمس، مشاكل حقيقية في السيناريو والإخراج، وضعفاً كبيراً في ختام الحبكة التي رافقت العمل طيلة 30 حلقة. 
هذه الورطة الدرامية، لم تكن وليدة الدقائق النهائية من المسلسلات، ولا المشاهد الأخيرة التي انتظرها الجمهور منذ بداية الشهر، لمعرفة المصير الذي ينتظر الأبطال والشخصيات، بل نتيجة متوقّعة لمسار من الركاكة.

الهيبة ــ الحصاد
ليلة أول من أمس، ومع عرض الحلقة الأخيرة من مسلسل "الهيبة ــ الحصاد"، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لمشهد من مسرحية "الواد سيد الشغال" (1985)، يقول فيه عادل إمام ساخراً من نهاية الأفلام العربية: "مات البطل ومات المخرج ومات الممثلون". مشهد ساخر، عمره أكثر من ثلاثين عاماً يختصر نهاية مسلسل "الهيبة ــ الحصاد" في جزئه الثالث.
إذ شهدت الحلقة 30 من العمل معركة غير مفهومة، تخللها إطلاق رصاص يميناً ويساراً على أعداء "جبل شيخ الجبل" (تيم حسن). ثمّ فجأة نرى الرصاص موجهاً نحو جبل، وزوجته (سيرين عبد النور) وطفله، لينتهي العمل بيد تنزف وتتحرك ببطء، مع موعد حدّده المخرج سامر برقاوي بلقاء جديد في رمضان 2020 مع جزء رابع من "الهيبة".

والحقيقة هي أنّ المشاهد فقد أي اهتمام أو حماسة لمتابعة "الهيبة" منذ الحلقة 12. إذ بدا خلق الأحداث مفتعلاً، ولا يحترم منطق المشاهد ولا عقله: قصص الحب هبطت فجأة على أبطال العمل. ليتحول المقاتلون إلى شخصيات رومانسية وعشاق داخل قريتهم الحدودية الصغيرة. وإن كان هذا التغيّر بطبيعة الأبطال الذين رافقهم العمل منذ الموسم الأول، ممكناً، فإن المخرج لم يمسك بالخيط ولا حتى بطرفه، فترك المشاهد مفتوحة ومبنية على حبكة هزيلة، من دون أي تبرير مقنع لتطوّر الأحداث.
ولم تتخطّ مشاركة الممثلة سيرين عبد النور دور البطلة الجميلة التي فتحت الباب لقلبها، لتقع في حب مطلوب للعدالة. الاستسهال في صياغة العلاقة بين البطلين (حسن وعبد النور) كان غير منطقي، وهو ما جعل القصة التي روّجت لها شركة الإنتاج (سيدرز آرت بروداكشن ـ الصبّاح) قبل أشهر من رمضان، تسقط سريعاً حتى قبل انتصاف عرض الحلقات.




خمسة ونص 
لم تكن نهاية مسلسل "خمسة ونص" (كتابة إيمان السعيد وإخراج فيليب أسمر)، أكثر إقناعاً من "الهيبة" وإن بدت بطريقة أو بأخرى أكثر تماسكاً. ينتهي العمل بمشهد حادث سير مفتعل ينقل النائبة اللبنانية بيان نجم الدين (نادين نسيب نجيم) وهي متجهة لمقابلة ابنها بعد حرمانها منه لسنوات طويلة. النهاية التي كشفت نجيم سابقاً أنها مقتبسة من قصة حياة الأميرة البريطانية ديانا، كانت تهدف للصدمة أو الخروج من إطار النهايات السعيدة، وانتصار الخير على الشرّ التي عادةً ما ترافق المسلسلات العربية. لكن في الحقيقة فإن وفاة البطلة طرحت أسئلة كثيرة حول لا منطقية الجريمة التي تعرضت لها، وقيادتها سيارتها بنفسها، علماً أنها طيلة حلقات المسلسل كانت تتنقل مع مرافقها الخاص (حبيبها لاحقاً معتصم النهار). وقد جاء المشهد الأخير ليتوّج سلسلة من الحلقات التي كتبت بركاكة، مع تطوّر غير منطقي للأحداث، تحديداً في الحلقات العشر الأخيرة

الكاتب
 
سقوط، بلا حسابات، أصاب المخرج رامي حنّا هذا الموسم. نهاية مسلسل "الكاتب" البوليسية تؤكد بما لا يقبل الشك أن المخرج اقتبس أعمالاً كثيرة، وجمعها في عمل واحد، وقدمها مستعجلاً. كل ذلك في ظل دعاوى قضائية من الكاتب السوري خلدون قتلان، يواجهها حنا بتهمة سرقة الأفكار. 

على الرغم من الحرفية التي ظهرت جلية في تصوير "الكاتب"، ظهر المسلسل برؤية بوليسية مُرتبكة، لم تعد مألوفة في المسلسلات. كذلك تداخل الشخصيات بعضها ببعض من أجل البحث عن قاتل أو قاتلة، فضّل التشويق على حساب الحبكة المتماسكة، لتأتي التجربة البوليسية الثانية لرامي حنّا أقل من نجاح عمله "تانغو" العام الماضي. 


دقيقة صمت
لم يكن هناك أفضل من خاتمة مسلسل "دقيقة صمت"، المخرج والكاتب على قناعة تامة بأن آخر العصيان والتمرد والقوة يأتي في البحث عن ملجأ آمن. هكذا استطاع الضابط "عصام شاهين" (خالد القيش) تأمين الطريق لنفسه وعائلته وخرج براً من سورية باتجاه بيروت. ولم ينس العسكري الصارم صديقه "أمير ناصر" (عابد فهد) وزوجته "سمارة" (ستيفاني صليبا) فأخرجهما معه إلى الخارج منقذاً نفسه من محاسبة العسكريين في النظام السوري.

طرح مقنع تماماً في الهروب أو اختيار منفى قسري يبرره التضييق والقتل اللذان يلاحقان المعارضين في سورية، رغم أن أحداث العمل يفترض أنها صوّرت عام 2010، أي قبل اندلاع الثورة السورية ضدّ بشار الأسد ونظامه بعام واحد.
لم ينفصل "دقيقة صمت" عن "الواقع" طيلة حلقاته الـثلاثين، وظل المشاهد متابعاً لأدق التفاصيل.
المنفى الاختياري لبطلي العمل المطلوبين من قبل جهاز الاستخبارات السورية أقنع المشاهدين، خصوصاً أن المخرج التونسي شوقي الماجري ختم في نهاية المسلسل قصة الشخصيتين الرئيسيتين في المسلسل، لكن أيضاً أقفل الباب على عقود من الدكتاتورية في سورية، لتنفجر بعدها الثورة وما تلاها من مجازر وقتل.
دلالات
المساهمون