قبل أيام، انطلقت حملة ضد بعض المغنين في لبنان، ودعوة إلى مقاطعتهم في لبنان، على خلفية إحيائهم مجموعة من الحفلات خارج البلد الذي يحيا في ظل أزمة اقتصادية ومعيشية، يبدو أنها مُستمرة.
منذ سنوات، باءت كل محاولات الفنانين اللبنانيين للتسلق على أوجاع الناس بالفشل. الحالة الاقتصادية في لبنان، مضى عليها سنوات، فيما يحاول الفنانون الاختباء وراء موقف أو تغريدة يطلقونها، كنوع من المشاركة أو "المساندة" التي لا تسهم بالحد من صعوبة الواقع المعيشي، فيما يعمد بعضهم الآخر إلى التسلق على أكتاف السياسيين وتلبية طلباتهم في المشاركة بإحياء حفلات تُمجد من حضور السياسيين أنفسهم، وتتخذ من تبادل المصالح بين المغنين ورجال السياسة العنوان العريض لتوثيق أو ترابط هذه الصداقة.
القصة بدأت عندما اعتذر الفنان العراقي كاظم الساهر عن إحياء حفل داخل المملكة العربية السعودية، ضمن فعاليات "موسم الرياض". صاحب "زيديني عشقاً" قال إن الانتفاضة الشعبية في العراق، وقضاء أكثر من 300 مواطن جراء المواجهات، هما السبب الوحيد، في اعتذاره.
الساهر الذي فض جميع عقود حفلاته بعد الاحتجاجات في بلده الأم، اعتذر أيضاً عن إصدار أي عمل جديد، ريثما تتضح الصورة الحقيقية لمأساة المواطن العراقي. كان الساهر يعتزم إطلاق مشروع فنّي جديد، حاول إنهاء تسجيله في الولايات المتحدة الأميركية التي يقيم فيها هذه الأيام.
بخلاف ذلك، انتُقد زميل الساهر، الفنان العراقي ماجد المُهندس، بسبب إحيائه حفلاً ضمن فعاليات "موسم الرياض" نفسه، المُهندس حاول التحايل على الانتقادات بطريقة غير مباشرة، والقول إنه فنان سعودي حمل الجنسية قبل سنوات، لكن ذلك لم يمنع منتقديه من استكمال سيل الانتقادات؛ ما دفعه إلى الاعتذار، ناشراً تغريدة على تويتر يساند فيها الشعب العراقي متمنياً له السلام، في محاولة منه لتبييض صفحته أمام الجمهور الغاضب.
العدوى انتقلت سريعًا إلى لبنان. مجموعة من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي شنّوا هجومًا واسعًا على بعض الفنانين الذين يقيمون الحفلات ويرقصون على المسارح، بينما لبنان يعيش أزمة اقتصادية لم يشهدها من قبل. فيما تساءل بعضهم الآخر: ألا يعاني الفنانون من أزمة مالية جرّاء ما تقوم به المصارف؟ وماذا عن المساعدات العينية والمعنوية التي بإمكانهم القيام بها لمساعدة بعض الحالات التي يشاهدها العالم يوميًا على مواقع التواصل ومحطات التلفزة، والتي أفضت إلى تسجيل أكثر من ثلاث حالات انتحار منذ ثلاثة أسابيع. والتساؤل حول كيفية تَغنّي الفنانين بأنهم مع الناس ويساندون مطالبهم فقط عبر التغريدات، وهم لم يسعوا حتى للتبرع بأجر حفلة واحدة دعمًا للفقراء والمعوزين، في وقت تعمل بعض الماكينات الإعلامية، أو حتى حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، على مساندة بعض الذين يعانون من شحّ مالي، وتأمين المأكل لهم بعد أزمة المصارف التي أرخت بظلها على الفقراء، وحتى ميسوري الحال، بخلاف الفنانين الذين لم يحركوا ساكنًا، سوى الكلام عن دعم تجاه سلطة أصبحوا مع الوقت هم جزءًا منها.