حرب النجوم: اتهامات تعسفيّة ومنافسات خارج ميدان الفن

23 نوفمبر 2014
محمد عبده قلّل من قيمة صوت الساهر(العربي الجديد)
+ الخط -
هل حقاً كانت سيّدة الغناء العربي أمّ كلثوم، وراء مقتل (غريمتها الفنية) وصاحبة الصوت الكريستالي، أسمهان، تلك الشخصية الجدلية والاستثنائية في تاريخ الغناء العربي الحديث؟

لا شكّ أن هذا السؤال سبق أن تكررعبر تاريخ الفن، مثلما تكررت مشاهد الحروب بين الفنانين لأسباب مختلفة، لتبقى كل تلك القصص شاهدة على جوانب معتمة داخل كواليس عالم النجوم. ومع أنه من المستبعد تورط أم كلثوم في قتل أسمهان عام 1944، إلا أن تلك الحرب الخفية التي لم تعلن يوماً كانت دافعاً حقيقياً لاتهام كوكب الشرق بأنها خافت من منافسة الحسناء الشامية ذات الصوت الخلّاب والحضور الآسر. ذلك أن مَن يطّلع على حياة هذه الأخيرة يدرك تماماً مدى خطورة علاقاتها السياسية ومدى تورطها في بعض الأمور، التي يمكن أن تجعل أكثر من جهة تستفيد من موتها، بل وتسعى إليه. لذلك، فإن المرجح أن أم كلثوم لا ناقة لها ولا جمل في مصرعها.

غير أنّ المشهد الفني المعاصر فيه من النوق والجمال ما لا يعدّ ولا يحصى، فالأمثلة كثيرة، وها هي فلّة الجزائرية تطل منذ أيام قليلة عبر برنامج "المتهم" لتطلق الرصاص على لطيفة التونسية، وتتهمها بتدبير قضية دعارة لها، غيرةً وحسداً، ومحاولة منها للاستئثار بالريادة في مصر، بعد أن نافستها فلّة بإمكانياتها الصوتية، في حين كانت لطيفة قبلها قد سخرت منها في إحدى طلاتها مع طوني خليفة.

غير بعيد عن هذا الجو، نجد الإماراتية أحلام، التي لطالما جمعتها حروب مع فنانات، وخصوصاً مع مطربتين من الكويت، هما شمس ونوال، وإن كانت نوال أقل انفعالاً، فإن شمس وأحلام تصلان بسهولة إلى مستويات التلاسن العلني عبر تويتر والانستغرام، مثلما حدث أخيراً بسبب فريق كرة قدم.

ولا تقتصر الحروب المعاصرة على الفنانات أو المبتدئين، بل نجدها أيضاً بين الفنانين الكبار، من أمثال محمد عبده وكاظم الساهر، مع التأكيد على أن "قذائف الهاون" تكون دائماً موجهة من جبهة محمد عبده نحو القيصر وليس العكس، ففنان العرب يصرّ دوماً على التقليل من عبقرية القيصر كاظم الساهر، ويفتح بين الفينة والأخرى حرباً لا داعي لها معه من خلال تكرار توجيه ملاحظات على صوته، فيصرّح أنه تمنى لو كان صوت كاظم الساهر أحلى ليحصل على قاعدة جماهيرية أوسع، وهو أمر يثير السخرية دائماً منه، لأن كاظم الساهر يملك فعلياً قاعدة جماهيرية تتفوّق على محمد عبده، خصوصاً في بلدان المغرب العربي والشام والعراق، ما يدفع بالقيصر أكثر من مرة إلى التعامل مع تصريحات فنان العرب بصدر رحب ويترفّع عن الرد عليها، ما يجعل الصحافة والجماهير تقف إلى جانبه.

إن المتأمل في تاريخ الحروب الفنية، على كثرتها المدهشة في هذا الزمن المعاصر بين مختلف طبقات الفنانين، لا بد أن يتذكر مثلاً المنافسة الشريفة والنبيلة بين عبد الحليم وفريد الأطرش، التي وإن حالت دون تعاونهما مع بعضهما غنائياً، فإنها لم تمنعهما من الإبداع كلّ في مسيرته، من أجل التفوّق والوصول إلى المجد، ولا شك أن مقارنة فناني ذلك الزمن ممّن كانوا يتحاربون ويتنافسون من أجل الفن، مع معظم فناني هذا الزمن الذي تشتعل حروبهم لأسباب تافهة، وتصريحات "تحشيشية"، هو ظلم للفئة الأولى من جهة، وللتاريخ من جهة أخرى.

غير أنّه لا بد أن نتساءل عن دور مختلف وسائل الإعلام المتطفلة ومواقع التواصل الاجتماعي التي أدمنها بعض الفنانين المعاصرين، في جعلهم ينحدرون إلى الملاسنات التي لا تليق باحترامهم لأنفسهم ولجماهيرهم، بعدما تكسر الحاجز المنيع بينهم وبين الجماهير، ونزلوا من الأبراج العاجية التي عاش فيها الفنان قديماً، لتكشف عن انفعالاتهم الطبيعية ومعادنهم الحقيقية، وتنشر أخلاقهم بلا فوتوشوب أمام الناس.
المساهمون