بوجه واجم، يتوجه أشرف الحلو، مدرّب الأسود المصري الشاب، إلى "جومانة"، اللبؤة ذات الأربع سنوات ونصف: "جوجو... أنا زعلان"، فيما تتردد هي في الاستجابة لتعليماته بأداء حركاتها الاستعراضية في غرفة الاستقبال بمنزل أسرته.
ومنذ أن قررت الحكومة المصرية، في منتصف مارس/ آذار، حظر تجول مسائي، وإغلاقاً كلياً في أثناء ساعات الحظر، في إطار التدابير لمكافحة فيروس كورونا الجديد، أوصدت أبواب السيرك القومي الذي كان آل الحلو، وهم مروضو أسود توارثوا مهنتهم أباً عن جد، يقدمون عروضهم فيه، فأقدموا على نقل عروضهم إلى المنزل للبقاء على اتصال مع جمهورهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
وحصد أول عرض قدَّمه آل الحلو على حساباتهم على "إنستغرام" و"فيسبوك"، الشهر الماضي، آلاف المشاهدات. وهم يأملون الحصول على مزيد من المشاهدات للعرض المقبل وبعض الدخل.
في غرفة الاستقبال الكبيرة المربعة التي تبلغ مساحتها 80 متراً مربعاً، أُزيح الأثاث لفسح المجال للحلبة التي ستقدم فيها "جومانة" عروضها.
ووُضعت في المكان منضدتان صلبتان، ومقعدان دون ظهر، يستخدمها المروضون عادة في السيرك. ويقول أشرف الحلو: "قبل الكورونا، كانت الأمورُ تسير جيداً لأن الناس في مصر يحبون السيرك، ويأتون لمشاهدة الأسود، ولكن كل شيء توقف".
وإذا كان الحلو يؤكد أنه حتى الآن "يستطيع تدبير أموره" لسداد رواتب قرابة 30 موظفاً وإطعام نحو 40 أسداً، إلا أنه يقر بأنه لن يستطيع تحمل "استمرار الوضع كما هو لفترة طويلة". وفي زمن الجائحة هذا، استغل آل الحلو شهرتهم لنشر رسالة، وهي "ابق في البيت، أمّن نفسك"، وذلك من خلال العروض التي تقدمها "جومانة" عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي انتظار أيام أفضل، تتدرب "جومانة" في شقة أسرة الحلو التي تقع في الدور الثامن بمبنى إسمنتي ضخم في وسط القاهرة، من أجل العرض المقبل الذي سيُبَثّ في عيد الفطر، أي خلال أقل من أسبوعين.
ويقول أشرف الحلو: "هذه أول مرة أنقل أسداً كبيراً إلى البيت". ويضيف، فيما يقف إلى جواره شقيقه يوسف وشقيقته بشرى، وهما مروضا أسود كذلك: "تضايقت والدتي في أول الأمر بسبب خوفها على أثاث المنزل".
ويوجّه أشرف أمراً إلى "جومانة" للتحرك باللغة الفرنسية، بحسب ما تقتضي تقاليد الترويض. وتترك "جومانة" مقعدها لتقفز فوق طاولة خشبية، ثم تذهب لتلتهم قطعة لحم موضوعة في نهاية ممر خشبي.
وتستقل اللبؤة "جومانة" المصعد مرتين أسبوعياً مع مروضيها لإجراء التدريبات في منزل الأسرة. أما بقية الوقت، فهي تعيش في حديقة خارج المدينة مع حيوانات أخرى مملوكة لآل الحلو.
ويؤكد أشرف الحلو أنه "لا توجد أي مشكلة مع الجيران، فهم يثقون بنا". عندما تصل "جومانة" في قفصها الكبير الموضوع في سيارة أشرف الرباعية الدفع، يغلق آل الحلو ومساعدوهم مدخل البناية إلى أن تستقل اللبؤة المصعد.
ويقول مسؤول الأمن في المبنى حسين سليمان، إنه "لم يتلقّ أي شكوى". ويضيف: "الأسرة محبوبة والناس يأتون لالتقاط الصور مع (جومانة) أحياناً".
ويؤكد أشرف أنه يدرب حيواناته "بحب". ويضيف: "ضربات السياط موجودة فقط في الرسوم المتحركة، وهي صورة خاطئة عن ترويض الحيوانات المفترسة"، مؤكداً أنه يستخدم أحياناً عصا صلبة.
وبدأ أشرف مبكراً في السير على خطى أسلافه، إذ قدم أول عرض وهو في الخامسة عشرة من عمره. وباعتزاز يقول الشاب: "نحن أسرة مروضين، جدي محمد الحلو قتل في حادثة شهيرة عام 1978 عندما هاجمه الأسد (سلطان) في نهاية العرض".
ويتابع بفخر: "جدتي محاسن الحلو سُميت المرأة الحديدية لأنها أول سيدة في العالم العربي والشرق الأوسط روّضت الأسود". وكان والد أشرف، الذي اسمه محمد على اسم الجد، مروض أسود كذلك.
(فرانس برس)