"ليلة فارسية" في السعودية تشعل غضباً في إيران

08 مارس 2020
ليلى فروهر في الليلة الفارسية بالسعودية (تويتر)
+ الخط -
"ليلة فارسية" عاشها مهرجان "شتاء طنطورة"، بمنطقة العلا التاريخية في السعودية، ليلتي الخميس والجمعة الماضيين، خصصت لأغان إيرانية، لكنها لم تكن ليلة فنية خالصة، بل ذات دلالات سياسية في سياق الصراع القديم الحديث بين طهران والرياض.

ولذلك نالت الخطوة السعودية ما نالته من انتقادات واعتراضات حادة من داخل إيران، معظمها من الأوساط المحافظة، وسط ترحيب لأطياف من المعارضة الإيرانية في الخارج.

ودعت السعودية عدداً من أشهر المغنين الإيرانيين الذي يقيمون في الخارج، وهم من معارضي نظام الحكم في بلادهم، لعرض أغانيهم في المهرجان، لأول مرة تحت لافتة "موسيقى بلا حدود".

والإيرانيون المغنون الذي شاركوا في مهرجان طنطورة، هم سبعة مغنين ومغنيات مشهورين، من مجموعة المغنين المعروفين بـ"مغنو لوس أنجليس".

ليلة الجمعة، غنى أربعة منهم، هم المغنية ليلى فروهر، وشادمهر عقيلي، وأندرانيك مددیان المعروف بـ"أندي"، وشهرام شب بره.

وليلة السبت، قدم الثلاثة الآخرون أغانيهم، وهم آرش لباف وإبراهيم حامدي المعروف بـ"عبي"، وساسان حيدري يافته المشهور بـ"ساسي مانكن".

وفي تقرير، نشرته مساء السبت، يحمل عنوان "خيانة بلا حدود: إدارة الظهر للوطن من أجل حفنة من الدولارات النفطية"، تصدت وكالة "تسنيم" الإيرانية، المحسوبة على الخط المحافظ، للحفل، متسائلة عن سبب تخصيص السعودية ليلتين متتاليتين من المهرجان لمغنين إيرانيين بعدما جاءت بهم برحلات خاصة، بحسب قولها.

وأضافت "تسنيم" أن الحدث في الوهلة الأولى "يبدو فنيا"، وشعاره "موسيقى بلا حدود"، إلا أنها اعتبرته، في الوقت نفسه، "خيانة بلا حدود"، متهمة الرياض بتنظيم احتفالات فنية "للتستر على وجهها الحقيقي خلف جماليات الفن"، مشيرة في السياق إلى ما يجري في اليمن.

وصحيفة "فرهيغتغان" الإيرانية، هاجمت من جهتها، المغنين الإيرانيين لمشاركتهم في مهرجان "شتاء طنطورة"، متهمة إياهم بـ"بيع عزة دولتهم مقابل الريال السعودي".

أما على شبكات التواصل الاجتماعي أيضا، فكان لـ"اليلة الفارسية" صداها الواسع، بين استنكار وانتقاد وترحيب.

ومن استنكر الحدث، ذكر بإغلاق السعودية المسجد الحرام والمسجد النبوي أمام الناس بسبب كورونا، متسائلين باستغراب عن عدم إيقاف مهرجان "طنطورة"، حيث كتب المغرد محمود عظيمائي أن "من عجائب الدهر أن السعودية تعطل الحج لكنها تنظم حفلة الموسيقى للإيرانيين".

إبراهيم داروغه زادة، المسؤول بالقطاع الفني الإيراني ورئيس الدورة الثامنة والثلاثين من مهرجان "فجر" السينمائي، الذي انعقد خلال الشهر الماضي، علّق على "الليلة الفارسية"، في تغريدة، باتهام ولي العهد السعودي بقتل "الآلاف من الأطفال اليمنيين"، معتبراً أن "كان له الدور الأهم في إحداث المشكلات للشعب الإيراني خلال السنوات الأخيرة ونعلم أن الأموال السعودية هي التي أغرت ترامب بفرض عقوبات على إيران"، بحسب تعبيره.

وهاجم داروغه زادة المغنيين "شادمهر" الذي نال نصيب الأسد في الانتقادات والهجمات من المعترضين على المشاركة في المهرجان السعودي، و"عبي"، متسائلا "لماذا تصادقان عدو الشعب الإيراني؟".

وقارن البعض بين وقوف منظمة "مجاهدي خلق" الإيرانية إلى جانب النظام العراقي السابق في الحرب ضد إيران، وبين مشاركة المغنين في مهرجان "طنطورة" السعودي، معتبرا أنها تعني اصطفافهم إلى جانب الرياض في الصراع ضد طهران.

إلا أن ثمة مستخدمين إيرانيين أبدوا ترحيبهم بالخطوة السعودية ومشاركة المغنين الإيرانيين في المهرجان، ومنهم من اعتبر أنه لو كان هناك مجال لتنظيم هذه المهرجانات لما أقدم هؤلاء على الذهاب إلى السعودية.

في السياق، كتب حسن أسدي زيد أبادي، وهو ناشط سياسي، "لم أفهم سبب وجود مشكلة في تنظيم حفل موسيقي بالسعودية. هل لأنها هاجمت اليمن؟ إذا في أميركا التي قصفت هيروشيما، لا ينبغي أن يذهب أحد حتى إلى مراكز تعليم الموسيقى ناهيكم عن تنظيم حفلات".

كما كانت لمستخدمين تعليقات على تصريحات بعض من هؤلاء المغنين أثناء المهرجان، غلب عليها طابع الاستنكار، وسط ترحيب البعض بها. فعندما تحدث المغني "عبي" في مقابلة عن "تحولات كبيرة" في السعودية، هاجمه مغردون، مشيرين بسخرية إلى أن هذه التحولات هي "ذبح (الصحافي) جمال خاشقجي والحرب على اليمن وسجن نشطاء حقوق الإنسان"، كما كتب ذلك المراسل في قناة بي بي سي الفارسية، الأمر الذي يعني أن المهاجمين والمنتقدين لم يقتصروا على أنصار الحكومة الإيرانية.

المساهمون