المسلسلات المصرية: دراما تُصنع في غرفة الاستخبارات

20 ديسمبر 2018
اعترضت غادة عبد الرازق علناً على شركة الإنتاج (فيسبوك)
+ الخط -
حصلت "العربي الجديد" على تفاصيل ومعلومات جديدة حول الاجتماع الذي عقد بحضور مسؤولين في شركة "سينرجي للإنتاج الفني" التابعة لمجموعة "إعلام المصريين" التي استحوذت عليها شركة "إيجل كابيتال للاستثمارات المالية"، وهي صندوق استثمار مباشر مملوك لجهاز المخابرات العامة المصرية، مع 13 مؤلفاً وكاتب سيناريو ممن يكتبون الأعمال الدرامية المقرر عرضها في رمضان المقبل، والمتعاقدين فقط مع الشركة. 

وأكد مصدر حضر الاجتماع لـ"العربي الجديد"، أن الدعوة لذلك الاجتماع جاءت من قبل رئيس جهاز الاستخبارات اللواء عباس كامل، وليس بمبادرة من المسؤولين في الشركة التي يرأسها تامر مرسي.

وقال المصدر الذي رفض ذكر اسمه، إن اللواء عباس كامل حرص على حضور الاجتماع من أوله إلى آخره، وتحدث كثيراً عن ضرورة تقليل نفقات الإنتاج، وعدم القدرة على إنتاج عدد كبير من المسلسلات، والتركيز على كل ما هو إيجابي، وعدم تقديم العشوائيات في الدراما، أو الإساءة للضباط سواء ضباط الجيش أو الشرطة.

وتحتكر الشركة المملوكة للاستخبارات سوق الإنتاج التلفزيوني حالياً بعدما اضطرت معظم شركات الإنتاج الفني الأخرى إلى الخروج من السوق، وعلى رأسها شركة "العدل غروب"، بعد أن اتخذت مجموعة "إعلام المصريين" عدة إجراءات في رمضان الماضي، ومنها منع عرض مسلسلات لشركات أخرى على شاشاتها في شهر رمضان الماضي وتأجيلها إلى موسم آخر.



وحتى الآن لم يتم عرض مسلسل "أرض النفاق" على شاشة "أون" رغم أنها القناة التي تملك حق العرض في مصر، وهو ما أثار حالة من الغضب بين الفنانين، ومنهم النجمة يسرا والنجم محمد هنيدي، اللذان لم يجدا مجالا لعرض مسلسليهما على قنوات مصرية بسبب أن عمليهما من إنتاج "العدل غروب"، وكما قال مصدر في شركة الاستخبارات لـ"العربي الجديد"، فإن "تامر مرسي يحمل الكثير من العداءات الشخصية مع عدد من المنتجين، ومنذ أن تولى رئاسة (إعلام المصريين) لا هم له إلا تصفية أعدائه وإزاحتهم من السوق، حيث يروج للقيادات العليا أن هؤلاء المنتجين يقدمون أعمالا جريئة، تحمل مشاهد لا تصلح لدخول المنازل ويسيئون إلى مصر، وهو ما وجد صدى عندهم، وخصوصا أن تلك النظرة تتماشى مع رؤية السيسي نفسه للفن، والذي سبق له أن قال في مؤتمر للنجمين يسرا وأحمد السقا "ربنا هيحاسبكوا على ما تقدمون من أعمال واسألوا نفسكم دايماً عن الرسالة الإيجابية في العمل".

وكانت الفنانة غادة عبد الرازق هي أول فنانة من نجوم الصف الأول تقرر الاعتراض علنا على ملامح خريطة الدراما الجديدة، فقد كتبت على صفحتها على إنستغرام أن مجموعة "إعلام المصريين" تحاربها: "مش عايزنى أشتغل السنة دي في الدراما، مش أنا بس، ناس كتير جدا فنانين، وبيقولوا هنقعدكم في البيت ولو مش عاجبكم، ولو سألتهم بتتكلموا باسم مين.. يقولك باسم الجيش أو المخابرات، هل ده صحيح؟ مجرد سؤال علشان الوسط الفنى كله بيسأل معايا، ده حقيقة ولا كذبة". ولكنها وبعد ساعات من تفاعل رواد شبكات التواصل الاجتماعي، حذفت غادة عبد الرازق ما كتبته.

وحسب المنشور في صحيفة "الشروق" المصرية، تضمن الاجتماع مع كتاب الدراما "شرح الأزمة المالية الصعبة التي يمر بها سوق الإنتاج الدرامي وما فرضه من تقليل عدد الأعمال المنتجة هذا الموسم إضافة إلى تخفيض أجور كل العاملين بداية من نجوم الصف الأول وحتى أصغر عامل في المسلسل، بعد أن تم تحديد ميزانيات معقولة تتناسب مع الوضع الجديد، في إشارة إلى انتهاء عصر الملايين الكثيرة التي كانت تهدر في بند الأجور والاهتمام الأكبر بجودة العمل وخروجه بشكل مرضٍ".

وعلم "العربي الجديد" أن النجم يحيى الفخراني الذي اعتاد على تقديم عمل تلفزيوني جديد كل عام، رفض المشاركة هذه السنة في أي أعمال درامية، وذلك بعد أن طلب منه عن طريق أحد صحافيي الفن في مؤسسة قومية والمعروف بعلاقاته الوثيقة مع الأمن هو وشقيقه "المذيع المشهور"، تخفيض أجره من 15 مليون جنيه إلى 7 ملايين جنيه فقط (الدولار يساوي 17.90 جنيها)، وهو الأمر الذي قابله الفنان السبعيني بالتحجج بأنه مشغول بالتحضير لمسرحية جديدة، حتى لا يحسب عليه أنه رفض طلباً للمخابرات.

وبالفعل قام النجوم الآخرون المتعاقدون مع "سينرجي" بتخفيض أجورهم، إذ حصلت مي عز الدين على 5 ملايين جنيه فقط بعد أن تقاضت في العام الماضي 15 مليونا، وخفض النجم مصطفى شعبان أجره من 7 ملايين إلى 4 ملايين، وذلك حتى يحافظا على وجودهما في سوق الدراما، كما خفضت ياسمين عبد العزيز أجرها إلى 5 ملايين جنيه.

وبحسب المصدر الذي حضر اجتماع المخابرات وتحدث لـ"العربي الجديد"، فإن اللواء عباس كامل هو الذي طلب من كتاب السيناريو الـ13 المتعاقدين مع الشركة المملوكة للاستخبارات، وضع مسألة النفقات في اعتبارهم في أثناء كتابة الأعمال، وعدم كتابة مشاهد تتطلب ميزانيات كبيرة، ومشاهد لا تحتاج إلى أموال كثيرة".

وكانت "الشروق المصرية" قد قالت إن المسؤولين بـ"سينرجى" "طلبوا من كتاب السيناريو عدم كتابة مشاهد (أكشن)، خاصة أن هذه المشاهد تحتاج لمحترفين يتقاضون مبالغ كبيرة، إضافة إلى أن تصويرها يزيد من عبء ميزانية العمل، إضافة إلى عدم كتابة مشاهد تتطلب السفر للخارج وما يتبعه من تأجير معدات بالعملة الصعبة، إضافة إلى تكاليف إقامة فريق العمل بالخارج ودفع إيجارات تصوير بالأماكن المختلفة واستبدال هذه الأماكن بأماكن أخرى في مصر تساهم في ترويج السياحة ويتم توفير المال من ورائه".

ولكن المصدر أكد لـ"العربي الجديد"، أن تلك المطالب كانت تعليمات من رئيس الاستخبارات شخصياً.

وقالت الصحيفة المصرية الوحيدة التي نشرت تفاصيل من ذلك الاجتماع أيضاً أن "جموع المؤلفين الذين حضروا الاجتماع أبدوا تفهمهم الشديد للوضع الذي تعاني منه الدراما المصرية، وقالوا إنه أصبح من الواجب على كل العاملين في هذه الصناعة أن يتضامنوا ويتكاتفوا حتى يتم عبور هذه الأزمة بسلام، واعتبروا أن الأمر يمثل تحديا كبيرا لهم بأن يقدموا عملا قويا يحظى بقبول ورضا الجمهور وفي الوقت نفسه بميزانية معقولة".

وكان من بين المؤلفين الذين حضروا هذا الاجتماع كل من محمد عبد المعطي، ومحمد سيد بشير، وأمين جمال، ومحمد صلاح العزب، ومحمد عز، ومصطفى صقر، وهاني سرحان، وأيمن وتار، وباهر دويدار، ومصطفى عمر.

من ناحية أخرى، تداولت شخصيات من الوسط الفني المصري منشوراً قيل إنه قائمة بالممنوعات والمحاذير في الدراما المصرية ممنوع على الكتاب الاقتراب منها، وهي (عدم ظهور أي ضابط في شكل سيئ أو فاسد أو مرتش أو مشارك في أعمال ممنوعة، وأيضا عدم ظهور المناطق الشعبية بشكل عشوائي أو متدن شكلا وموضوعا، وأخيرا من غير المسموح وجود الكباريهات أو ملهى ليلي أو بارات حتى لو بطريقة كوميدية).


وكانت المخرجة كاملة أبو ذكري قد أثارت جدلاً قبل شهرين حينما كتبت على صفحتها على "فيسبوك" معترضة على ما يحدث في سوق الدراما المصرية هذا العام، موضحة أن هناك ما يقرب من 300 فرد يعملون في المسلسل، وليس النجوم والمخرج والمؤلف فقط. وأضافت أن "المسلسلات المصرية صناعة كبيرة.. أكتر من 2 مليون بني آدم بيأكلوا عيش منها.. السنة دي الناس دي كلها حتقعد في البيت.. تم إيقاف أغلب المسلسلات والحقيقة ماعنديش معلومة أكيده إيه السبب.. إللي عارفاه إن الناس دي كلها مش حتلاقي تأكل والأسعار زادت ودخلهم توقف.. لو حد فاهم ليه بيحصل كده يا ريت يفهمونا ويقولولنا إيه البديل علشان نعيش بعد ما السينما كمان قفلت أبوابها والأسعار زادت بجنون".


المساهمون