المسلسلات المصرية: صراع مع الزمن والمنطق وكورونا

06 ابريل 2020
نيللي كريم مرتقبة بـ"100 وش" (كاميلا مراندي/Corbis)
+ الخط -
في كل عام، تعاني المسلسلات المصرية من تأخر تصوير حلقاتها حتى الأيام الأخيرة من شهر رمضان، لدرجة أن بعض المشاهد تصوَّر تقريباً على الهواء، من أجل اللحاق بموعد العرض والتسليم. هذا العام، لم يعد الأمر فقط في التأخر والجدول المضغوط لدرجة العمل 24 ساعة، بل أيضاً في وباء يجتاح العالم، وحظر تجول لمدة 11 ساعة يومياً في مصر، يجعل ظروف التصوير مستحيلة. ومع ذلك، لم يصدر أي قرار رسمي بوقف المسلسلات، بسبب الخسائر الفادحة التي ستنتج من هذا القرار. بعض المنتجين استسلموا بالفعل، وأوقفوا تصوير أعمالهم، والبعض الآخر مستمرون حتى هذه اللحظة في محاربة الزمن والمنطق ووباء كورونا وحظر التجول، في رهانٍ على تحقيق معجزة ما، والقدرة على إنجاز 30 حلقة.

أسعد المسلسلات حظاً على الإطلاق هو "فالنتينو" للممثل عادل إمام وإخراج نجله رامي إمام. إذ انتهى التصوير بالفعل منذ 3 أشهر، وذلك نظراً لأن الخطة الأساسية لهذا العمل كانت العرض في رمضان 2019. وبعد الانتهاء من كتابته وتصوير أغلب أحداثه، أدت بعض المشكلات والاتفاقات المالية إلى تأجيله، ليصبح ذلك أفضل سيناريو محتمل لصنَّاعه، فلا مخاطرة للتصوير في ظل الوضع الوبائي (وخصوصاً أنّ بطله إمام سيكمل الثمانين عاماً بعد أسابيع قليلة). وفي الوقت نفسه، هو العمل الوحيد المضمون عرضه في رمضان، ما يعني نسب مشاهدة غير مسبوقة.

ولكن على الجانب الآخر، هناك أعمال توقفت بالفعل وبشكل حاسم، من أهمها "هجمة مرتدة"، من بطولة أحمد عز وهند صبري، وهو مسلسل من ملفات المخابرات المصرية، وتفترض أحداثه السفر للتصوير بين أكثر من بلد.

ومع حظر الطيران منذ أسابيع، فإن صناعه قرروا التوقف، وإكماله في وقت لاحق. أمر مشابه حدث مع مسلسل "القاهرة كابول"، الذي يتشارك في بطولته خالد الصاوي وطارق لطفي وفتحي عبد الوهاب، وتدور أحداثه حول مطاردة لإرهابي يسعى إلى تنفيذ بعض العمليات في المنطقة. ونظراً للسفر، وتنفيذ بعض مشاهد الحركة الصعبة في الفترة الحالية، فضل صناعه التأجيل لرمضان 2021.

مسلسلات أخرى قرر صناعها التوقف، لأن تصويرها كان قد بدأ متأخراً بالفعل، وبالتالي ستتعرض لخسائر أقل؛ مثل مسلسل "خيط حرير" من بطولة مي عز الدين، و"أسود فاتح" من بطولة هيفاء وهبي، و"فرصة تانية" لياسمين صبري، وكذلك "ليالينا" من بطولة غادة عادل وإياد نصار، و"سكر زيادة" الذي يجمع نادية الجندي ونبيلة عبيد.

بينما هناك أعمال قرر صناعها وقف التصوير مؤقتاً لمدة أسبوعين لتبيان ما سيحدث، مع تكثيف العمل على السيناريو في ذات الوقت لتصبح مدة الحلقات أقل (بمتوسط 20 دقيقة للحلقة الواحدة)، وذلك من أجل إنهاء 30 حلقة، ولكن بعدد ساعات ومدة تصوير أقل. ومن بين تلك الأعمال غير الواضح مصيرها حتى الآن: "سلطانة المعز" لغادة عبد الرازق، و"الفتوة" من بطولة ياسر جلال، و"دهب عيرة" من بطولة يسرا وإخراج سامح عبد العزيز.

أما القسم الأخير، فهو المسلسلات التي قررت أن تستكمل تصويرها وأن تتعامل مع مسألة العرض الرمضاني بشكل حاسم ومصيري، رغم كل العقبات. محمد رمضان أصدر قبل أيام "بوستر" مسلسله "البرنس"، وكذلك العرض الدعائي الأول له، في تأكيد لاستمرار التصوير واللحاق بالعرض. الأمر نفسه ينطبق على مسلسل "النهاية" ليوسف الشريف الذي يدور في عالم مستقبلي عام 2120، وبالتالي فأغلب التصوير يجري داخل الاستوديو وديكورات مخصصة للعمل، لذلك قرر صناعه الاستكمال، ولو أدى ذلك إلى البقاء داخل الموقع لأيام.

وعلى الرغم من صعوبة مواقع تصوير وأحداث مسلسل "الاختيار"، من بطولة أمير كرارة، الذي يدور حول حياة قائد كتيبة الصاعقة في الجيش المصري أحمد المنسي، الذي استشهد في مدينة رفح عام 2017 إثر عملية نفذها هشام العشماوي، إلا أن العمل يلاقي كل التسهيلات الممكنة من الدولة المصرية من أجل إنهاء تصويره وعرضه في رمضان، خصوصاً أن التفاعل معه الآن سيكون أعلى كثير من العام المقبل، نظراً لإعدام عشماوي قبل أسابيع قليلة بعد إدانته بتخطيط جرائم إرهابية وارتكابها.

أما باقي المسلسلات المستمرة في التصوير دون توقف فهي "لعبة النسيان" من بطولة دينا الشربيني وإخراج هاني خليفة. ويحاول صناعه الانتهاء من المشاهد الخارجيَّة أولاً في ظل الوضع الحالي، مع إبقاء مشاهد الاستوديو ومواقع التصوير الداخلي لاستكمالها خلال الأسابيع المقبلة.

كذلك مسلسل "تقاطع طرق" من بطولة منى زكي ومحمد فراج وإخراج تامر محسن، و"بـ100 وش" لنيللي كريم وآسر ياسين وإخراج كاملة أبو ذكري، و"رجالة البيت" من بطولة أحمد فهمي وأكرم حسني وإخراج أحمد الجندي، وهو المسلسل الكوميدي الوحيد المقرر عرضه في رمضان حتى الآن، وتدور أحداثه في حلقات منفصلة، وبالتالي يرى صناعه أن التوقف في أي لحظة سيكون أقل ضرراً من مسلسلات أخرى. وأخيراً، هناك مسلسل "ليه لأ"، من تأليف مريم نعوم وإخراج مريم أبو عوف وبطولة أمينة خليل، وكان قرار استكماله أسهل بكثير، لأن أحداثه تدور في 15 حلقة فقط، وبالتالي هناك منطق في تكثيف التصوير والانتهاء منه في ظل الوضع المتأزم.
دلالات
المساهمون