أطلق المسبار الأوروبي الأميركي "سولار أوربيتر"، ليل الأحد/الإثنين، من فلوريدا باتجاه الشمس، التي سيدرس، خلال العقد المقبل، عواصفها المشحونة بجزيئات يمكن أن تسبب أعطالًا على الأرض.
وفي إطار شراكة مع وكالة الفضاء الأميركية "ناسا"، أطلق صاروخ أميركي مسبار وكالة الفضاء الأوروبية بنجاح، الأحد، عند الساعة 23.03 (04.03 ت غ، الإثنين)، من كاب كانافيرال في ولاية فلوريدا، وهو ينقل 10 أدوات علمية لمهمة تقدر كلفتها بـ1.5 مليار يورو.
وبعد مروره بمداري الزهرة ثم بعطارد، سيقترب المسبار الذي تبلغ سرعته القصوى 245 ألف كيلومتر في الساعة، إلى مسافة 42 مليون كيلومتر من الشمس، أي أقل من ثلث المسافة بين الأرض والشمس.
وبعيد إطلاق المسبار، قال دانييل مولر، الذي يعمل في مشروع وكالة الفضاء الأوروبية: "أعتقد أنّ الأمر كان مثاليًا، فجأة أصبح لدينا الانطباع بأننا متصلون بالنظام الشمسي بأكمله".
Facebook Post |
وصرحت هولي غيلبرت، مديرة قسم علوم الفيزياء الشمسية في "ناسا": "لدينا هدف مشترك هو تحقيق أكبر استفادة علمية من هذه المهمة، وأظن أننا سننجح".
وأوضح الباحث في المعهد الوطني الفرنسي للبحوث العلمية ماتيو برتومييه لوكالة "فرانس برس"، أنّ مهمة "سولار أوربيتر" ستتمكن من خلال هذا المسبار من "معاينة الشمس بصورة مباشرة".
Facebook Post |
وتحمي المسبار درع حرارية، إذ تبلغ الحرارة حوالي 600 درجة مئوية، وقال إيان والترز، مدير المشروع في شركة "إيرباص" التي صنعت المسبار: "عند الاقتراب جدًا من الشمس، لا نواجه مشكلة في الطاقة بل في درجات الحرارة المرتفعة جدًا".
وستضاف البيانات الجديدة إلى تلك التي جمعها مسبار "باركر" الذي أطلقته "ناسا" في 2018، واقترب مسافة أكبر بكثير من النجم (7 إلى 8 ملايين كيلومتر)، لكن من دون تقنيات مراقبة مباشرة بسبب الحرارة المرتفعة للغاية.
وسيتمكن المسبار الأوروبي، من خلال 6 أدوات لالتقاط الصور عن بعد، من أخذ صور للشمس على مسافة غير مسبوقة، ومن شأن ذلك أن يظهر للمرة الأولى قطبي الشمس اللذين لا تُعرف عنهما حاليًا سوى المناطق المدارية، كذلك ستستخدم 4 أدوات قياس "ميدانية" أخرى، لسبر أغوار البيئة المحيطة بالشمس، ويكمن الهدف الرئيسي للمهمة في "فهم كيف تكوّن الشمس غلافها الجوي وتتحكم به"، وفقًا لما قالته آن باكروس، المسؤولة عن إدارة المهمة والحمولة في وكالة الفضاء الأوروبية.
Facebook Post |
ويقع الغلاف الجوي في تيار مستمر من الجسيمات تسمى "الرياح الشمسية"، وهي متنوعة بشكل كبير بطريقة غامضة، وتقطع أحيانًا هذه الرياح عواصف ناجمة عن انفجارات تتسبب في إطلاق سحابة من المجال المغناطيسي، وجسيمات مشحونة تنتشر في الفضاء، ومن الصعب توقع حصول هذه العواصف التي لديها تأثير مباشر على كوكب الأرض، فعندما تضرب الحقل المغناطيسي للأرض، تتسبب في شفق قطبي جميل وغير ضار، لكن يمكنه أن يكون أكثر خطورة مما هو عليه.
Facebook Post |
وقال ماتيو برتومييه: "يعطّل هذا الأمر البيئة الكهرومغناطيسية لدينا، وهذا ما نسميه طقس الفضاء الذي قد يؤثر على حياتنا اليومية"، وحصلت أعتى عاصفة شمسية في تاريخ البشرية سنة 1859 في ما عرف بـ"حدث كارينغتون". وأدت هذه الظاهرة إلى ضرب شبكة التلغراف في الولايات المتحدة، فصعق التيار موظفين واحترق بعض الورق في المحطات، كما أمكن رؤية الضوء الشمالي في نقاط غير مسبوقة وصولًا إلى أميركا الوسطى.
وفي العام 1989 في مقاطعة كيبيك الكندية، أدى تغير الحقل المغناطيسي الأرضي إلى نشوء تيار كهربائي على درجة عالية، تسبب بالتواتر بقطع التغذية عن شبكات الكهرباء، وانقطاع هائل في التيار الكهربائي، كذلك يمكن أن تؤدي الانفجارات أيضًا إلى تعطيل الرادارات في المجال الجوي (كما في العام 2015 في الأجواء الاسكندنافية)، والترددات الراديوية وتلف الأقمار الاصطناعية.
وأوضح برتومييه: "تخيلوا نصف الأقمار الاصطناعية مدمرة، ستكون كارثة للبشرية!".
من جهتها، أملت آن باركروس بأن تسمح مراقبة المناطق الشمسية المرتبطة مباشرة بمصادر الرياح، "بتطوير نماذج لتحسين رصد" العواصف الشمسية.
وستستغرق رحلة المسبار عامين، أما مهمته العلمية فستحتاج إلى ما بين 5 و9 سنوات، لكنّ سيزار غارسيا، مدير المشروع في وكالة الفضاء الأوروبية، قال، الجمعة، إنّ المسبار بعد 10 سنوات، سيبقى فيه ما يكفي من الوقود لمواصلة عمله، إذا سارت الأمور على ما يرام.
(فرانس برس)