"نقابة الموالعة": رابطة ساخرة لناشطين يمنيين

21 يوليو 2018
النقابة بدأت بالهزل وتحولت لاحقاً لمناقشة قضايا جدية (Getty)
+ الخط -
يعرّف اليمنيون أن نقابة الموالعة اليمنيين "ماضغي شجرة القات في اليمن"، هي نقابة افتراضية ولدت في مواقع التواصل الاجتماعي، حين أسسها عدد من الناشطين للسخرية من الواقع السياسي للبلد، والذي أنتجته الحرب التي تدور رحاها للعام الرابع على التوالي.

وزادت معرفة اليمنيين بهذه النقابة، من خلال احتفالها بما سمته "عيد الغصن" والذي وافق 12 يوليو/ تموز، حيث تم الاحتفال بمظاهرة إلكترونية في مواقع التواصل الاجتماعي تمثلت بتزيين الصور الشخصية بإطار "عيد الغصن". ومن ثم رفع لافتات توعوية حول ترشيد مضغ نبتة القات تم تعليقها في شوارع المدن الرئيسية التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية والانقلابيين. وكذلك حفلات فنية في يوم العيد في عدد من المدن، أبرزها الحفل الذي نظمه فرع النقابة بمدينة تعز اليمنيَّة، وأحياه الفنان صبري السقاف والفنان محمد علي بأغاني العود التراثية.

 لكن ما يجهله كثير من اليمنيين أنَّ النقابة الافتراضية والتي بدأت بالهزل، وتحولت في مراحل لاحقة لمناقشة قضايا جدية، قد قام بتأسيسها شاعران من كتَّاب قصيدة النثر، وهما مروان كامل وكمال شعلان، كما أن النقابة تضم في قيادتها أسماء شعرية أخرى، مثل فخر العزب وخليفة علوان، وآخرين.



وخلال الاحتفال بعيد الغصن، أعلنت نقابة الموالعة اليمنيين عن أهدافها، حيث أدرجت ضمن أهدافها الاهتمام بالتراث والأدب والثقافة اليمنية والارتقاء بها، وكذلك توعية الناس وتنويرهم والدفاع عن مصالحهم من خلال نقد الواقع بطريقة ساخرة لاذعة، وتقديم الحلول الناجعة لمشاكل البلد، وذلك ضمن أهداف أخرى، تتمثل بالوصول بشجرة القات إلى العالمية، وكسر الحظر الدولي عنه، وتصديره للخارج بما يحقق الفائدة القومية للبلد، وتصحيح النظرة المغلوطة تجاه متعاطي هذه النبتة من الشعب اليمني، وكذلك ترشيد وضبط عملية استهلاك وإنتاج القات، وتطوير عملية مضغ القات البدائية، والانتقال بها إلى طُرق حديثة أقل في الكلفة، وأوفر للوقت، وأسهل للتصدير وتغطية الاحتياج العالمي، بالإضافة إلى تنظيم منتسبي هذه النقابة من كافة المكونات السياسية في البلد، وتأطير غير المنتمين، وضمهم تحت كيان سياسي جديد يكون له شأنه وتأثيره وعصبته بين الأمم.



ويقول نائب نقيب الموالعة اليمنيين، الشاعر فخر العزب، لـ"العربي الجديد": "إن النقابة ومن خلال احتفالات عيد الغصن قد قامت بتحمل المسؤولية التي لم تقم بها وزارة الثقافة من خلال إحياء فعالية عيد الغصن بحفل فني تم التركيز فيه على إحياء التراث اللامادي المتمثل بالفلكلور والمهاجل والأغاني والألحان الشعبية، والتي غالباً ما ارتبطت بأعمال الفلاحة في الريف اليمني، وهو التراث الذي يكاد ينقرض في ظل زحف المظاهر المدنية التي تجتاح المناطق الريفية، وهو ما يهدد الإنسان اليمني في هويته وثقافته وتراثه الحضاري. كما أننا نسعى لاستعادة اللبس الشعبي والصناعات التقليدية، ومواجهة الخطر الذي يواجه التراث المادي واللامادي على حد سواء، خاصة في محافظة تعز التي تعتبر محافظة غنية بالتراث".

ويضيف العزب أنّ النقابة كذلك تبنت الجانب التوعوي في ترشيد استخدام القات، بهدف القضاء على الظواهر السلبية لدى الموالعة في الجوانب الاقتصادية والصحية. "فقد حرصنا أولا على التوعية أن القات ليس مادة مخدرة، وأن على المولعي غسل القات قبل مضغه للتخلص من السموم، لأن بعض مزارعي القات يستخدمون السموم، ما يؤثر على صحة المولعي. كذلك حرصنا على توعية المولعي بتوفير مصاريف واحتياجات البيت قبل ذهابه لشراء القات، وهذا من جانب الترشيد الاقتصادي، أي أننا ركزنا في أهداف النقابة على ترشيد عملية استخدام القات، وكذلك إحياء التراث الثقافي والفكري، وتبني خط سياسي واضح رافض للحرب، ومنحاز لتطلعات الشعب في أن يعم السلام كل اليمن".




وقد أثار احتفال نقابة الموالعة اليمنيين بعيد الغصن جدلاً في أوساط الناشطين اليمنيين بين مؤيد للفكرة ومعارض لها، خاصة في ظل تحولها التدريجي من السخرية لمناقشة قضايا أكثر جدية وتحديد خطها السياسي والاجتماعي ورسم ملامحه في خطابات قيادة النقابة والتي ألقيت في احتفالات عيد الغصن. وأبرزها تبني قضية الشهيد أمجد عبدالرحمن، نقيب موالعة عدن، والذي قتل على يد متطرفين بسبب أفكاره التنويرية. وإعلان النقابة أنها ستعمل على تشكيل فريق من المحامين لتبني قضيته أمام المحاكم المحلية والدولية.

وقد قام عدد من الناشطين المناهضين لعيد الغصن الافتراضي بالترويج للاحتفال بالبن اليمني، والذي اعتبروه نقيضاً للقات، فيما يرى أنصار وأعضاء نقابة الموالعة اليمنيين أن القات والبن يكمل بعضهما الآخر باعتبارهما مادتين منبهتين وترمزان لليمن ولهويته التاريخية، كما أنهما مادتان موجودتان في كل بيت يمني.


وقال الصحافي محمد اللطيفي، بمنشور في صفحته على "فيسبوك"، إن نقابة الموالعة رابطة ساخرة تضم ناشطين سياسين واجتماعيين ومتحزبين عجزوا عن ممارسة السياسة والتعبير عن ذواتهم، ضمن الإطار السياسي الحالي، فهربوا للتعبير عن أحلامهم الثورية وتطلعاتهم السياسية من داخل إطار اجتماعي عام يمثّله القات.

ويضيف: "يمكن القول إن هذه النقابة المسيّسة، تمثل احتجاجاً نخبوياً شبابياً على انسداد أفق السياسة، وتعدُّ تعبيراً متمرداً على أداء النخب السياسية القديمة، واحتكارها للفضاء السياسي، أكثر من كونها، أي النقابة، تعبيراً اجتماعيّاً مدافعاً عن القات.
 
المساهمون