"حكايات تونسية" يثير الجدل: دعارة ومخدرات وأشياء أخرى

12 يوليو 2015
من المسلسل (قناة الحوار التونسي)
+ الخط -
"أولاد مفيدة"، و"ناعورة الهواء"، و"ليلة الشك،" و"حكايات تونسية"، هي أبرز الأعمال الدرامية التي بثتها القنوات التلفزيونية التونسية الرسمية والخاصة. وحقّق بعض هذه المسلسلات، خصوصاً مسلسلي "أولاد مفيدة"، و"حكايات تونسية" اللذين يعرضان على قناة "الحوار التونسي"، نسب مشاهدة تجاوزت في بعض السهرات الرمضانية 70 في المائة من نسب المشاهدة، وهو رقم، وفقاً للغة الإحصاءات، يدل على نجاح العملين في جذب النسبة الأكبر من الجمهور التونسي.
ولكن نفس هذا الجمهور التونسي أو جزء منه عبّر عن حالة غضب من هذه الأعمال التي اعتبرها "مسيئة للمجتمع التونسي" لما طرحته من مواضيع. وأبرز المسلسلات التي أثارت الجدل مسلسل "حكايات تونسية"، والذي اهتم بشكل أساسي بظاهرة الدعارة والمخدرات بلغة فيها الكثير من الجرأة. جرأة اعتبرتها منيرة الجلاصي التي تعمل في المجال التربوي في تصريح لـ"العربي الجديد": "مبالغ فيها وجعلتنا كأمهات في إحراج مع أطفالنا الذين يريدون مشاهدة التلفزيون والأعمال الدرامية التونسية، لكن مسلسل "حكايات تونسية" قدّم صورة سيئة جدّاً عن العائلة التونسية".
هذا الرأي الذي عبرت عنه الجلاصي تتقاسمه مع مجموعة كبيرة من التونسيين، ومنهم الكاتب سمير بن علي المسعودي الذي صرح لـ"العربي الجديد" بأن "مسلسل "حكايات تونسية" فيه ضرب متعمد لتركيبة الأسرة التونسية؛ الحصن الأخير الذي بقي للمجتمع التونسي، وكأني بصاحبه يعمل على ضرب بنية الهوية التونسية المرتكزة في جانب كبير منها على الأخلاق". وأضاف "يبدو لي أن العمل موجه لخدمة أغراض غير فنية؛ لأنه يقوم بعمليات إسقاط متعمد لبعض الأحداث خدمة لغرضه". هذا الغضب من مسلسل "حكايات تونسية" دفع الوجه المجتمعي المعروف ورئيس المنظمة التونسية للشفافية سامي الرمادي إلى توجيه "نداء إلى النيابة العمومية" و"الهايكا" جاء فيه "تبث قناة الحوار التونسي مسلسلاً عنوانه "حكايات تونسية". يعتبر هذا المسلسل قمة في التدني الأخلاقي، ويعطي صورة متدنية وقاتمة عن المجتمع التونسي، إذ يمثله وكأنه منغمس في الدعارة والخيانة الزوجية، والمخدرات... لذلك أدعو النيابة العمومية والهايكا لمنع بث هذا المسلسل، لما يمثله من خطر على شبابنا وعلى صورة المجتمع والوطن".
دعوة يعتبرها بعضهم تضييقاً على حرية الرأي والتعبير، ورفض رقابة غير مبررة على الأعمال الفنية بحجة الحفاظ على الأخلاق، إذ كتب الإعلامي التونسي بشير الصغير حول هذه القضية قائلاً "أرى بوادر أولى لمصادرة الفن عموماً استناداً إلى معايير أخلاقية، وهذا لا يستقيم، فمع الوقت قد تتطور البوادر إلى قواعد تصبح سدّاً منيعاً أمام كل التعبيرات الفنية. بقي أن أشير إلى أنه في رأيي البسيط مسلسل "حكايات تونسية" يبدو عملاً هزيلاً من الناحية الفنية والإبداعية بعيداً عن متاهات الأحكام الأخلاقية".
الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) أصدرت تقريراً رسمياً حول الأعمال الدرامية التي بثتها التلفزيونات التونسية في رمضان اعتبرت فيه أن "بعض الأعمال الدراميّة جاءت محمّلة بنسبة عالية من العنف بجميع أنواعه: الجسدي واللفظي والنفسي، والذي لم يكن دائماً موظفاً التوظيف الأمثل في السياق الدرامي، فبدا وكأنه مجاني ومبالغ فيه، وهو ما من شأنه التأثير السلبي في فئات واسعة من المشاهدين، خاصة الشرائح الاجتماعية الهشة مثل الأطفال والمراهقين والمراهقات. فقد تمّ رصد العديد من التجاوزات المتكررة للمعايير المعتمدة عموماً في مجال البث السمعي والبصري، لعل من أبسطها عدم وضع علامات تنبه إلى السن المسموح للمشاهدة، وفي ذلك خرق واضح لمقتضيات كراس شروط القنوات التلفزيونية الخاصة".
يبدو أن قضية الأخلاق وحرية الرأي والتعبير واحترام خصوصية المجتمع المستهدف من الأعمال التلفزيونية ستبقى واحدة من القضايا المطروحة فى الساحة الإعلامية والثقافية التونسية إلى حين الحسم فيها بتأسيس ثقافة جديدة يكون عمادها الحرية المسؤولة.

اقرأ أيضاً: رؤوف بن يغلان: دعوا الفن يواجه الإرهاب
المساهمون