رمضان إذ فضح غربة الفنّ العربي عن الواقع

03 يوليو 2014
+ الخط -

الشرق انفلت من عقاله. كما لو أنّ الشياطين خرجت من أوكارها وقرّرت أن تأكل الأخضر واليابس.

"داعش" التي تدّعي أنّ زعيمها "أمير المؤمنين" تقتل وتغتصب وتأسر وتحتلّ مناطق واسعة بين العراق وسورية ولبنان، وتعلن "الخلافة الإسلامية" بقيادة أميرها أبو بكر البغدادي.

و"حزب الله"، اللبناني الأصل، الذي يدّعي أنّ زعيمه الإيراني هو "وليّ أمر المسلمين"، يمسك بلبنان، وبات قوّة تدخّل في قمع الثورة السورية ودعم نظام الأسد، وقريباً ربما في دعم نظام نوري المالكي في العراق.

والمستوطنون اليهود، الذين يدّعون أنّهم "شعب الله المختار"، يشنّون حملة جديدة ضدّ الفلسطينيين آخر فصولها اختطاف الطفل محمد أبو خضير وإحراقه والتنكيل بجثته.

في الأسبوع نفسه كان العرب يجتمعون فقط حول تشجيع منتخب الجزائر في مونديال كأس العالم(!) ويشهدون بداية شهر رمضان، بما بات يعنيه من مسلسلات درامية، جديدها 120 عملاً جديداً هذا العام.

معظم المسلسلات تتراوح مواضيعها بين الكوميديا والتراث والتاريخ والمجتمع، لجهة العائلة والخيانة الزوجية والمال.

قليلة الأعمال التي تطرّقت إلى "أطراف" الربيع العربي، مثل "حلاوة روح". لكن بالطبع لم يذهب أيّ منها إلى لبّ المأساة التي تعيشها الدول العربية، وهي الصراعات المذهبية. أي الصحوات الداعشية والحالشية (حزب الله) واليهودية.

هكذا يجلس عشرات، أو مئات، ملايين العرب أمام شاشاتهم قبل الإفطار وبعده، فيشاهدون، لساعات وساعات، حكايات وقصصاً، ويتعلّقون بتفاصيل التفاصيل، التي لا تشبه واقعهم في العمق.

الغناء أيضاً في غربة. اقتصرت مشاركات المغنّين والمطربين العرب، خلال السنوات الأخيرة، على "عراكات" صحافية وتصريحات بدعم هذا الطرف أو ذاك، من دون "إضافة" جديّة، إن في دعم ربيع العربي، أو حتّى في دعم الأنظمة المتداعية.

السينما العربية أيضاً في كوما لا تُحسَد عليها. والبعض فضّل التريّث والتوقف عن الإنتاج بانتظار جلاء غبار الشرق. لكنّ السينما، التي كانت في لحظات مفصلية تترك بصماتها وتقول رأيها، تبدو منسيّة اليوم. ما خلا بعض الأعمال التي تشبه "إباحية" فيلم هيفا وهبي الممنوع في بعض الدول العربية.

الفنّ العربي في غربة إذاً. ورمضان فضح هذا الفنّ إذ جمع نجوم الكتابة والإخراج، ونجوم الغناء (ميريام فارس وهيفا وهبي وسيرين عبد النور...) والتمثيل (نجوم سورية ولبنان ومصر والخليج...) والسينما (عادل إمام وأحمد حلمي...) في مسلسلاته الـ120، وأظهر كم أنّ الفنانين في غربة عن واقعهم.

المساهمون